عندما يفقد المبدع قدرته على الخلق والابتكار، عندما تعانده الأفكار، ويشعر بأن هناك مراوغات يلعبها مع نفسه، تلك هى الأزمة التى يعانى منها جويدور الذى يجسده دانيال دى لويس فى فيلمه السينمائى الجديد Nine والذى يعرض حاليا بدور العرض المصرية، وهو مقتبس عن نفس فكرة فيلم للمخرج الإيطالى الراحل فللينى بعنوان «ثمانية ونصف» إنتاج عام 1963 وأيضا تم تقديمه فى مسرحية عام 1982.
جويدو أو المايسترو مخرج سينمائى بين سبعة نساء هن والدته صوفيا لورين وزوجته ماريون كوتيار «لويزا» والعشيقة بنيلوبى كروز أو «كارلا» والملهمة نيكول كيدمان «كلاوديا» ومصممة الأزياء والصحفية الأمريكية المهتمة بالموضة كيت هادسون «ستيفانى» وصديقته المقربة جودى دانش «ليلى» والسيدة التى كان يذهب إليها هو وأصدقاؤه فى فترة المراهقة حيث تفتحت عيناه على كل ما يتعلق بالجنس من خلالها ستايسى فرجسن أو «ساراجينا».
ورغم أن Nine يحمل طيفا للمخرج الإيطال الراحل فللينى ومستوحى من رائعته «ثمانية ونصف»، فإنه يختلف عن روح السينما الإيطالية، حيث يقدم مارشال توليفته الهوليودية الخاصة، من الإمتاع والإبهار، وتبدأ أزمة الفيلم مع المخرج المبدع جويدو أو المايسترو فى إشارة إلى فللينى الذى يستعد لفيلمه الجديد «إيطاليا»- ولكن تعانده الأفكار ولا يستطيع صياغة سيناريو الفيلم رغم أن كل شىء جاهز من ملابس وإكسسوارات وديكور وبطلة تعاقد معها، فيما عدا السيناريو حيث يعانى المخرج إضرابا حقيقيا ووسط المعاناة تتداخل وتتقاطع شخصيات من حياته وتحديدا الوجوة النسائية.
تتوزع خطوط الدراما وتدور ما بين أزمة هذا المبدع الذى يراوغه إبداعه وحياته الخاصة ولحظات شديدة الإنسانية جسدها دانيال دى لويس بخفة شديدة، بدءا من مشهد خوفه من حضور المؤتمر الصحفى الخاص بفيلمه الجديد خصوصا أنه لا يملك سيناريو يتحدث عنه، وهروبه من المؤتمر إلى منتجع يحاول فيه التقاط أنفاسه، ويلتقى بعشيقته بينلوبى كروز فى محاولة للتغلب على إحساسه بالمرض والذى يلازمه عند استعداده لفيلم جديد، ورغم أن دانيال دى لويس كان متخوفا فى البدء من تجسيد دوره لشعوره بعدم قدرته على الغناء والرقص وإجادته فقط مشاهد الأكشن والجرى والقفز وهو ما صرح به فى أحد حواراته قبل تصوير العمل، إلا أن روب مارشال نجح فى إقناعه بالدور وأكد له أن قادر على أدائه، واضطر دى لويس إلى اتباع تمرينات معينة لكى يكتسب ليونة تسمح له بالرقص بحرية.
ولم يكن اختيار دى لويس هو المفاجأة الوحيدة لدى مارشال بل استطاع أن يضع كل نجماته فى إطار مختلف، يرقصن ويغنين بأداء مبهر موسيقى راقص، حتى كيت هيدسون التى فاجئتنا بقدرتها على الرقص والغناء، وأعاد مارشال صوفيا لورين من جديد والتى مازلت جميلة كعادتها وقدمت دور والدته فى عدد مشاهد قليلة.
وقد يرى البعض أن «ناين» أقل من شيكاغو لروب مارشال أو أنه لم يخرج عن نفس الإطار الاستعراضى المفضل له، ولكن نجح مارشال فى تقديم متعة بصرية وسمعية، فأنت وسط أجواء خاصة جدا، تحتفى بالموسيقى والاستعراض يجسدها نجمات جميلات، وأيضا نجم شديد التألق حصل على الأوسكار، ونجح مارشال بشدة فى توظيفهن وصياغة شكل بصرى خاص بالفيلم حيث استخدم تصوير الأبيض والأسود فى لقطات وسرعان ما كان ينتقل إلى الألوان فى إيقاع مونتاجى ملىء بالنبض يجعلك أمام فيلم يغسل روحك بكل تفاصيله الفنية واستعراضاته.
لمعلوماتك..
>> 2 أوسكار حصل عليها دانيال دى لويس
>> 9 ديسمبر2009 افتتح فيلم «ناين» فعاليات مهرجان دبى السينمائى
>> 53% من نسبة إيرادات السينما الأمريكية حققها فيلم «ناين» و«أفاتار» فى الأسبوع الماضى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة