كثيراً ما ننظر إلى الأحداث الرياضية بشىء من الخيال بعد أن ينساق معظمنا إلى القشور الظاهرة ويفسر معناها دون أن يفطن إلى ما فى الباطن من حقيقة أو حقائق مغايرة.. ولأننا ندير أعمالنا بالمزاج.. فإن هذا المزاج كان عالياً ومنبهراً بظاهرة اللاعب «جدو» الذى أفقده التألق فى كأس الأمم الأفريقية التوازن فنسى القيمة الرائعة فى أن يعتبره الكثيرون خليفة محمد أبوتريكة وركز فقط فى قيمة استثماره للنجومية والشعبية فركن مبادئه على جنب إلى أن يعود إليها فى ظروف أفضل..
هذا المزاج الذى حكم اللاعب وحكم شعبيته هو الذى نقله من اللمعان فى كأس الأمم إلى «الأفول» فى الدورى المصرى.. شاهدناه لاعباً آخر لا يتردد مدربه فى سحبه من الملعب وكأنما يريد أن يثبت النظرية الجديدة لحسن شحاتة بأن من يلعب للمنتخب يكون قد دخل الجنة.. ولو أغمض حسن شحاتة عينه واختار لاعباً بطريقة «حادى بادى» سوف يكون نجماً فى مناخ خاص يتمتع به المنتخب الوطنى دون غيره من الفرق الأخرى.
وفى الأيام الماضية تحولنا من الخيال إلى الواقع ومن الأسئلة المهمة عن النادى الذى سوف ينعم بصفقة جدو إلى أسئلة أخرى عن جدارة جدو فى أن يلعب لغير الاتحاد السكندرى.. هل هو يستحق هذه الهالة الشعبية والإعلامية أم أنه نسمة باردة لطيفة هبت على كأس الأمم فى غير سياقها وغير مناخها.. ومن المفارقات أن هداف البطولة الأفريقية لا يتلقى عروضاً مهمة من الخارج ولا يعرف أحد مصيره فى الداخل.. ولذلك من المتوقع أن تغلب الواقعية على الخيال فى وقت الجد عندما يكون مطلوباً جواب نهائى لسؤال: أين يلعب جدو؟.. وإذا استمر اللاعب داخل المناخ الحالى الذى يعيشه فنياً مضافاً إليه ما يحيطه من مشاكل فإن آخر أحلامه قد تستقر فى ناد متواضع فى تركيا أو آخر فى روسيا إلى حين أن يفكر الأهلى «على مهله» فى فائدة التعاقد معه إذا لم يكن قد تورط فى التوقيع الفعلى واضطر أن يتمسك بمواقفه النبيلة تجاه أى لاعب يفضله على الزمالك حتى لو لم يلعب فيما بعد كما حدث لكثير من اللاعبين.. وهى مواقف من المفترض أن يكون الأهلى قد راجع نفسه تجاهها بعد أن تعب كثيراً من البطالة التى يعانيها نجوم الدكة وما يصاحب ذلك من أزمة مالية تجعل الصرف على ما لا يفيد نوعاً من السفه.. إذن من الوارد جداً ألا يلعب جدو للأهلى.
ومن الوارد أكثر ألا ينضم للزمالك بعد أن تحولت العلاقة بينه وبين الذين جلس معهم ومنحهم توقيعه إلى عداء شخصى وعدم ثقة لا ينقصها عدم الاحترام المتبادل عقب تبادل اتهامات الكذب والتزوير.. ربما لا يفكر جدو مطلقاً فى طرق أبواب الزمالك وربما فكر ورأى أنه سيخسر كل شىء وأن عليه اللحاق بالقطار الأبيض بعد أن فات عليه القطار الأحمر.. ويجوز ألا يكون الزمالك وقتها مستعداً لضم لاعب يستجدى الخروج من الإسكندرية إلى أضواء العاصمة.
ويبقى الاتحاد الذى يفتخر بالعودة إلى تقديم النجوم بعد سنوات طويلة من التقشف.. هو لن يخسر إذا استمر معه اللاعب لكنه لن يكسب ما كان يتخيله من عوائد مالية بالملايين.. وسوف يصطدم بتمرد اللاعب على وضعه الجديد ورغبته فى أن يصنع أى شىء يغير من واقعه ثم يضطر إلى بيعه خارجياً عن طريق شركات تسويق أو سماسرة.
إذن حتى هذه اللحظة يؤكد الواقع أن جدو لن يلعب للأهلى ولن ينضم للزمالك ولن يبقى فى الاتحاد.. لكن لأننا نؤمن جداً بالمزاج المصرى، ربما يلعب جدو مباراة غير عادية أمام الأهلى مثلاً أو الزمالك أو يحرز هدفاً حاسماً فيعود إلى أجواء كأس الأمم ويساعد الأهلى والزمالك على تبرير إبرام صفقة لا يجب إبرامها.
ويمتد الفكر الخيالى إلى فيلم خيالى بطله حسن شحاتة ومنتخب نيجيريا.. وبينما نتحدث عن تحليق شحاتة فوق أجنحة النسور فى مونديال 2010، فإن أعيننا لا تلتفت إلى تحليقه فى دراما خيالية.. فهو لم يكن رقم «1» فى ترشيحات الاتحاد النيجيرى وتم وضع اسمه بعد خمسة أسماء أخرى.. وهم هناك فى نيجيريا مستعدون للتعاقد معه لكن بعد أن تفشل المفاوضات مع الأوروبيين.. لا يقولون لا لسمير زاهر عندما يسأل عن الحقيقة فهم لا يمانعون فى التعاقد مع أحسن مدرب أفريقى لكنهم سوف يمانعون إذا وافق هيدينك مثلاً.. ولذلك فإن الفيلم طال وقته وامتد عرضه.. والناس لا تنتبه أيضاً إلى أن حسن شحاتة لن يدرب منتخب نيجيريا بمفرده فهو يريد معه شوقى غريب وحمادة صدقى وربما أحمد سليمان وهذا مرفوض بشدة فى نيجيريا بنفس درجة رفض شحاتة لأن يتولى المهمة بمفرده بعيداً عن أجواء أسرار نجاحه الباهر..
إبراهيم ربيع
جدو لن يلعب للأهلى ولن ينضم للزمالك ولن يبقى فى الاتحاد!!
الجمعة، 26 فبراير 2010 02:10 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة