تعد فرنسا فى الواقع إلى جانب إسرائيل واحدة من شركاء الولايات المتحدة التى تنظر بتشكك كبير إلى برنامج الرئيس باراك أوباما لتخليص العالم من الأسلحة النووية الذى عرضه فى براج يوم 5 إبريل 2009. هكذا قدمت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية اليوم، الأربعاء، فى تقريرها حول تحفظات فرنسا بشأن قمة "جلوبال زيرو" المنعقدة حاليا فى باريس، وتهدف إلى إخلاء العالم من السلاح النووية بحلول 2030، حيث ترى أن نزع سلاح القوى العظمى لن يغير من خيارات إيران النووية.
حيث يقول أحد الديبلوماسيين الفرنسيين: "إن حلم العيش فى عالم خال من الأسلحة فى عالم ملائكى، هو الحلم الذى تتبعه البشرية منذ زمن الذى لا يسعنا إلا الثناء عليه. إلا أن التخلص من الأسلحة النووية فى الوقت الذى لا تزال فيه دول أخرى تملكه أمر يبدو لى محفوف بالمخاطر". تعكس هذه العبارة موقف فرنسا من برنامج الرئيس أوباما لإخلاء العالم من السلاح النووى، حيث يرى الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى أننا "نعيش فى عالم حقيقى، وليس خيالى"، عالم يتطور، ولكن فى الاتجاه المعاكس.
إذ تواصل إيران برنامجها النووى على الرغم من المطالبة الدولية بإيقافه، وتضاعف كوريا الشمالية من تجاربها النووية، وتؤكد روسيا على مذهبها النووى، فى الوقت الذى تزيد فيه كل من الصين وباكستان ترساناتهما النووية.
وتضيف الصحيفة أن باريس تذكر أنه إذا كان السلاح النووى قد ساعد على منع وقوع الحرب بين الدول لأكثر من خمسة وستين عاما فإن السياسة التى تدعو إليها "جلوبال زيرو" وأوباما لم تؤت بدورها بأى ثمار.. لاسيما أن قيام فرنسا وأمريكا وبريطانيا وروسيا بتخفيض ترساناتهم لم يؤد إلى تباطؤ فى البرامج النووية فى بلدان أخرى.
وفى هذا السياق تلفت الصحيفة الانتباه إلى أن الدبلوماسية الفرنسية تضع إيران أمام أعينها، حيث حذر ممثل فرنسا فى "جلوبال زيرو"، بيار سلال، من أنه "إذا فشلنا فى منع إيران من امتلاك أسلحة نووية فنحن نخاطر بسيل من الانتشار النووى فى المنطقة وفوضى نووية فى العالم أجمع، الأمر الذى سيقضى على حلم رؤية عالم منزوع من الأسلحة النووية".
ودعا سلال المجتمع الدولى إلى ايجاد "حل يتم التفاوض عليه"، واتخاذ تدابير حقيقية لنزع السلاح مبنية على أفعال وليس مجرد كلمات، وبذل "خطوات ملموسة" فى هذا الاتجاه، ووقف إنتاج المواد الانشطارية، وخفض ترساناتها، وإثبات المزيد من" الشفافية".
إلا أن الواقع كما ترى الصحيفة ليس ورديا. لاسيما أن الجانبين الروسى والأمريكى مايزالان يتفاوضان على إيجاد بديل لمعاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية التى انتهت فى ديسمبر، على الرغم من أن صحيفة "وول ستريت جورنال" قد أشارت أمس الثلاثاء أنه تم التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ فى هذا الشأن، كما أن معاهدة الحظر التام للتجارب النووية لم يتم التصديق عليها بعد من قبل الولايات المتحدة.
وتقول الصحيفة إن فرنسا تعتقد أن موقفها كان مثاليا فى مجال نزع السلاح النووى، حيث قللت على سبيل المثال من عدد الرؤوس النووية التى تملكها، وفككت مراكزها للتجارب النووية، وغيرها... إذ يشير أيضا بيار سلا إلى أن "فرنسا تعد مثالا فى هذا المجال.. فلتفعل القوى النووية مثلنا حتى تتوصل إلى الاكتفاء التام".
ويعلق الدبلوماسى الأمريكى ريتشارد بيرت، واحد من ركائز "جلوبال زيرو"، على الموقف الفرنسى قائلا: "إن الموقف الفرنسى فى هذا الصدد يقوم على أسس عاطفية ونفسية أكثر من ارتكازه على الدفاع عن المصالح الوطنية. فأنا أعرف أنه يتم الربط بين الأسلحة النووية وعظمة فرنسا. إلا أن أحدا لن يقوم طرد باريس من مجلس الأمن إذا تخلت فرنسا عن القنبلة النووية!". ويضيف بيرت مع ذلك، أن "جلوبال زيرو" لديها قضايا أخرى تحتاج للتعامل معها، خاصة روسيا، ولذا فإنه سيكون من السابق لأوانه أن يُطلب من الحكومة الفرنسية دعم "جلوبال زيرو".
وتخلص الصحيفة إلى أن الضغط على فرنسا سوف يستمر مع ذلك فى الأشهر المقبلة، حيث تلوح فى الأفق قمم أخرى خاصة بنزع السلاح النووى فى العالم، مثل مؤتمر استعراض معاهدة عدم الانتشار فى مايو، وكذلك قمة الأمن النووى فى إبريل بنيويورك، ولكن كما قال بيار سلال فى ختام كلمته أمام الحضور: "إن القضاء على الأسلحة النووية سيتحقق عندما تكون الظروف الأمنية والسياسية قد استوفيت".
للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.
لوفيجارو: فرنسا غير متحمسة بشأن القضاء على الأسلحة النووية بـ"جلوبال زيرو"
الأربعاء، 03 فبراير 2010 05:06 م