حنان كمال

مصر ضد المقاومة: أسئلة وأجوبة حول الجدار العازل

الجمعة، 05 فبراير 2010 07:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سأحكى لك قصة، أسماء إبراهيم هى طالبة بكلية الآداب جامعة القاهرة، اختلفت مع أستاذة الجغرافيا بالكلية ماجدة محمد أحمد جمعة، سبب الخلاف باختصار أن الأستاذة تصر على تسميتها فى الخرائط "إسرائيل"، وأسماء تصدق أنه لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف، على الأقل لا اعتراف، وهو الموقف الذى التزمت به الجامعات المصرية لأكثر من نصف قرن تضامنا مع الضمير الجمعى المصرى، الأستاذة تبدو عملية وواقعية أكثر من هذا الضمير، وقد كان ردها الوحيد على طلابها الغاضبين أن قالت لهم "إسرائيل.. هى اسمها كده.. دى دولة اعترف بها العالم أجمع، واللى هيكتب غير كده فى الامتحان هيسقط"، وعليه فقد تقدم الطلاب بشكوى لمجلس الكلية الذى قام بحفظها بتاريخ 26 يوليو 2009، تطور الموقف حيث قامت الأستاذة برفع دعوى سب وقذف ضد تلميذتها سوف تنظرها المحاكم فى 4 فبراير الجارى. انتهت الحكاية ولا أحد يعرف بعد هل هى فلسطين، أم إسرائيل.
السؤال التالى: لماذا تدافع عزيزى المصرى عن قيام الحكومة المصرية ببناء جدار فولاذى عازل على حدودها مع غزة؟؟ ستقول لى إن بناء الجدار هو شأن داخلى، ومسألة تتعلق بالسيادة المصرية فوق أراضيها، طيب هل من حق السيادة المصرية فوق أراضيها أن تبنى جدارا فولاذيا، أو منشآت عازلة على حدودها مع ليبيا أو السودان، دون موافقة الطرف الآخر على الحدود؟؟، أقول لك، يمكن أن يحدث هذا فى حالتين اثنتين فقط، إما أن توافق الدولة الجارة، وفى حالتنا هنا فقد وافقت إسرائيل، أو أن تكون فى حالة حرب مع الدولة الجارة، ويبدو أننا فى حالة حرب مع سلطة حماس فى غزة، هل هى فلسطين أم إسرائيل؟، أقدم إجابتى هذه كى تكون فرصة مثالية للتوفيق بين أستاذة الجغرافيا وتلميذتها فى الحكاية السابقة، هى إسرائيل، حين نتحدث عن السلام، وهى فلسطين، حين نتحدث عن الحرب. وكفى الله الأساتذة شر المحاكم.

أنا أذاكر الجغرافيا جيدا، وكذلك التاريخ، وأعلم أن علاقة النظام المصرى مع حماس ليست طيبة، إذ إن الأخيرين محسوبون على الإخوان المسلمين (المنافس المحتمل المتصور للنظام المصرى)، وأن حماس لم تخف ذلك، بل إنهم بايعوا علنا المرشد العام الجديد للجماعة، فى إشارة واضحة للترابط، لا تقل لى إذن الحجج والأكاذيب التى تتردد منذ حوالى شهر فى الإعلام المصرى حول منع التهريب، والضبط الأمنى، والمخاوف من استيطان أهل غزة لسيناء، لأنك تعرف أكثر منى رفض الفلسطينيين منذ ما قبل النكبة إلى ما بعد النكسة لمشاريع التوطين، ولأنك ولا شك حصيف بما فيه الكفاية لتعرف أيضا أن اعتماد غزة على تهريب السلع المصرية لمواجهة الحصار لن يؤثر إلا بالإيجاب على الاقتصاد المصرى، مسببا له مزيدا من الرواج، ولأن الضبط الأمنى هنا ليس إلا إحكاما للحصار تحقيقا لما تعهدت به مصر فى اتفاق أمنى وقع فى اليوم الأخير لوجود جورج بوش فى السلطة، وفقا لما نشرته يديعوت أحرنوت، مؤكدة أن هذا الجدار من ضمن ما اتفق عليه. قل إذن هى خصومة بين النظام و"الإمارة الإسلامية بغزة" طبقا لما تسميها الصحف القومية. قل إذن هو انخراط فى المشروع الأمريكى فى أسوأ صوره أيام جورج بوش الابن متعه الله بحياة ما بعد الرئاسة، لكن لا تتحدث عن الأمن القومى ولا مصالح مصر.
اعلم أيضا أن النظام المصرى متوافق أكثر مع سلطة فتح الحاكمة للضفة الغربية، متناسيا أن هؤلاء أيضا تعود خلفياتهم السياسية لجماعة الأخوان المسلمين، فكل قيادات فتح بدءا من أبو عمار، وأبو جهاد، وحتى أبو مازن انتموا لجماعة الإخوان المسلمين، وكانوا سعوديو الهوى فى عز الزمن الناصرى، الفارق أنهم ارتضوا أن يكونوا جزءا من مشروع التسوية بعد سنوات طويلة من الرفض، بدأ أبو عمار - رحمه الله - مشروع التسوية بتحفظات كثيرة، انتهت به نحو ميتة غامضة، وواصله أو مازن بلا تحفظات، انتهت به نحو سكتة سياسية.. لتبقى حماس على الساحة هى الطرف الذى يروح ويجىء ويتفاوض، ويحاصر، ويقاوم، ويحارب، وحين نقول إن مصر فى حالة عداء مع حماس لا نكون ابتعدنا كثيرا عن مقولة إن مصر فى حالة عداء مع فلسطين. ولأن مصر منحازة للتسوية، أية تسوية، فهى ضد تيار المقاومة. هذا ما أتفهمه من النظام، لكن عزيزى المواطن المصرى لماذا أصبحت أنت أيضا ضد تيار المقاومة؟ أنا أقصد هنا قطاعا كبيرا من المصريين صار طافيا على وجه تيار الرأى العام، وليس كل المصريين بالطبع.
قل لى كيف سنحرر فلسطين، وأقل لك أنا لماذا صرت أنت أيضا ضد المقاومة، إنها مقاومة إسلامية، وأنت إذا كنت مسيحيا فأنت ترى أن بها إقصاء للآخر، وإذا كنت يساريا أو ليبراليا ترى أن بها خللا أيدلوجيا فادحا، وإذا كنت مع تيار تحرر المرأة فأنت لا ترى بها أكثر من سلطة تعمل على تحجيب النساء، الأكثر مدعاة للسخرية أنك إذا كنت إسلاميا فأنت لا ترى الجهاد إلا كما يقدمه لك أبو إسحاق الحوينى، (راجع فتاويه على موقع اليوتيوب)، حيث يعرف الجهاد بأنه المهمة التى تذهب إليها فتعود محملا بالمال ومتزوجا من ثلاث نساء، وجارا خلفك قبيلة من الأبناء، وأنت أذكى من أن تتصور أن الجهاد مع حماس قد يقدم لك أى شىء من هذا، فالجهاد هناك أجره إما النصر أو الشهادة، وغالبا حتى هذه اللحظة لم نر إلا الشهادة. وفى ظل كل هذه التشابكات قل إذن: كيف سنحرر فلسطين؟؟ أو قل لى أولا: هل هى فلسطين، أم إسرائيل؟؟
با قولك إيه؟؟ وجعت لك دماغك؟؟ روح شوف ماتش كورة أحسن.
* كاتبة مصرية مقيمة فى دبى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة