محمد مرعى يكتب: ليس من حق أحد أن يبيع التاريخ المصرى

الثلاثاء، 02 فبراير 2010 05:28 م
محمد مرعى يكتب: ليس من حق أحد أن يبيع التاريخ المصرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يدرس مجلس الشعب المصرى عرضا من أحد المستثمرين لشراء السد العالى وقناة السويس وشبه جزيرة سيناء، وذلك بعد أن طرح أحد أعضاء مجلس الشعب مشروع مناقصة عالمية لبيع السد العالى وقناة السويس وشبه جزيرة سيناء، وقد تم فى وقت سابق اتخاذ قرار بالموافقة على بيع الأهرامات وتقديم سعر خاص لأبو الهول فى حالة السداد الفورى لثمن الأهرامات.

هذا وقد قام بعض رجال الأعمال بالمجلس بعمل حصر للمعابد المصرية لطرحها فى الأسواق بعد الاتفاق على تحديد قيمة السمسرة للوسطاء فى عملية البيع ... وقد اشتمل الحصر المبدئى على المعابد الجنائزية مثل معبد حتشبسوت بالدير البحرى ومعبد الرامسيوم الذى بناه رمسيس الثانى ومعبد أبو سمبل الذى بناه رمسيس الثانى ومعبد منتوحتب الثانى بجوار معبد حتشبسوت بالدير البحرى ... ومعابد الألهة مثل معبد الكرنك والذى يعد أكبر دار للعبادة فى العالم القديم ومعبد الأقصرومعبد ادفو ... ومعابد بسيطة مثل معبد الملك خفرع بجوار هرم خفرع ومعبد المصطبة بجوار هرم زوسر المدرج.

وهناك بعض الشخصيات بالمجلس تفكر فى بيع سواحل مصر على البحر الأحمر والبحر المتوسط ... وقد احتد النقاش على تسعيرة الكيلو متر المربع على طول تلك السواحل ... وهل سيتم مراعاة فرق الألوان بين البحر الأحمر والبحر الأبيض ... أم كلها بحار والسلام ... ولكن إتفق الجميع على ضرورة الأخذ فى الاعتبار احتواء السواحل على موانئ أو شعاب مرجانية ... وأيضاً مراعاة التعويضات اللازم دفعها لسكان المدن وأصحاب القرى السياحية المطلة على تلك السواحل فى حالة وجود شروط للمشتريين الأجانب بإخلاء جميع الأماكن المطلة على السواحل قبل إتمام صفقات البيع والشراء... وأكدالجميع على أنه لابد من مراعاة كل ذلك أثناء التقييم والتثمين.

هذا وقد بدأت فى أروقة المجلس بعض الأحاديث الجانبية لمناقشة مشروع آخر وهو بيع التاريخ المصرى، وذلك بعد أن انقسم المجلس لجناح قديم وجناح وسط وجناح حديث، الجناح القديم اختص بدراسة كيفية بيع تاريخ قدماء المصريين، والجناح الوسط اختص بدراسة بيع تاريخ مصر الوسيط، أما الجناح الحديث فيختص بكيفية بيع تاريخ مصر الحديث.

الجناح الخاص ببيع تاريخ مصر القديم يرى من وجهة نظره ... أن التاريخ القديم لمصر أسهل فى تجهيزه للبيع عن التاريخ الحديث ... وكان الجدل بينهم يدور حول: هل سيتم بيع تاريخ مصر القديم جملة أم قطاعى ... قال البعض يباع بالجملة وبذلك يكون هناك ثلاث صفقات كبرى صفقة بالدولة القديمة وصفقة بالدولة الوسطى وصفقة بالدولة الحديثة فى العصر القديم ... بينما كان رأى البعض الآخر أن يباع التاريخ قطاعى بالأسرة ... بزعم أن ذلك سوف يزيد من إجمالى عائد البيع حيث سنحصل على مكاسب تجار الجملة ... وقدد اتفقت الآراء على أن يتم استكمال المناقشة فى وقت لاحق لدراسة كيفية بيع الآثار الباقية عن ذلك التاريخ والمتواجدة بالأماكن الأثرية والمتاحف ... وهل سيتم بيعها مع التاريخ التابعة له ... أم سيتم إجراء صفقات منفصلة خاصة بها.

أما الجناح الخاص ببيع تاريخ مصر الوسيط ... فيختص بتاريخ مصر الأخمينية وتاريخ مصر اليونانية والرومانية وتاريخ مصر المسيحية وتاريخ مصر الإسلامية وتاريخ مصر المملوكية وتاريخ مصر العثمانية وتاريخ مصر العلوية ... وأيضا احتد النقاش حول كيفية البيع هل يتم بالجملة أم بالقطاعى ... ولكن كمحاولة للحفاظ على الهدوء ... اتفق الجميع على أن يتم البيع للتاريخ بالجملة ... مع تخصيص مجموعات لدراسة ميزات كل فترة من تلك الفترات حتى لا يتم إهدار التاريخ المصرى وبيعه بثمن بخث ... ولكن الأثار المتبقية من تلك التواريخ تباع فى معرض مفتوح ... أمام الأثر نفسه من خلال ممارسات عامة ...

أما الجناح الأخير والخاص ببيع تاريخ مصر الحديث ... فقد اتفق أعضاؤه على أن يتم تقييم التاريخ بالأحداث وليس بالسنوات أو الآثار نظرا لعدم وجود آثار بهذا التاريخ وضآلة الفترة الزمنية مقارنة بآلاف السنين من التاريخ المصرى ... ولذلك ... انبثقت لجنة لدراسة أهم الأحداث وأهم الحركات الوطنية لهذه الفترة ... مع مراعاة الأحداث الكبرى من ثورة عرابى وثورة يوليو وتأميم قناة السويس وبناء السد العالى وحرب أكتوبر.


وتم الاتفاق فيما بين جميع الأعضاء على أن يكون شرط بيع أى جزء من تاريخ مصر فقط إلى الدول التى تفتقر إلى تاريخ يضاهى التاريخ المصرى ... وذلك من أجل مساعدة الشعوب الأخرى. عديمة التاريخ ... وضعيفة التاريخ ... على أن يتاح لهم الشعور بعمق تاريخى ... مثلما شعرنا ومثلما شعر أجدادنا ... ونظرا لأن تاريخنا المصرى أعمق بكثير من عمق غالبية تلك الدول ... فهذا بلا شك سوف يسمح لأغلب دول العالم بممارسة حقهم المشروع ومن خلال إستخدام قانون بيع وشراء التاريخ المصري...

أما بالنسبة لأجيالنا القادمة ... فقد كان من رأى البعض أنه نتيجة لعمليات بيع الأثار والتاريخ التى سوف يقومون بها ... فإنه يمكن شراء تاريخ بسيط لدولة ناشئة ... ويمكن شراء أسهم أو سندات بتاريخ الدول بعد أن أتاحت بعض الدول تاريخها فى بورصات التاريخ ... أو يمكن الذهاب الى السوبر ماركت لشراء كارت سنوى أو كارت مدى الحياة من إحدى شركات خدمات التاريخ لمن باع أو فقد تاريخه ... وبالنسبة للأثار فيمكننا إضافة شروط بعقود البيع لكى يحصل كل المصريين على خصم خاص ... عند محاولة زيارة ما كانت يوما ما ... أثاراً لأجدادهم ...

كل ما سبق من وحى الخيال ... ولم يحدث بالفعل حتى تاريخ نشر المقال ... ولكننى تخيلته لأنى لا أصدق ولا أستوعب خبر عن تقديم مشروع قانون إلى مجلس الشعب يطالب الدولة بالموافقة على السماح بحرية تداول الآثار والتجارة فيها داخل مصر.

السيد الرئيس محمد حسنى مبارك ...
هل تتخيل أن المصريين ماتوا فى حرب من أجل استعادة رمال بسيناء ...
واليوم يناقش مجلس الشعب المصرى قانونا يتيح بيع آثار تاريخ المصريين ...

أرجو من سيادتكم التدخل لمنع العبث بآثارنا المصرية وبتاريخ مصر ...

السيد الرئيس محمد حسنى مبارك ...
أرجوك أن تتذكر أنه من أجل تراب سيناء خضت وخاضت مصر حرب أكتوبر ...
أرجوك ... أن تقول لا لبيع آثار مصر ... وألف لا لبيع تاريخ مصر ...
أرجوك ... التدخل لمنع العبث بآثارنا المصرية وبتاريخنا المصرى ...
فتراب سيناء ليس أكثر غلاوة من آثار بلدنا وتاريخ أجدادنا ...
تراب سيناء ليس أكثر غلاوة من تاريخ مصر

إمضاء ...
مصرى
* مدرس مساعد – كلية الحاسبات والمعلومات – جامعة عين شمس





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة