إيه رأيك فى شوارعنا وإللى بيحصل فيها حاجة كده من الكوميديا السوداء ونوع من الذل بتشوفه كل يوم. الدليل عندما تعبر الشارع بين السيارات المسرعة تحتاج مهارة لاعبى السيرك حتى تصل للرصيف الآخر. المشكلة انك عند منتصف الطريق تهاجمك سيارة مندفعة فتتفاداها تقولش إللى معدى ده ماشى فى صحراء وتضطر للعودة إلى النقطة الأولى التى كنت تقف عندها.. ثم تعيد المحاولة من جديد.. وتمشى وتقول يمكن العربيات تقف خاصة إن الإشارة كلها واقفة.. تبص تلاقى عربية جاية سريعة عندها استعداد تأخد أى حد فى سكتها هنعمل إيه فى سواقين معندهاش ذوق ماشين بسرعة وهمجية وكل شوية نقول معلش بعد العربية إللى جايه دى هعدى تلاقى إللى بعدها وإللى بعدها ولو مجازفتش عمرك ماحتعدى. الحكاية أن قيادة السيارات عندنا ماشية بمبدأ أسرقها أو أخطفها هو أتعلمها كده وماحدش فهمه غلطة. النتيجة أن الجميع ماشى مكتئب وعلى استعداد فطرى للتورط فى أى خناقة بس أنت شاور مانت عارف شعبنا بيحب الفوضى. المشكلة الحقيقية تفشى القسوة والعنف والتخلف بيننا وفى حياتنا اليومية، ونمارسها بشكل يومى دون أن نشعر بتلك القسوة بداخلنا أو حتى نعترف بها .النتيجة معاناة ومشاحنات وإحباط يومى بنصطدم به فى الشارع وفى أى مكان طول الوقت ومافيش حد بيرحم حد.
الدليل أن محاولة عبور الطريق تقف عائق للإنسان العادى فمابالك بالاطفال والشيوخ وأصحاب الاحتياجات الخاصة أضعف خلق الله على وجه الأرض. فهل حقا نحن خير أمة أخرجت للناس؟ السبب أن أصحاب الجلود السميكة من المسئولين عندنا يملكون فنوناً كثيرة للخروج عن الموضوع. الدليل أنهم لا ينفون وجود أى مشكلة ويتحدثون عنها مثل أى مواطن عادى دون أن يعرضوا أى خطة أو خطوات عملية لحلها.. النتيجة أن جميع شوارعنا مصممة للسيارات فقط وشوارع بأكملها لا يوجد بها أى تقاطع لعبور المشاة خاصة فى مناطق المفروض أنها حديثة مثل مدينة نصر والمهندسين وكان يجب أن تساير التقدم. المشكلة عدم اتباع الأسس العلمية للتخطيط والعشوائية فمنطقة مثل المهندسين ما يربطها مع منطقة مثل الزمالك هو كوبرى 15 مايو ويضطر أى ساكن وعابر منها أو اليها أن يجتازه مما يستدعى صعود الكوبرى من جهد خاصة إذا ما تعلق الأمر بكبار السن والمرضى والأطفال ناهيك عن اصحاب الاحتياجات الخاصة فمن فكر فى توصيل محافظة الجيزة بالقاهرة فى هذه المنطقة كان يفكر فقط فى اصحاب السيارات ولم يرهق نفسه فى ممشى مريح للسائرين حتى يعبروا الكوبرى بأمان واطمئنان ويستمتعوا بنيلهم وبلدهم وتزيد جرعة الانتماء. المؤلم أن السلالم فى كوبرى 15 مايو تتميز بالارتفاع الكبير وشكله مثل القفص الحديدى.. إنه المشهد الذى يجسّد الفشل من مسئولين لا نعرف عن ماذا هم مسئولون؟ وماذا يفعلون بالضبط؟ .المشكلة الحقيقية هى اختيار الشخص غير المناسب فى المكان غير المناسب ولا أحد يحاسب أحد.. حتى وصلنا إلى درجة اختيار مرضى نفسيين لمناصب كبرى، مما يًعجل بانهيار الكثير من.
المؤسسات فى بلادنا. المؤلم أن بعض الدول الأوربية تحذر مواطنيها من السفر إلى مصر بسبب تزايد حوادث الطرق، وهناك من يتراجع عن الاستثمار عندنا بعدما يشاهد تلك الفوضى المرورية والعشوائية فى شوارعنا لأن الشكل يعبر عن الجوهر ونحن شكلنا بقى وحش قوى. فهل تعرفون الآن لماذا هم متقدمون ونحن مازلنا نعانى نفس المشاكل والهموم والتخلف..
• نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة