فى مارس يشهد العراق انتخابات برلمانية أكثر من مهمة يراهن الكثيرون عليها لإعادة التوازن السياسى المفقود منذ العدوان الأمريكى على العراق، ولا يعتبرها أهل العراق مجرد انتخابات برلمانية عادية، وإنما ينظرون إليها باعتبارها محطة مفصلية فى مستقبل بلدهم، وتماسكه وبقائه كبلد موحد.
ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات تمثل الفرصة الأخيرة للعراق للخروج من فخ الطائفية الذى يسيطر على هذا البلد، أو السقوط فيه إلى الأبد، ويبقى المعيار الوحيد للقضاء على الطائفية هو أن يصوت العراقيون بشكل سياسى وليس طائفيا.
وخلال الانتخابات الانتقالية التى جرت فى السنوات الأربع الماضية، لم يصوت العراقيون بشكل سياسى، وإنما استجابوا إلى التحريض الطائفى الكبير، فصوت المواطنون لصالح الطائفة وليس لصالح الأحزاب والقوى السياسية، ومن ثم تشكل المجلس النيابى على أسس الانتماء الشيعى أو السنى أو الكردى.
وأدت الانتخابات السابقة إلى تهميش السنة لصالح التحالف الشيعى الكردى الذى حكم البلاد، طوال الأربع السنوات الماضية، ومن شأن استمرار هذا التصويت الطائفى أن يدفع السنة الذين يتمسكون بالعراق الموحد حتى الآن، إلى التفكير جديا فى تقسيم العراق إلى ثلاث دول طائفية هى دولة شيعية فى الجنوب وسنية فى الوسط وكردية فى الشمال.
ولا تقتصر سيطرة الشيعة على القرار السياسى على تهميش السنة فى العراق فقط، وإنما زادت من التدخل الإيرانى فى الشئون العراقية الداخلية لدرجة اعتقاد الكثير من سنة العراق أن القرار السياسى فى بلادهم يصدر من طهران وليس من بغداد، وهو الأمر الذى خلق احتلالا غير رسمى لكنه قائم وموجود وملحوظ فى مفردات الحياة اليومية.
ورغم الاحتلال العسكرى الأمريكى للعراق الذى جرى منحة وضعه قانونيا عبر اتفاق صادق عليه البرلمان العراقى، فإن خروج القوات الأمريكية مستقبلا يؤدى إلى انفراد إيرانى بالسيطرة على العراق وشعبه ومقدراته، وهو الأمر الذى يتخوف منه سنة العراق ويحسبون له ألف حساب.
ويبقى أن الكرة فى ملعب العراقيين وخاصة السنة منهم للمشاركة فى الانتخابات البرلمانية بكثافة ومحاولة تغيير الخريطة البرلمانية وبناء عراق جديد، وإلا فإن العراق العربى القوى الموحد قد لا يصبح له وجود على الخريطة بعد الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة