رصدت ندوة "التراث الثقافى المصرى بين القطيعة والاستمرار" ضمن أعمال معرض القاهرة الدولى للكتاب حقيقة أن الثقافة الشعبية حياة كاملة بقيمها وأركانها، وهى الدرع الذى وقى الشخصية المصرية مخاطر عدة.
وأرجعت الندوة ذلك إلى عدة عوامل منها خروج الجماعة إلى الانفتاح، ومن تجليات مورثاتنا الشعبية الفنون الشعبية ومنها الحرف التراثية، التى تحمل الكثير من سمات وعلامات الشخصية المصرية.
ويقول الباحث الفولكلورى الدكتور عز الدين نجيب، إن ملامح هذه الفنون تمتد حتى يتأسس عليها أجيال جديدة، لكن المتابع يكتشف هبوط مؤشر تلك الحرف، فى غياب سياسة شاملة تتبناها الدولة، وهناك جهود كثيرة من جانب هيئات رسمية وشعبية تحاول قدر استطاعتها دعم تلك الحرف.
وتضيف الباحثة الدكتورة نهلة إمام "نحن فى حاجة لإبراز فكرة الاستفادة من الحرف التراثية اقتصاديا، لدرجة أن الطبقة الراقية هى التى تبتاع منتوجات الحرف التراثية أكثر من الطبقات المتواضعة، فبيوت الأثرياء الآن يوجد بها الخزف والحصير والفخار على سبيل تجميل فيلاتهم وقصورهم.
وأشارت إلى أن هناك حرفا طالتها يد باطشة، فالكثير من الناس يرون أن "الفانوس" التقليدى فى طريقه إلى الزوال، ورغم ذلك أنا غير خائفة على حرفنا التراثية لأنها تنتج أشياء تفرض نفسها، وستعود لتنتشر من جديد حتى لو تغيبت لبعض الوقت .
وأوضحت الباحثة الدكتورة نهلة إمام، أن هناك بعض المنتجات التى افتقدناها زمنا ثم عادت تنتشر فى أكبر بيوت المصريين، فضلا عن إقبال الأجانب عليها، لافتة إلى أن الحرف التراثية المصرية قادرة على أن تكون لسان حالنا.
وأشارت إلى أن لدينا تجربة فى مركز الإبداع الشعبى الموجود فى بيت السحيمى لتوثيق الحرف التراثية المصرية، ومن خلال بحوثنا فى المركز اكتشفنا أن لدينا أكثر من 365 حرفة تراثية مصرية.
وأكدت أنه عن طريق باحثينا حصلنا على 31 ألف صورة لمنتجات الحرف المختلفة والمتباينة والموجودة فى شتى محافظات مصر، فكل محافظة لها حرفها التراثية، والحرف التراثية المصرية هى طريقنا لأننا لن نستطيع المنافسة فى مجال التكنولوجيا العالية.
ويقول الباحث طلبة عبد الغنى، وهو من رعاة الحرف "إن الحرف التراثية المصرية فى المنزلق الأخير"، مشيرا إلى أنه فى السبعينيات والثمانينيات كانت لدينا حالة من الفوران السياحى تنعش سوق تلك المنتوجات، لكن الآن تكدست المنتجات وغاب المشترى.
وأضاف أنه فى بعض الدول العربية وزارات معنية بالحرف اليدوية والتقليدية، أما فى مصر فهجرها شيوخ الحرفة، مما أدى إلى هبوط سوق المنتوجات التى ينتجها الحرفيون المصريون.
وأشار الباحث طلبة عبد الغنى إلى أنه من المفروض أن تقوم الجمعيات الأهلية بأدوار مشابهة لإنقاذ الحرف التراثية المصرية، وهناك أموال فى وزارة الثقافة يجب أن تصل لمستحقيها من أصحاب الخبرة فى مجالات الحرف التراثية، لو كان لدينا الرغبة فى الحفاظ على كنز الحرف التراثية المصرية.
وبدوره يقول الدكتور مصطفى جاد "إن هناك باحثين أجانب يسطون علينا علميا فيما يخص الحرف التراثية، ويستنفرون عبقرية الإبداع المصرى لصالحهم، وعلينا إنقاذ الحرف التراثية بغاية السرعة، وعلينا أيضا توثيق تلك الحرف".
فيما أعرب الباحث حسن سرور عن تفاؤله لأن التراث لا يمكن أن يندثر، لافتا إلى جمعية بتاح التى تترأسها الدكتورة هدى لطفى، تقوم بالتدريب على حرفة الفخار، منوها بأن هناك 6 خريجين استطاعوا تأسيس ورش خاصة لتلك المنتجات.