مازال أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة يمثل لغزا محيرا للعديد من أجهزة المخابرات العالمية وعلى رأسها جهاز الـ"سى أى أيه" الأمريكى، فـ"بن لادن" الذى لا يترك مناسبة إلا تحدث فيها عبر تسجيلات صوتية، تقوم ببثها قناة الجزيرة القطرية، فشلت حتى الآن أجهزة العالم الأمنية التوصل إليه، أو تحديد مكانه، ليظل التساؤل الأساسى كيف ومن أين يستخدم بن لادن التكنولوجيا الحديثة، وخاصة الإنترنت ليتواصل مع العالم الخارجى، وهو ما وضح من خلال تسجيله الأخير الذى تحدث فيه زعيم القاعدة عن أزمة التغيرات المناخية التى احتلت الأسابيع الماضية جزءاً كبيراً من اهتمام الدول الكبرى عقب المؤتمر الكبير الذى استضافته العاصمة الدانماركية كوبنهاجن.
بن لادن، فى أول تسجيل صوتى له فى العام 2010 حمل الدول الصناعية الكبرى مسئولية التغير المناخى ومخاطره، رابطا بين حديثه حول التغيرات المناخية والتى وصفها بأنها ليست "ترفا" بسيطرة الدول الغربية على العالم وقهرها، معتبرا تلك الدول الجناة الحقيقيين فى الأزمة المالية العالمية الراهنة، وهم أنفسهم وراء المضاربة والاحتكار وارتفاع الأسعار وهم أيضا وراء العولمة وتبعاتها المأساوية.
على الرغم من أن واشنطن، اعتبرت حديث بن لادن محاولة فاشلة لإثبات الذات، حيث سارع فيليب كراولى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية عقب هذا التسجيل بالقول "إن بن لادن لا يزال يعمل لكى يثبت أنه لا يزال مهما، فأعلن أننا تحولنا من الشيطان الأعظم إلى أننا مطلقى الانبعاثات"، إلا أن المراقبين يرون فى خطاب بن لادن مايؤكد على صلته الوثيقة بالعالم الخارجى، وأنه مطلع على كل ماهو جديد ويشغل العالم.
استغلال قضية جديدة مثل قضية التغيرات المناخية لشن هجوم على الدول الغربية، يراها ضياء رشوان نائب مدير مركز الأهرام للدرسات السياسية والاستراتيجية محاولة لكسب أرض جديدة للحرب، وهو يؤكد علم بن لادن بالمكانه التى تشغل هذه القضية للدول الغربية وأمريكا، ومن هنا يكون فتح جبهة جديدة للصراع، فمن وجهه نظره، أن الإفراط فى انبعاث الغازات الضارة والتسبب فى ظاهرة الاحتباس الحرارى الناتج من المصانع الأجنبية الكبرى هو السبب فى تغير المناخ مما يضر بالبشرية عامة.
وأكد رشوان على أن بن لادن فى جميع خطاباته السابقة اعتاد أن يقدم كل ماهو جديد وأن المجال الاقتصادى ظل يشغله لفترة طويلة، حتى أن هناك كتبا كثيرة أعدت فى هذا السياق وبحثت فى نظرة بن لادن الاقتصادية فى العالم، وتوصلت إلى نتيجة هامة مفادها أن زعيم تنظيم القاعدة ينظر للاقتصاد بأنه موضوع مكمل للسياسة ولا يتجزأ عنها.
الإنترنت عاون بن لادن جيدا فى تجديد خطابة الإعلامى بشكل مستمر، وهى ليست المرة الأولى التى يتطرق فيها إلى موضوعات مطروحة على الساحة سواء العربية أو الدولية، حيث أوضح اللواء محمد قدرى سعيد الخبير الاستراتيجى أن الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية دائمة الحضور فى تسجيلات بن لادن، وهو الأمر الذى يؤكد حرصة على التجدد.
وذكر قدرى، عددا من الموضوعات التى ناقشها سابقا بن لادن فى خطابه مثل حديثه عن التخلى عن الدولار كعملة عالمية وعن الأزمة الاقتصادية العالمية وعن سيطرة الدول الكبرى على آبار البترول فى العالم وخوض الحروب من أجل النفط، وتطرقه إلى أن الشركات الكبرى العالمية كان لها مصلحة كبيرة جدا من غزو العراق من أجل السيطرة على حقول النفط هناك، كلها تتوافق مع ما أكدته فى الآونة الأخيرة من بعض الدول ومنها دول خليجية كالسعودية والإمارات عن استبدال الدولار الأمريكى كعملة عالمية بغيرها من العملات الأجنبية.
منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 بث بن لادن وأيمن الظواهرى -الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة- وحلفاؤهما أكثر من 60 رسالة، وخلال العامين الماضيين فقط أصدر بن لادن وحده 11 تسجيلا بمعدل تسجيل كل شهرين تقريبا، كان اثنان منها بمناسبة ذكرى أحداث 11 سبتمبر2001، أما الباقى فكانت رسائل إلى جهات مختلفة.
كثرة التسجيلات هذه تتطلب من بن لادن التجديد بصورة مستمرة والمتابعة لأحداث الساحة ليظل دائما محور اهتمام من الجميع، وليجمع حوله الأضواء وهى الفكرة التى أكدها، اللواء عادل سليمان المدير التنفيذى للمركز الدولى للدراسات المستقبلية، موضحا أن بن لادن يريد أن يثبت للعالم أن تنظيم القاعدة لايزال موجودا، وأنه تنظيم يهتم بالاهتمامات العالمية شأنها شأن المنظمات الأخرى على مستوى العالم، وأنه لا يزال موجودا على الساحة وله صوت مؤثر.
خبراء: بن لادن يسعى لتحسين صورته أمام الرأى العام العالمى
الثلاثاء، 02 فبراير 2010 04:00 م
أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة