ما هذا الإصرار الغريب من قبل السلطة الحاكمة على الإبقاء على حالة الطوارئ طوال تلك الفترة من الزمن؟ ما يقرب من 30 عاما متواصلة وهذه الحالة الاستثنائية تحكم مصر بدون مبرر حقيقى ومد العمل بهذا القانون ألغى نصف مواد الدستور وأصبحت معطلة طوال تلك الفترة وهذه الحالة لم تمنع جريمة إرهابية واحدة بل ارتكب فى ظلها مجازر كبيرة من حوادث الصعيد حتى حوادث سيناء ولم نسمع عن قيام أجهزة الأمن بإحباط أى عملية قبل وقوعها والقبض على مخططيها وفى كل مرة وقبل نهاية هذه الحالة ومن أجل مدها تعلن أجهزة الأمن القبض على تنظيمات متطرفة وإنها تخطط لأعمال إرهابية ويتم المد وينسى الناس هذه التنظيمات وأخرها تنظيم الزاوية الحمراء.
وهو الأمر الذى جعل كل المراقبين قبل نهاية مدة العمل بقانون الطوارئ نتوقع القبض على تنظيم عبارة إحنا آسفين ويتم إخلاء سبيلهم وبدون معرفة لماذا قبض عليهم ولماذا أخلى سبيلهم وإصرار السلطة على بقاء العمل بقانون الطوارئ يؤكد إن السلطة عاجزة عن حماية البلد بالقوانين العادية وأنها تخشى الشعب نفسه وتعلم أنها سلطة مكروهة من الناس وتريد سلطات استثنائية لقمع الشعب وإرهابه ومعاملة الناس كالفراخ المحبوسة داخل قفص لا يتم فتح القفص الأبعد هزة بعنف عشرات المرات حتى يخرج الفراخ منه فى حاله دوخه وعدم تركيز، وهو ما ظهر مع وعد الرئيس مبارك بإلغاء حالة الطوارئ مقابل وضع قانون لمكافحة الإرهاب وتم تعديل الدستور ووضعت مادة خاصة للقانون ألغت بابا كاملا فيه وهو باب الحقوق والحريات وعندما اصطدمت أرادت السلطة مع التزاماتها الدولية ومعايير الأمم المتحدة لقوانين مكافحه الإرهاب تم تأجيل أو التخلى عن فكرة القانون وكان إمام المصريين والمجتمع الدولى خيارين أما قانون مكافحة الإرهاب او العمل بقانون الطوارئ للأبد، وكلاهما مر وعلقم ولايتنا سباق مع دولة تزعم السلطة فيها أنها مع الاستقرار وإنها عازمة على الإصلاح ويؤكد أنها سلطة لا تحب الشعب والشعب يبادلها نفس الشعور وتتعامل معه على أنه مجموعه من العبيد لا كرامه لهم وأن المصريين لا يتحركون إلا بالعصا.
وظهر إصرار السلطة على بقاء قانون الطوارئ عندما انبرى الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية إمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان مدافعا عن بقاء العمل بقانون الطوارئ وكيف رفض التوصيات التى أصدرها المجلس بإلغائه فى تحدى غريب من أستاذ قانون حمل أمانه القانون والحريات طوال تاريخه الأكاديمى وكيف اتصل بالرئيس مبارك ليبلغه بما تحقق من نجاح بمساعد الأخوة والأشقاء العرب وكأن الرئيس مبارك هو من يريد الإبقاء على هذه الحالة الاستثنائية طوال فتره حكمه وانه لا يستطيع الاستغناء عنها وكأنها جزء من أركان سلطاته، فلو كان هذا الأمر حقيقى فلماذا وعد بإنهائها فى برنامجه الانتخابى، ولماذا لم ينفذها رغم اقتراب الولاية الرئاسية على الانتهاء؟ وهل سيكون الوعد نفسه فى انتخابات 2011 أى بعد 30 عاما حكمه لهذه الأمة تحت مظله الطوارئ وفى هذه الحالة يتحمل الرئيس مبارك مسئولية المد طوال السنوات الماضية، وما التكاليف المالية لهذا القانون من البدلات والمخصصات لرجال الأمن وحتى التعويضات التى يحصل عليها المعتقلون نتيجة هذا القانون، والرئيس مبارك مطالب بإصدار بيان رئاسى يعلن فيه موعدا نهائيا لإلغاء هذه الحالة وبدون انتظار قانون مكافحه الإرهاب الموجود أصلا فى قانون العقوبات منذ عام 1993.
لقد أضر هذا القانون الاستثنائى بمصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأهدر أموالا كانت كفيله بحل أزمات كبرى فى المجتمع وفشل فى حماية المجتمع لكنه حمى السلطة فقط وحول مصر من دولة مدنية إلى دوله بوليسيه بحته وأصبح الأمن هو الذى يدير كل شىء فيها ومن هنا لابد من مناقشه عميقة لإضرار هذا القانون الذى تم استخدامه ضد المعارضين فقط وآخر ضحاياه الشاعر السيناوى مسعد ابو الفجر المعتقل منذ سنوات بدون محاكمة لأسباب قد لا يعرفها هو أو غيره إلا وزير الداخلية فقط الذى يصدر قرارات اعتقال متكررة له.
إن قضية حكم الطوارئ تحتاج إلى طرحها للنقاش العلنى وتقيمها تقيما موضوعيا لمعرفة إضرارها ومنافعها أن كان لها منافع، وبدون حساسية أو خوف ووضع مخطط لتصفيتها ومعالجه آثارها المتراكمة طوال 3 عقود من الزمن.
*نائب رئيس تحرير الوفد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة