لم يكن أبداً فى حسبانى أنى سأرى الناس فى وطنى سعداء هكذا، تبدو عليهم بسمة تبعث السرور فى النفس، وأذكر أننى لم أعهد أن رأيتها من قبل على أحد منهم، فلما لا نسعد ونفرح ؟!، فالدعم أصبح يصل كاملاً وغير منقوص لمستحقيه، ولم يعد هناك طوابير طويلة بحثا عن الخبز أو أنابيب البوتاجاز.. رأيناهم يفصلون مياه الشرب عن مياه الصرف الصحى، فأصبحت المياه نقية، وعلمنا أنهم قد وجدوا حلاً لمشلكة قش الأرز فاختفت السحابة السوداء وأصبح الهواء نقياً وأصبحت الشوارع نظيفة وواسعة تزينها الأشجار على الجانبين، ووجدوا طرقاً للتخلص من القمامة وأحسنوا استغلالها بعد أن أنشئنا ـ أخيراً ـ شركة نظافة وطنية، أخبرونا بأنهم طوروا النظام الصحى، فأصبحت المستشفيات متكاملة يدخلها المريض فيخرج معافى بعد أن كان يخرج (إذا خرج حياً) مصاباً بأمراض ومضاعفات أخرى، بل بات من الممكن أن تتصل بالإسعاف، فتصل إليك سيارة الإسعاف فى نفس اليوم وقبل تشييع جثمان المريض وأخذ واجب العزاء فيه،و أصبحت المدارس مليئة بالطلاب وباتت الدروس الخصوصية من أطلال الماضى، ودخلت الجامعات ضمن أفضل 100 جامعة، رأينا الفلاحين يزرعون أراضيهم مرة أخرى بعد هجرانهم لها، بل إننا أصبحنا نأكل مما تنتجه أيدينا ومصانعنا الوطنية، أخبرونا بأنهم توقفوا عن فرض الضرائب على الهواء واكتفوا بالضرائب المالية والعقارية.. قالوا إن عصر الظلمات قد انتهى وأننا نعيش الآن فى عصر النور والحرية، فأصبحت الشرطة فى خدمة الشعب بعد أن كان الشعب هو الخادم الأمين لها، وألغوا القيود على الحريات، وتوقفوا عن تكميم الأفواه وتقييد الأقلام.. فأصبحنا نرى الحرية أفعالاً، بعد أن كانت مجرد أسماء ورموز للشوارع والمدارس والمحلات.. لم نعد نسمع عن مصطلحات مثل: بطالة، فقر، رشوة، خصخصة، فساد.. بل إن الأجيال الصاعدة أصبحت تسألنا عن معانى هذه المصطلحات.. فجأة وجدت صوتاً عالٍ بجوارى يقول: "استيقظ.. الساعة الآن السابعة !".. سألتهم عن كل ما سبق أخبرونى بأنى كنت أحلم.. أسرعت إلى الجريدة فوجدت أن اليوم 1-1-2010 وأن عاماً جديداً قد بدأ.. مر عام كامل ولم يتغير شيء فى الوطن حلمنا به.. تصفحت الجريدة سريعاً فوجدت شيئاً لم يحدث.. تيقنت بأن كل ما سبق كان مجرد كابوس.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة