أنقل لكم فيما يلى من كلمات تجربتى مع أحد الطوابير فى مكتب بريد فى مكان ما فى مصر والتجربة تخرج عن كونها تجربة مواطن مع "الطابور" لكنها تتعدى ذلك لتلقى أضواء على سلوكيات المواطن المصرى تجاه قضاياه ومشكلاته وحتى لا أطيل فى التقديم لهذه التجربة أو فلنقل لهذا الموقف ندخل فى الموضوع:
استيقظت من النوم واجتهدت أن أكون مبكرا فى مكتب البريد حتى أرسل بحوالة مالية لأحد الأصدقاء فى محافظة بعيدة عنى لدفع مصروفات مستحقة على فى الجامعة ووصلت إلى مكتب البريد وفوجئت بالزحام الشديد فى إرسال الحوالات إلا أنى لاحظت وجود طابورين فالتحقت بأحد الطوابير بعد سؤالى للموجودين عن آخر واحد فى الطابور ثم وقفت انتظر تحرك الطابور إلى الأمام مالئا قلبى بالأمل فى الوصول أخيرا إلى موظف الشباك لإرسال الحوالة إلا أن الطابور كان يمشى ببطئ والحق يقال إن ذلك لم يكن خطأ الموظف - رغم أنه يقوم بإرسال حوالات لأشخاص داخل المكتب- لكن السبب كان فى تسلل بعض الأشخاص ودخولهم فى الصف دون وجه حق وهو النموذج الأول فى تجربتى فهذا هو المواطن الذى يدخل مسرعا متجاهلا الطابور ومعتقدا أنه "أنصح" من أولئك المغفلين الواقفين فى الطابور فيدخل من باب المكتب مباشرة إلى الشباك دون الاعتبار لأولئك الواقفين منذ ساعات،
دخل المتسلل وسمح له بعض الواقفين بالدخول بعدما أقنعهم بضرورة دخوله نظرا لظروف عمله وأنه"مستعجل" وكان الآخرون ليس لديهم عمل وليسوا "مستعجلين " بعد قليل جاء متسلل آخر لكن الشخص الذى كان يقف أمامى كان إيجابيا ورفض أن يدخل هذا الشخص فى الطابور وقال له :"لو سمحت يا باشمهندس فى صف" فأثار ذلك غضب المتسلل فقال له حانقا:"هو مفيش غيرك انت اللى يتكلم؟" وهنا تدخلت أنا وقلت له:"لا يا باشمهندس كلنا بنقولك فى صف إحنا هنا بقالنا ساعة ومينفعش تبقى لسه جاى وتدخل قبلنا" وبعد محاولات ووساطات من آخريين تمكن المتسلل من قضاء مصلحته وسط غضب وقلة حيلة الواقفين فى الطابور،
بدأ الأمل فى وصولى إلى موظف الشباك يزداد لاسيما ولم يتبق أمامى إلا الشخص الإيجابى الذى عارض دخول المتسلل وشخص آخر لكن ايجابية هذا الرجل لم تدم طويلا فهو نفسه قابل أحد أصدقائه الذى لم يكن عضوا فى الطابور وطلب منه صديقه هذا أن يرسل له حوالته مع الحوالة التى ينوى إرسالها ما يعنى دخول شخص جديد إلى الطابور وإن كان بشكل غير مباشر نظرت إليه فى أسى وكأننى أنعى إليه إيجابيته فطأطأ رأسه ومضى يرسل حوالته وحوالة صديقه فى هذه الأثناء جاء شخص آخر ليس فى الطابور واتخذ له مكانا بين الطابورين وبدأ يقترب شيئا فشيئا من الشباك لكنه كان تحت نظرى طوال الوقت ذلك لأننى كنت قد تعبت من الوقوف وأريد أن احتفل بوصولى إلى الشباك لكنه بحركة مفاجأة اخترق الطابور ودخل أمام الشخص الذى أمامى وهنا كلمته وطلبت منه الخروج من الطابور والالتزام لكنه رفض الاستجابة فكلمت موظف الشباك مخبرا إياه أن هذا الرجل متسلل وليس فى الصف فطلب منه الموظف الالتزام وعند ذلك شعر بفشل خطته فقال ناظرا إلى:"شكلك عايز تتظبط عالصبح" ومن منطلق التأكد قبل اتخاذ إجراء قتالى ضده سألته:"انت بتكلم مين ياباشمهندس؟" فرد والغضب يحتويه:"انت حد كلمك يا عم انت" وهنا دخلنا فى مشادة كلامية اتهمته فيه بأنه ليس شجاعا ويتبع أسلوب النساء فى تلقيح الكلام وعلا صوتنا مما أدى إلى حضور عسكرى شرطة و سأل عن سبب المشكلة فأخبرته أن هذا الشخص يريد اختراق الطابور والتعدى على دور الآخريين فطلب منه الشرطى الالتزام والعودة إلى آخر الطابور وهنا تدخل الشخص الذى يسبقنى فى الصف قائلا:"خلاص خلاص يا جماعة خلوه يدخل وخلاص" فقمت بتهييج الجماهير عليه وطلبت منه الخروج من الطابور وإدخال هذا الشخص مكانه إذا كان يريده أن يدخل فرفض وانتظرت حتى انتهى من حوالته ودخلت إلى الشباك وسط نظرات يتطاير منها الشرر من ذلك المتسلل لاسيما وقد كشفته وفضحته بل وجعلت الواقفين فى الصف يعترضون عليه ويطالبونه بالعودة إلى آخر الصف ولم أنس أن أثير فيهم الحماسة قائلا:"أنا بعت حوالتى خليكم كده هنا للصبح طالما الناس بتدخل من عند الشباك" فثار المكتب وماج فهممت خارجا رافعا راية النصر على السلبية والسلبيين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة