فى إطار سلسلة ندوات أجيال فى الإبداع الثقافى بمعرض الكتاب عقد مساء أمس الخميس، ندوةً عن "الشعر المصرى وأجياله"، شارك فى الندوة الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة، والشاعر جمال القصاص، وأدارها الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى، وتغيب عنها كل من الشاعر أحمد بخيت، والشاعر علاء خالد، والشاعرة نجاة على.
قال حجازى إن كلمة "الجيل" بحاجة إلى توضيح، فنحن نستخدمها ونعنى بها الزمن المحدود أو من يولد فى زمن محدود، ولكن بالنظر فى المعاجحم العربية وخصوصًا المعاجم الكلاسيكية فإن ما تعنيه كلمة "الجيل" لا تعنى من ولدوا فى زمن محدد بعينيه، وإنما هم الأمة، فابن منظور يقول على هذا الأساس يكون الترك جيل والصين جيل، والروم جيل والعرب جيل إلى آخره، وكل قوم لهم لغة جيل.
وأكد أبو سنة على أن الشعر قضية واحدة منذ العصر الجاهلى وحتى الآن "كالنهر نشرب منه جميعًا، كل بمذاقه وبطريقته الخاصة"، وأضاف أن الشعر فى البداية هو إبداع الموهبة الفردية من خلال انفعالها بالواقع، وما بداخلها من رؤى وخبرات، فالشاعر يستطيع أن يغير لغة وذائقة عصره.
وتابع نحن نتصور أن لكل جيل ملامحه النهائية، ولو تأملنا لوجدنا أن كل شاعر له ملامحه الخاصة التى تصنع مكانته.
أما عن علاقة جيله بمن قبله فقال أبو سنة، نحن نستطيع أن نقول إن أهم ما يميز جيل الخمسينات أنه جيل الهدم من أجل جيل البناء، هدم التقليد وبناء الجديد، فبدأ الشعر يتخذ وحدة جديدة "السيميترية" للبيت الشعرى، وأن الذى صنع جيل الخمسينات صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطى حجازى ومن حسن حظ الشاعرين أن استطاعا أن يقدما ديوانين كان بمثابة أوراق التصديق على هذه الحركة، وظهر جيل الستينات الذى ولد من رحم الخمسينات من خلال المد الشعرى الذى غمر الواقع مثل بدر شاكر السياب وأدونيس ونزار قبانى وعبد الوهاب البياتى ونازك الملائكة، كانت القضية هى كيف يمكن أن يتواصل الشعراء؟، فكانت هناك مجلة الأداب التى حملت لواء الحداثة الشعرية وظهرت فى منتصف الخمسينات.
وأضاف أن جيل الستينات واجه بعض المشكلات، كان منها أن هذا الجيل عندما نشر نماذج من قصائده كان يرى أن الأفق يمتلئ بأسماء كبرى منها أحمد عبد المعطى حجازى وكان على جيل الستينات أن ينحت نموذجه الجديد، فواجه الستينيون هيمنة صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطى حجازى، فكانت العلاقة مفعمة بالإعجاب الشديد، وكنا نتعامل معهما باحترام، فى حين أن الفارق الزمنى قليل، ولكن العمل الشعرى هو عمل فردى وإبداعى.
وأوضح أن جيل الستينات كان عليه أن يمضى فى الطريق نفسه، وأن يتمرد على الطريق نفسه، فمثلا عفيفى مطر اتجه إلى الأساطير والتراث الشعبى، وإلى بلورة مفهوم للشعر مرتبط بالمفاهعيم الأوروبية، وكان عفيفى فى ذلك الوقت قريب من شاكر السياب وأدونيس، وأمل دنقل التقط من هزيمة 67 رؤية جديدة فكتب قصيدة من الواقع بلغة أقرب من الحياة الواعية، ثم استلهم مراحل السطوع فى المجد العربى القديم، فاستطاع أن يستهلم التراث التاريخى.
وأكد أبو سنة على أن فكرة الفصل بين الأجيال وتقسيمها فكرة زائفة، فليس علينا أن ننظر لفكرة الأجيال من خلال الأُطر المنهجية، وأن الشعر واحد منذ امرئ القيس وحتى الآن.
وأشار جمال القصاص إلى أن جيل السبعينات نشأ على خلفية تاريخية ملتبسة، على عكس نشأة الخمسينات أو الستينات، فالسبعينيون خرجوا من معطف هزيمة 67 التى أصابت المجتمع المصرى على شتى أصعدته السياسية بنوع من التفتت وامتد هذا التفتت إلى الشاعر نفسه، وقال "نظرنا لأنفسنا فى تلك الآونة فلم نجد أحمد عبد المعطى حجاز لاذ بباريس وعفيفى مطر لاذ بالعراق وصلاح عبد الصبور بالهند وأمل دنقل يصارع المرض وكذلك نجيب سرور.
كنا فى حاجة إلى أن نتلمس الدفء بالقرب من هؤلاء الشعراء الذين شكل غالبيتهم مراحل تكويننا، فهذا الجو القاسى كان علينا أن نواجهه، فكرنا أن نمارس حريتنا فى اللعب مع الشعر، وأن نفرح به وأن نفرح بأخطائنا فى سياق هذه الأحداث، وفكرنا فى ألا يكون هذا اللعب بشكل فردى، بل بشكل جماعى حتى يكون لنا صوتا مسموعا، صوت الكلتة فى حوار مع الشعب، وتحت مظلة هذا الهم نشأة جماعة إضاءة 77، وأعقبتها بفترة جماعة أصوات الشعرية، وهاتان الجماعتان شكلتا الركيزة الأسياسية لوجود شعراء السبعينات".
وتابع أفرزت هذه الجماعات شعراء وحفظت لكل شاعر خصوصيته، فمن أهم ملامح هذه الجماعات إعادة الاعتبار إلى الشكل واعتباره مقومًا رئيسًا لحداثة النص الشعرى، وأعدنا الاعتبار فى ثنائية الشكل والمضمون ونادينا بوحدة العلاقة بينهم، وأنه ليست ثمة مسافة بينهما وأنهما لحمة واحدة، حريتان تتصارع من أجل حرية واحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة