فى حياة كل إنسان فترات انتقالية تفصل بين مرحلة وأخرى.. خلال هذه الفترات تتغير حياتنا كليًا أو جزئيًا، وأيًا كان التغيير إيجابيًا أو سلبيًا تبقى دوافع هذا التغيير وأسبابه "علامات فارقة" فى حياة المرء.
الآن.. وبعد الإنجاز التاريخى الذى حققه المنتخب المصرى الأول لكرة القدم بالفوز بكأس الأمم الأفريقية للمرة الثالثة على التوالى، يجب الوقوف عند ملامح التغيير التى طرأت على شخصية المنتخب المصرى، وعوامل التغيير التى نقلت الفراعنة من مرحلة "المراهقة" الكروية إلى "النضوج" والوصول للعالمية.
السبب الرئيسى فى هذا التغيير كان إسناد مهمة تدريب المنتخب الوطنى لحسن شحاتة فى 28 أكتوبر 2004.. وقتها كان إسناد المهمة للمعلم "مُغامرة" كبيرة، والآن يمكن اعتباره القرار الأفضل فى تاريخ "اتحاد كرة القدم المصرى".
حسن شحاتة لم ينجح فقط فى الفوز بكأس أفريقيا ثلاث مرات متتالية، فهذا الإنجاز التاريخى واكبه إنجاز آخر، لا يلتفت إليه كثيرون.. الإنجاز هو تغيير "شخصية" المنتخب المصرى كليًا، وإكسابها مجموعة من الصفات "النبيلة" جعلتها الأفضل "فنيًا" و"أخلاقياً" داخل القارة السمراء.. صفات ارتبطت بالمعلم وارتبط بها، وأصبغها بالمنتخب فصارت جزءًا لا تتجزأ من شخصية الفراعنة، أو كتيبة الساجدين، المسمى الجديد الذى عرفه العالم تحت قيادة حسن شحاتة.
أولى صفات المنتخب المصرى فى نسخته الجديدة، هى التوحد الشديد بين لاعبيه.. فى تاريخ الكرة المصرية لم نعرف جيلاً ظهر لاعبوه كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له الباقون بالسهر، مثل هذا الجيل الذى تعم الفرحة كل لاعبيه سواءً أشاركوا فى المُباريات أم لا؟.. ورغم وجود أسماء اشتهرت بالشغب ورفضها للجلوس على مقاعد البدلاء فى أنديتها، إلا أن الحال اختلف فى المنتخب، واختلف أيضًا فى ظل تواجد المعلم شحاتة وجهازه المعاون.
التلاحم الشديد أولى صفات البطل المصرى تزاحمه صفة أخرى ظاهرة للعيان، وهى "الحب" الذى يجمع كل أطرافه بدون استثناء.. الحب الذى ولّدته المعسكرات الطويلة التى تجمع لاعبون تختلف انتماءاتهم المحلية، جعل العلاقة بين أكثر اللاعبين تنافسًا داخل المنتخب خالية من "الأضغان"، منافسة شريفة بما تحمله الكلمة من معانٍ.
ثالث الصفات التى اكتسبتها "شخصية المنتخب المصرى" فى عهد شحاتة، هى "التنوع"، لم يعد المنتخب قاصرًا على مجموعة بعينها من اللاعبين.. وقائمة "أبناء النيل" فى كأس الأمم تدل على ذلك، حيث ضمت لاعبين من ثمانية أندية محلية مختلفة "الأهليى، الزمالك، الإسماعيلى، الاتحاد، بتروجيت، إنبى، حرس الحدود، المنصورة".
صفة رابعة مهمة عرفها المنتخب المصرى فى عهد شحاتة، وبرزت أثناء منافسات البطولة الأخيرة وهى الثقة الكبيرة بين اللاعبين، ويقينهم من القدرة على تحقيق الفوز مهما كانت قوة المنافس أو تفوقه.. الثقة برزت فى مواجهة الفرق الكبرى مثل نيجيريا والكاميرون، فرغم تلقى الشباك المصرية لأهداف مبكرة إلا أن كتيبة الساجدين نجحت فى العودة سريعًا، وتمكنت من الفوز بالمباراتين.. الثقة التى اكتسبها أبناء المعلم لم تكن وليدة الإنجازات التى حققها المنتخب أخيرًا فقط، بل هى نتاج "شحن" معنوى ونفسى كبير قام به الجهاز الفنى، هذا "الشحن" ظهر على لسمات الوافدين الجُدد للمنتخب المصرى، مثل محمد ناجى "جدو" الذى تألق فى أولى مُشاركاته القارية.. ولم تكن هذه الثقة متواجدة قبل تولى المعلم لمهامه، بل كانت مباريات المنتخب أمام كبار القارة "الكاميرون، نيجيريا، غانا..." تُثير الرعب فى نفوس اللاعبين قبل الجماهير.
ومن أبرز التغييرات التى عرفتها الشخصية الكروية المصرية تحت قيادة المعلم.. عدم وقوف المنتخب على مجموعة بعينها من اللاعبين.. قبل بداية البطولة الحالية افتقد المنتخب المصرى لثلاثة لاعبين كانوا من عناصره الأساسيية فى بطولتى 2006 و2008 وهم.. محمد شوقى ومحمد أبو تريكة وعمرو زكى، بالإضافة إلى محمد بركات وأحمد حسام، هذه الغيابات التى أصابت قائمة الفراعنة المشاركة بـ"الهشاشة"، وتسببت فى انتقادات حادة للمعلم شحاتة، لم تؤثر فى أداء المنتخب المصرى، بل جاءت النتيجة مخالفة تمامًا، فالوجوه الشابة التى أُتيحت لها الفرصة قدمت مردودًا متميزًا خلق نواة لجيل جديد، يحمل لواء الكرة المصرية خلال الأعوام المُقبلة.
هذه الصفات الجديدة اكتسبها المنتخب من شخص وحيد، كان له الفضل الأساسى فى تغيير "هوية" المنتخب المصرى منذ تولى قيادته قبل خمسة أعوام.. هذه الصفات هى معالم شخصية حسن شحاتة المدير الفنى للفراعنة.. الذى أصبح الفصل بينه وبين المنتخب غيرُ متصور خلال المرحلة المُقبلة.
غيّر مفاهيم كثيرة.. ورحيله أصبح "غير مقبول"..
حسن شحاتة.. علامة فارقة فى شخصية مصر الكروية
الأربعاء، 03 فبراير 2010 01:38 م
حسن شحاتة المدير الفنى للمنتخب المصرى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة