تعنى منظومة نجاح المنتخب التى أبهرتنا قيادة تواقة لنهضة فريقها، تؤمن بقيمة العلم فى الكرة وفريقا يؤدى يدا واحدة إدارته تعتمد الكفاءة، وحدها معيارا ولا مكان للمحسوبية ولا للشللية وتؤمن بالجدية طريقا وحيدا للأداء.
توفرت للفريق الإمكانات التى تمهد لطريق الإنجاز وتم ضمان مستوى معيشى لائق لكل أعضاء المنتخب من أجل تفرغهم نفسيا وفكريا لمهامهم.
أمن هذا الفريق وقيادته قبلة بسياسة الثواب والعقاب وأمن الجميع بدءا من القائد المدرب مرورا بمساعديه وكابتن الفريق وباقى زملائه اللاعبين، أنه لا أحد مؤمن من الحساب، وأنه لا شفيع إلا جودة الأداء فى ظل الشفافية التامة والعدالة.
ماذا حدث من هذا المنتخب المصرى فى ظل هذه الظروف. أدهشنا المستوى الفنى لهؤلاء المصريين وأدهشتنا الجدية المطلقة والاستبسال البطولى من كل منهم، بدءا من القائد حتى أحدث لاعب تم ضمة للفريق. هل أجاد المنتخب من أجل الأموال والمزايا فقط؟ لا بالتأكيد. إنه الإحساس المخلص الفائق بحجم المسئولية الملقاة على أكتاف المنتخب، فى ظل منظومة إدارية أعلت قيم الجدية والشفافية والعدل وتساوى الجميع أمام الثواب والعقاب وإيمان الجميع بقيمة العلم، ومبادئ الإدارة الحديثة فى بلوغ الأهداف. وفرنا البيئة المناسبة كما يوفرها العالم المتقدم فرأينا نتيجة أبهرتنا.
أبهرنا مردود هذا كله على الشعب، فرأينا المشاركة الشعبية فى أقصاها وهو الشعب غير المشارك، ورأينا التوحد بين طوائف الشعب، فلم يكن هناك أهلاوى ولا زملكاوى ولا مسلم ولا مسيحى ولا فقير ولا غنى، كان هناك ما يجب أن يكون دائما وهو المصرى الذى يحب بلده وينتمى إليها. كنا جميعا نتشكك فى قوة انتماء المصرى وظهرت الحقيقة مبهرة كالشمس. أبهرنا أيضا ظهور علم مصر كرمز وحيد رفعة المصريين بحب ولم يرفعوا غيره، مما يؤكد أن رمز مصر هو العلم وليس أشخاصا.
ما رأيناه يؤكد أنه من الممكن أن تدب فى مصر روح جديدة تدهشنا جميعا، لتفتح الطريق أمام انطلاق الشعب المصرى للإمام بحماسة وترابط نحو نهضته هذا إذا توافرت له منظومة النجاح التى تماثل منظومة المنتخب.
هل لمصر أن تأخذ فرصتها فى الانطلاق فى ظل هذه المنظومة من الجدية والشفافية واحترام العلم والإيمان، أنه لا ألوهية ولا تخليدا لأحد فيجتهد الجوهرى ويذهب مشكورا، ويأتى شحاتة ليجتهد بالمثل، وسيذهب هو الآخر مشكورا، وتتجدد الدماء فى تداول طبيعى للسلطة هدفه الأوحد النهضة المستمرة للمنتخب فى إعلاء لمصلحة هذا المنتخب فوق الأشخاص.
هل لنا أن نرى حياة المصريين تدار باقتدار مثلما تدار المباراة الدولية لكرة القدم بجدية داخل ملعب مرسوم الحدود بكفاءة يديره حكم حازم، فى ظل قواعد قاطعة واضحة تحكم الجميع سواسية فى شفافية تامة.
هل لنا أن نرى منظومة مصر تتحول بدون أن يهدد استقرارها خطر؟.
* أستاذ بطب القاهرة.