مدحت قلادة

حُكم إعدام سياسى

السبت، 06 فبراير 2010 06:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما نضع شعاراً للعدالة وهو امرأة معصوبة العينيين وتحمل ميزاناً للعدل فهذا ليس لغواً!! فالمقصود أن العدالة بقدر ما هى رحيمة فهى ناجزه وباترة لا تفحص فى وجوه البشر، هذا أبيض وذاك أسود، هذا جميل وآخر قبيح، فاستقلالية القضاء عامل رئيس لضمان العدالة (بمعنى أن القرارات والأحكام القضائية لا بد من أن تصدر بحيادية كاملة وهى غير خاضعة لنفوذ السلطات الأخرى) "التنفيذية والتشريعية" أو لنفوذ المصالح الخاصة من رجال السياسة والأحزاب... ففى بعض الدول مثل المملكة المتحدة يشغل القاضى عمله مدى الحياة ضماناً لاستقلالية القضاء من خلال إبقاء القضاة لمدد طويلة وأحياناً مدى الحياة فى مناصبهم وجعل إزاحتهم من مناصبهم أمراً صعباً.

وفى نفس السياق
ففى مقال للدكتور سليم نجيب القاضى المصرى بمدينة تورنتو "كيف كان القضاء المصرى الشامخ فى العصر الليبرالى" فقد وقعت واقعة مع شيخ قضاة مصر آنذاك المرحوم سيد باشا مصطفى حينما كان رئيساً لمحكمة النقض فلقد امتدح وزير العدل آنذاك القضاة فى مصر، فما كان من شيخ القضاة إلا أن انتقد وزير العدل بشدة قائلاً له:- "من يمتدح القضاء يستطع أيضاً أن يذمه وينتقده مما يعد تدخلاً سافراً من السلطة التنفيذية فى السلطة القضائية وهدد بالاستقالة إن لم يعتذر وزير العدل على ما قاله وفعلاً اعتذر فوراً وزير العدل. أليس هذا هو قمة القضاء النزية الشامخ؟؟ تُرى ماذا كان سيحدث الآن فى هذا العصر؟! رحم الله هذا العهد الليبرالى العظيم الذى أنجب لمصر قضاة عظاما سيذكرهم التاريخ دائماً أبداً أمثال المرحومين عبد العزيز باشا فهمى، سيد باشا مصطفى، كامل بك لطف الله، كامل باشا مرسى، والفقيه العلامة الدكتور عبد الرزاق باشا السنهورى رئيس مجلس الدولة الذى أصدر العديد من الأحكام لتصحيح مواقف الحكومة الخاطئة والسراى الملكية.

ومن ناحية أخرى فى السبعينيات من القرن الماضى كان أحد القضاة الكنديين ينظر فى قضية معروضة أمامه وأثناء سير القضية تلقى مكالمة تليفونية من مكتب أحد الوزراء "يستعلم" فقط فى أمر هذه القضية، فما كان من هذا القاضى إلا أن فجر أزمة دستورية يتهم هذا الوزير بتدخل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية وأثير هذا الموضوع فى البرلمان الكندى والصحافة الكندية، مما أدى إلى إرغام هذا الوزير على الاستقالة من الوزارة.

ولكن العدالة فوق الجميع
أما فى دول العالم الثالث فهناك تدخل واضح بين السلطات بعضها البعض، بل هناك أحكام تصدر بقرار سياسى ومثال واضح لتداخل السلطات بعضها البعض، حديث الدكتور فتحى سرور مع إذاعة البى بى سى يوم الأول من فبراير وهو تصريح فى غاية الخطورة للأسباب الآتية:

أولاً: قوله بأن الجريمة ضد أقباط مصر ليست طائفية مناقضاً بذلك حديث السيد رئيس الجمهورية حسنى مبارك فى خطابه يوم الخامس والعشرون من يناير أنه سيضرب بيد من حديد ضد مسببى أحداث الفتنة الطائفية.

ثانياً: بأن فتاة فرشوط قتلت جراء الاعتداء عليها وهو ينافى الواقع إذ إن الفتاة ما زالت حية ترزق حتى الآن.

ثالثاً: قوله بأن ليست هناك فتنة طائفية وإن ما حدث نتيجة لحوادث الاعتداء على فتاة مسلمة يؤدى إلى تدهور الأمور أكثر وأكثر وإعطاء ضوء لتكرار تلك الجرائم فى مناحى المحروسة.

رابعاً: قوله بأن فتاة فرشوط ماتت نتيجة الاعتداء ليس فقط مخالفا للواقع، بل يؤدى للتأثير على القضاء المصرى ويخالف أيضاً تقرير الطبيب الشرعى وأقوال المجنى عليها فتقرير الطبيب الشرعى يؤكد أن الفتاة لم تجبر بالقوة ولم تخطف، فقد ذكرت فى التحقيق أن المتهم (حاول) الاعتداء عليها ولم تذكر أنه (اعتدى عليها)!!

إن حديث الدكتور فتحى سرور يصيب العدالة فى مقتل لأنه ألصق تهمة القتل والاعتداء للشاب جرجس رومانى جرجس رغم أن التحقيقات لم تنته بعد.

محاولة الدكتور فتحى سرور إثبات للعالم أجمع أن الأحداث فردية جنائية بحتة وليست طائفية جعله يحيد عن الحقيقة والنتيجة حكم بالإعدام على شاب من الممكن إثبات براءته من واقع الأدلة وتقرير الطبيب الشرعى واعترافات المجنى عليها وهى لم تمت بعد.

أخيراً: تتميز دول العالم الثالث بعدم الفصل بين السلطات الثلاثة بل من الممكن جداً أن تتواجد السلطات السالف ذكرها فى شخص واحد!! حيث ترى رجلا فى ثقل الدكتور فتحى سرور أستاذ القانون الجنائى ووزير التعليم السابق ورئيس مجلس الشعب المزمن يتحدث بلهجة رجل القبيلة وليس رجل القانون وهو ما يضعه تحت طائلة القانون ويجوز لأى مواطن أو محام رفع دعوى ضده طبقاً لقانون العقوبات المصرى لتدخله فى قضية ما زالت رهن التحقيق والمحاكمة.. مما يوثر على حسن سير العدالة.

أخيراً: ألا يكفى الظلم الذى يعانيه أقباط مصر فيجب أن يقدموا على مذابح العدالة ليحاسبوا على جرائم لم يرتكبوها قط.

"ملك صالح خير من شرائع عادلة" مثل دنمركى
"لا أعرف خطيئة أعظم من اضطهاد برىء باسم الله". من أقوال غاندى





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة