إسلام الشافعى يكتب.. فلسفة الحاكم

الخميس، 04 فبراير 2010 04:55 م
إسلام الشافعى يكتب.. فلسفة الحاكم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يخطئ عامة الناس فى تصورهم وتقديرهم لإمكانيات الحاكم القادم، فهم يتخيلون أنه سيبهرهم بقدرته على التغيير الجذرى لكل شىء والإطاحة بالأنظمة القائمة وتغيير مسار التاريخ والقفز بالمجتمع قفزات متتالية، وقيادة الجماهير وتوجيههم إلى الوضع الأمثل الذى كان محجوبا عنهم قبل ظهور هذا الحاكم، أو قل لم يكن محجوبا وإنما كانت سبل تحقيقه هى الخافية عليهم.

وهذا النمط من التصور والخيال يناقض الحقيقة التاريخية والمنطقية والاجتماعية، فالحاكم بشر وليس شخصا أسطوريا، هو مجرد إنسان سمت به الأقدار فارتفع فى الهيئة الاجتماعية وفى أعين الناس حتى بلغ كرسى الحكم فى فترة زمنية معينة.

وبافتراض إخلاص نيته فى الإصلاح فهو يقدم على عمله بوجهة نظر خاصة به ويدفعه فكر معين ويحمل فى يمينه أجندة عمل يتمنى تحقيقها، هذه هى إمكانياته ولكنه ليس حرا فى تحقيقها مئة فى المئة، وإنما هو يواجه ميراث وتركة قوامها المجتمع بفئاته وأقسامه والحكومة القائمة والسياسات المتبعة وتقتصر مسئوليته على قدرته على التصرف وإدارة تلك التركة الموروثة، فهو يسأل عن تصرفه فيما آل إليه ولا يسأل عما كان قبله، فهو يرث مجتمع له تاريخه وموروثاته ومألوفاته وأحلامه، ويرث حكومة وسياسات لم يخلقها ولم يوجدها.

ويجد أن الحكام قبله قد ساروا على نهج معين بشأن سياسة الجماهير باختلاف طبقاتها وسياسة الدول باختلاف أطماعها وأغراضها، أى ما يسمى بالسياسة الداخلية والخارجية، لذلك يسعى الحاكم للتوفيق بين فكره ووجهة نظره ومبادئه وبين واقعه هذا ولكنه لن يستغنى عن تأييد ومساندة الشعب له، وكن على ثقة أن الحاكم مهما بلغت قوته وإمكانياته فإنه لن يستطيع تحقيق شيئا يذكر إلا إذا اتفقت إرادته مع إرادة الشعب , وإذا نظرنا إلى تاريخنا الحديث نجد أن كلا من الرئيسين السابقين جمال عبد الناصر وأنور السادات بحثا عن النقاط المشتركة بينهم وبين الجماهير فكان تعويل الرئيس جمال على ثقة الشعب الشخصية به وإيمانه العميق بشخص هذا الرئيس بعد فترة طويلة من تاريخ هذا الشعب حكمه فيها سلاطين وملوك ليس من جنسه ولا من لغته فكان الشعب مشتاق إلى رجل منه يحكمه.

وكان تعويل الرئيس السادات على تأييد الشعب له هو السعى لاسترداد الأرض، فيجب قبل أن نسأل الحاكم التغيير ونطالبه به يجب أن نطالب به أنفسنا لأن الحاكم لن يستطيع أن يحملنا فوق أكتافه ليقفز بنا إلى الشأو الذى يطمح إليه حتى لو آثرنا نحن القبوع والتثاقل إلى الأرض، ولن ننتظر دوما حتى يأتى من يأخذ بأيدينا ليقودنا إلى مصيرنا فإن الله جل شأنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ورسولنا الكريم يقول كما تكونون يول عليكم.


* طالب بكلية الآداب قسم تاريخ – جامعة الإسكندرية





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة