أمس لقى النقيب أحمد أسامة والشرطى سيد غريب إسماعيل بمديرية أمن شمال سيناء مصرعهما، بعد أن أطلق عليهما مجهولون النار، فى هجوم استهدف تهريب سجين محكوم عليه بالسجن ثلاث سنوات فى قضية اتجار بالمخدرات وحيازة سلاح بدون ترخيص، وحسب ما روى لى ضابط شرطة فقد سارع الجناة بإطلاق النار على سيارة الترحيلات وبها ثمانية سجناء، فلقى النقيب أحمد أسامة مصرعه على الفور برصاصة فى الرأس.
وهذا ليس الحادث الوحيد من نوعه الذى يتعرض فيه رجال الشرطة لهجوم قاتل فى الشارع، فخلال الفترة الماضية لقى عدة ضباط مصرعهم، فى أكمنة الشرطة فى شوارع المدن أو على الطرق السريعة، أو حتى فى مطارادات للمجرمين الهاربين أثناء محاولات القبض عليهم.
وما يحدث للشرطة هو بالتأكيد جزء من حالة العنف التى طرأت على المجتمع المصرى، ومن يتابع الصحف سيجد جرائم عنيفة بشكل يكاد يكون يوميا، مثل المهندس الذى قتل أسرته بعد أن نصب عليه آخر وسرق منه تحويشة العمر، أو جرائم قتل الآباء والأمهات للأبناء، ناهيك عن جرائم قتل الوالدين، وكذلك اقتران السرقة بالعنف والقتل فى كثير من الأحيان.
فى مصر مسحة عنف بادية للعيان لا يستطيع أحد إنكارها، وقد أكثر علماء الاجتماع فى الحديث عن الفقر باعتباره أحد أبرز دوافع العنف، لكن الغريب أن الفقر ليس طارئا على هذا الوطن، صحيح أنه لم يكن قد استشرى ليسجل أكثر من 40% كما ذكر تقرير التنمية البشرية العربية، لكن الطبيعة المصرية لم تكن تحول الفقر أبدا إلى طاقة عنف.. فما الذى حدث؟
فى اعتقادى أن غياب أو تغييب القانون هو السبب الرئيسى فى حالة العنف غير المبرر داخل مصر، فخلال الثلاثين عاما الأخيرة، ترسخ لدى الناس إحساس كبير بأن القانون لا يطبق على الكبار والمسنودين، مما جعل الناس يلجأون إلى قوانينهم الخاصة.
وحسب دراسة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، فإن 16 مليون مواطن على الأقل يعيشون فى مناطق عشوائية، ومن ذهب إلى إحدى هذه العشوائيات سيلحظ بلا شك، غياب الدولة، ومن ثم القانون، وفى الكثير من هذه العشوائيات لا توجد أقسام للشرطة، ولا شوارع تسمح بدخول السيارات، فظهر بلطجية يفرضون قوانينهم الخاصة على تلك المناطق.
ومنذ أكثر من عشرين عاما تغاضت المحليات عن تعديل بنديرة سيارات التاكسى الأجرة داخل المدن، وتركت الأمر للناس يحلونه بمعرفتهم، وقد يبدو للبعض أن هذا الموضوع لا علاقة له بالعنف، لكن غياب القانون واعتياد الناس على مشاحنات وجدال يومى حول أجرة التاكسى، من شأنه إلغاء دولة القانون، وتدشين دولة الفصال والخناقات والعنف.
وما دام القانون فى إجازة، فإن كل إنسان يسن قانونه بنفسه.. بما فى ذلك استخدام وسائل عنيفة لحل المشاكل البسيطة، وحتى تسوية الخلافات الأسرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة