انتشرت فى صالات عرض وطرقات معرض الكتاب بعض المظاهر الدينية الشكلية التى لا تنتمى للفكر والثقافة ولا الكتاب، فأمام مدخل المكتبات الإسلامية أو ساحات عرض الكتب الإسلامية وعلى غرار ما نراه أمام المساجد، ستجد البائع قد خصص ركنا على يسار أو يمين مكتبته لعرض العطور والسبح والبخور ولا يخلو الأمر من سواك أيضا.
ففى صالة 4 التى تحتلها المكتبات الإسلامية بالكامل تقريبا استوقفتنى مكتبة "التوعية" وسألت مديرها "محمد أمين" فقال: البخور والسواك والعطور من مكملات المكتبة الإسلامية فهى سنة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعن زجاجات العطر القصيرة التى اصطفت إلى جوار الكتب قال: "هى عطور خليجية مركزة يطلبها الزبائن بالاسم، وتستعمل فى الرقية الشرعية وفك السحر، وأشار إلى أن إدارة المعرض سمحت بها ولم تعترض، لأنه يحمل تصريحا لبيع الكتب العربية والأجنبية، وأكد أن الإدارة لا تبدى أية تحفظات إلا فى حالة بيع "السى دى"، لأنه لا يحمل تصريحا لبيعه بهذه الصالة.
وفى الصالة نفسها لاحظت زحاما شديدا من شباب يبدون من ملابسهم والقبعات التى يضعونها فوق رءوسهم وعيونهم الضيقة إنهم من مسلمى شرق آسيا، وبعد أن اقتربت علمت أنهم ماليزيون وقد اجتمعوا حول السواك يسألون البائع عن سعره، بينما انشغل آخر بالبحث عن زجاجة مسك يتطيب بها قبل الخروج إلى صلاة الجمعة فناولها له البائع قال لى: السواك سنة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والعطر أيضا، كما أننى لا أبيع العطور للنساء، لأنها غير مستحبة فكررت العبارة "غير مستحبة؟!" فرفع صوته قائلا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا مرت امرأة بقوم فاشتموا عطرها فهى زانية".
وفى فرش آخر تناولت زجاجات العطر الصغيرة وقد كتب عليها "جنة الفردوس" وأخرى "دعاء الجنة" فسألت البائع عن أسمائها الإسلامية فقال"المسلمون اتجهوا إلى العطور الإسلامية لأن الكحول محرم ونجس، مثلما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم تناولت زجاجة أخرى أكبر حجما كتب عليها "معطر جنات عدن" للملابس والمساجد والسيارات، وعلى الطرف الأيسر من الفرش يتدلى السواك وعندما نظرت إليه بادرنى البائع "الرسول بيقول إيه؟ لولا أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك قبل كل صلاة"، ومن أحيى سنتى فله مكانة عند الله، وعندما سألته "ألم تعترض إدارة المعرض على تلك المعروضات لأننا فى معرض للكتاب؟ فتساءل يعنى هما النساجون الشرقيون "بيبيعوا كتب مثلا؟ وفى ناس بتبيع سى دى وده مش ممنوع" ولو الناس اكتفت بالكتب وتركت سنة النبى يبقى جهل وتقصير".
بعدها بأمتار اصطدمت بكراتين متراصة أفقيا وكتب عليها "الشيخ الريحانى توليفة من أجود البخور الهندى" ، وإلى جوارها التقطت حجرا أبيض يشبه صابون الغسيل، ولكنه أصغر حجما كتب عليه "مسك جامد لتعطير المكاتب والسيارات"، وعندما سألت صاحب الفرشة قال "أعلم أنها لا تناسب معرض الكتاب ومن الأفضل ألا تعرض هنا، ولكننى وضعتها لدى خدمة لأحد الفقراء ومساعدة له فإن بيعت فله، وإن صودرت من قبل الإدارة فعليه وأنا غير مسئول عنها".