محمد حمدى

الصعيد على البحر

الثلاثاء، 02 فبراير 2010 12:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أخذ نهر النيل مجراه الحالى قادما من جنوب مصر إلى شمالها، حددت الطبيعة اتجاه الحركة فى البلاد، فالمياه تأتى من الجنوب إلى الشمال حاملة معها الحياة لكل أنحاء مصر دون استثناء، بينما ظل الصعيد طريقا للمياه والبشر الذين يرحلون شمالا بحثا عن أبواب رزق لا تتوافر لهم فى هذا الجنوب الطيب الذى تحمل لآلاف السنين عبء تنمية وازدهار الوطن، دون أن يكون شريكا فيه.

فى الصعيد لا تبدو فرص التنمية والرزق كبيرة، فالنهر اختار طريقه فى أرض مبسوطة، لا يحدها الكثير من الأراضى، وتمضى الجبال من الشرق.. والصحراء من الغرب لترسم خريطة حياة البشر اليومية، وتحد من فرص التمدد الجغرافى والعمرانى، وظلت الجبال سدا منيعا يفصل الصعيد عن الشرق حيث البحر الأحمر.

وباستثناء طريق قنا البحر الأحمر ظل الصعيد يتجه شمالا وليس شرقا، ولم تفكر كل الإدارات المصرية المتعاقبة فى إعادة توجيه المسار واختراق سلسلة الجبال الشرقية وربط الصعيد بالبحر الأحمر، رغم أن هذا التوجه كان كفيلا بتغيير وجه الحياة فى جنوب مصر.

البحر كما قلت فى مقال سابق يغير وجه الحياة فى المدن التى تطل عليه، فهو إضافة إلى منافعه الاقتصادية من خلال تنشيط حركة التجارة والصناعة، يحمل رياحا ثقافية ويفتح المجتمعات على ثقافات مغايرة، ويخلق حالة من التنوع عبر التزواج بين البشر والحضارات المختلفة.

خلال أيام يفتتح الرئيس حسنى مبارك المرحلة الأولى من طريق سوهاج البحر الأحمر، وقد قال عنه المسئولون إنه يوازى سد عال جديدا، البعض قارن بين ما أنفق على هذا الطريق من أموال، وما تم فيه من جهد، ومن تفجير جبال وشق الصخور لتمهيد الطريق، لكن الأهم من هذا أنه سيفتح بابا جديدا لسوهاج على البحر الأحمر، مما يعنى أبوابا للرزق والعمل والاستثمار فى واحدة من أفقر المحافظات المصرية.

وإذا كنا ننتقد الحكومة حين تخطئ فإن من واجبها علينا أن نشيد بها لأنها اهتمت بهذا المشروع الذى كان حلما دائما لسكان سوهاج، ثم تحول إلى حقيقة، فعلى جانبى الطريق سيقام ‮ ‬11‮ ‬تجمعا عمرانيا ويختصر المسافة بين سفاجا وسوهاج لأقل من ساعتين وسيوفر‮ ‬250‮ ‬ألف فدان صالحة للزراعة،‮ ‬وينشط الحركة السياحية بين مدن الغردقة ومرسى علم ومنتجعات البحر الأحمر والمناطق الأثرية والدينية فى عرابة ابيدوس واخميم والمنشأة والبلينا وأديرة‮ ‬الأحمر فى سوهاج ودرنكة فى أسيوط ومسار العائلة المقدسة خلال رحلتها بالصعيد‮. ‬

ولن تقتصر فوائد هذا الطريق على سوهاج وحدها وإنما سيمتد إلى أسيوط أيضا.. لتنهى المحافظتان آلاف الأعوام من العزلة.. فمبروك على الصعيد الذى أصبح على البحر!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة