نقلاً عن العدد الإسبوعى
◄◄«فى ظلال القرآن» و«معالم على الطريق» أشهر الأحراز الأمنية التى تجعلك تكفيريا وداعيا للعنف
◄◄ الانتماء إلى جماعة محظورة وإرهابية تهمة من يمتلك «نحو جيل مسلم» و«طريق الدعوة»
◄◄«الكافى» وخطبة لـ«حسن شحاتة» تجعلك متهما بالترويج للمذهب الشيعى
◄◄«العمدة فى إعداد العدة» و«التبرئة» تأتيك باتهام الانتماء لتنظيم القاعدة
أجمل ما فى قيادات الحكومة والحزب الوطنى هو «وشهم المكشوف» الذى لا يخجل من قول الكلام وإطلاق التصريحات فى الصباح، والقيام بأفعال عكسها تماما فى المساء، وبما أنك تعيش فى مصر، فمن المؤكد أنك تسمع تصريحات السادة المسئولين ومانشيتات صحف الحكومة التى تخرج صباح كل يوم لتؤكد انهيار جماعة الإخوان وانخفاض شعبيتها وعدم قدرتها على تحقيق نجاح برلمانى مثلما حدث فى انتخابات 2005، ولكن عندما يأتى المساء تنقلب الآية تماماً وتتحول تلك التصريحات إلى أفعال تكذبها وتثبت أن الدولة مازالت تخشى الجماعة وحضورها فى الانتخابات القادمة، وحملة الاعتقالات المنظمة لقيادات الجماعة خير دليل على ذلك، خصوصا أنها شهدت وللمرة الأولى اعتقال 4 من أعضاء مكتب الإرشاد، حتى لو كنا نؤمن نحن المتابعين لأحوال الشارع أن الجماعة لم تعد بالفعل مصدر خطورة على الوضع السياسى والانتخابى للحزب الوطنى، كما كان الحال فى 2005 بسبب الخلافات الأخيرة التى شهدها مكتب الإرشاد والانقسامات الأخيرة التى أبعدت حبيب وأبوالفتوح عن مسرح عمليات التخطيط والمتابعة بخلاف سبب أقوى هو وجود خيرت الشاطر فى السجن.
حملة الاعتقالات التى أصبحت عادة يقوم بها النظام قبل أى انتخابات حتى لو كانت انتخابات اتحاد الطلبة فى الجامعات، اختلف صداها ووقع مفاجآتها عن حملات الاعتقال التى سبقت انتخابات الشورى والمحليات والنقابات المهنية، ربما لأن قدوم محمد بديع كمرشد للإخوان خلفا لمهدى عاكف وتصريحاته التى تدعو للتهدئة وترفض فكرة الخصومة مع النظام تركت انطباعا لدى الرأى العام بأن هناك حالة توافق نسبى وهدنة بين الجماعة والنظام، وربما لأن المشاكل التى كانت تمر بها الجماعة فى الفترة الأخيرة كانت كفيلة بمفردها أن تقدم للنظام الحاكم خدمة العمر بالتأثير على شعبية الجماعة قبل الانتخابات المقبلة، وربما لأن أبرز من تم اعتقالهم هذه المرة كان بينهم الرجل المحترم الذى يحظى بتوافق من الجميع الدكتور عصام العريان، والدكتور محمود عزت الذى يعانى من حالة إقصاء واضحة داخل مكتب الإرشاد، وهى أسماء لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تنطبق عليهم، فلا الدكتور عصام العريان الذى تعرفه التيارات السياسة المختلفة يمكنه أن يقود تنظيمات إرهابية مسلحة، ولا الدكتور محمود عزت فى وضع داخل الجماعة يسمح له بوضع خطة لتنظيم معسكرات هدفها الإضرار بالأمن العام وتهديد نظام الحكم واستقراره، كما جاء فى نص مذكرة النيابة التى وجهت تهما أخرى للمعتقلين من بينها الانضمام لجماعة محظورة وحيازة أوراق ومطبوعات تروج لأفكارها، والانتماء لهيكل تنظيمى ينتهج أفكار سيد قطب، وهى اتهامات لو تمهلنا فى قراءة كل واحدة منها على حدة ستصيبك نوبة من الضحك الهيستيرى.
- التهمة الأولى الانضمام لجماعة محظورة: وهو اتهام قانونى 100 % على اعتبار أن الجماعة بالفعل «منحلة» ولكنه اتهام سياسى سخيف وساذج، لأن الجماعة موجودة فى قلب الشارع، ولها أعضاء فى البرلمان ولها مرشد عام يصدر بيانات أسبوعية ويعقد اجتماعات بشكل منتظم، كما أنه اتهام يتم استخدامه حسب مزاج الجهاز الأمنى، لأن هناك على الأقل أكثر من 100ألف معلوم بالضرورة انتماؤهم للجماعة تنظيميا يسيرون فى جميع شوارع مصر، فلماذا لا تقوم الأجهزة الأمنية بدورها لحماية الوطن واعتقال هؤلاء؟ كما أنه اتهام يمكننا أن نستخدمه لمحاسبة وزارة الداخلية التى سمحت لهذه الجماعة المحظورة بفتح مكتب لها فى المنيل يتم فيه عقد الاجتماعات وتنفيذ تلك المخططات الشريرة التى تم بسببها اعتقال العريان وعبدالبر وعزت، وأنه إذا كان هؤلاء متهمين بالإشراف والتخطيط لإنشاء تنظيمات إرهابية داخل الجماعة فإنه وطبقا للضرورة يجب اعتقال المرشد باعتباره المسئول الأول عن الجماعة، وإلا سيصبح هذا تقاعسا أمنيا هدفه الإضرار بأمن الوطن!
- التهمة الثانية حيازة أوراق ومطبوعات تروج لأفكارها: وهو اتهام يجب توجيهه لعشرات الآلاف من أبناء الجماعة، لأنه وبطبيعة الحال سيصبح داخل كل بيت إخوانى شعار للجماعة وصورة لحسن البنا ورسالة مطبوعة للمرشد وكتب تحمل أفكارها الدعوية والسياسية.
- التهمة الثالثة الانتماء لهيكل تنظيمى ينتهج أفكار سيد قطب: وهو اتهام يضحك لأن توجيهه يتم على أساس عدد الكتب التى تحتويها مكتبتك المنزلية وتحمل اسم أو توقيع المفكر الكبير الراحل سيد قطب.
التهم الثلاث السابقة جاهزة ويتم استخدامها فى كل حملات الاعتقال سواء كان المعتقل فلاحا أو عاملا أو طالبا أو قياديا فى الجماعة، ولكن المثير فى هذه الاتهامات هو مسألة الاعتقال بناء على نوعية الكتب التى تحتويها مكتبتك المنزلية، رغم أن الكثير من عناوين الكتب التى تستخدمها الأجهزة الأمنية كأحراز وأدلة يتم على أساسها الاعتقال وتوجيه التهم موجودة بكل بساطة فى أغلب البيوت والمكتبات المصرية إما بحكم الاطلاع والمعرفة أو بحكم الدراسة أو بحكم الوراثة عن الآباء والأجداد.. وهذا الأمر يعنى ببساطة أنك معرض للاعتقال فى أى وقت لو كان فى مكتبتك أو فى كراكيب البلكونة وغرفة السطوح كتاب من هذه الكتب التى يكرهها جهاز أمن الدولة ويراها خطراً على أمن الوطن ومستقبله.
ولو كنت من المتابعين للقضايا الأخيرة التى شهدت اعتقال عدد من القيادات الشيعية والسلفية والإخوانية فى قضايا أو حملات مختلفة سوف تدرك أن الاتهام بترويج المذهب الشيعى ونشر الفتنة المذهبية لا يحتاج إلا لصورة صغيرة للإمام الحسين أو لوحة مطرزة باسمه حصلت عليها أثناء المولد أو خطبة للشيخ حسن شحاتة أحضرتها من على الإنترنت أو أحد الكتب الشيعية ككتاب «الكافى» يسكن مكتبتك على سبيل الاطلاع والمعرفة، مثلما حدث فى مرات كثيرة مع أحمد راسم النفيس وعدد من الطلبة الذين تم اعتقالهم غدرا، أما الاتهام بالانتماء لتنظيم القاعدة فلا يحتاج مثلما حدث فى قضية التنظيم المسلح الذى عرف إعلاميا باسم تنظيم المهندسين إلا لكتاب يحمل عنوان «أعدوا للمقاومة» لمؤلف اسمه أبومصعب السورى أو كتاب «العمدة فى إعداد العدة» أو كتابى «التبرئة» و«الحصاد المر» لأيمن الظواهرى، تقرير من جهاز مكافحة الإنترنت يثبت دخولك على مواقع تابعة للتنظيم أو مواقع خاصة بالتفجيرات وإعداد القنابل حتى لو كان فضولك هو سبب مرورك على تلك المواقع أو سبب تحميلك لتلك الكتب المنتشرة على الإنترنت، كما أن بعض مؤلفات أبو الأعلى المودودى أو كتب لمشايخ السلف المشهورين وخطب صوتية لمشايخ السعودية أشياء كافية لجرك على خلفية انتمائك لتنظيمات متطرفة مثلما حدث مع طلبة تنظيم الطائفة المنصورة منذ فترة.
أما الاتهام بالانتماء إلى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة يهدف إلى قلب نظام الحكم وإثارة الأمن العام، فلا تحتاج الأجهزة الأمنية مثلما حدث فى عدد من حملات الاعتقال وتحديداً حملة اعتقال مناصرى فلسطين فى 2002 واعتقال شقيقين من العريش فى يناير 2009 أكثر من وجود كتب تحمل عناوين مثل «نحو جيل مسلم» أو«طريق الدعوة» الذى قام بتأليفه المرشد الراحل مصطفى مشهور، أو «أفراح الروح» تأليف سيد قطب، و«رجال ونساء حول الرسول» و«فقه السيرة»، أو كتيبات صغيرة تحمل عناوين مثل «يا مسلمون الأقصى فى خطر» و«القرآن فوق الدستور» و«ضوابط العمل الإسلامى» و«الجهاد بالمساهمة» و«فقه الجهاد وزاد المجاهدين» و«المحرقة الصهيونية» و«قوارب النجاة فى حياة الدعاة» لفتى يكن.
أما الاتهام باعتناق الفكر التكفيرى المتطرف فيكفى أجهزة الأمن أن تجد اسم المفكر الراحل سيد قطب على أى كتاب فى منزلك حتى لو كان «التصوير الفنى فى القرآن الكريم»، وتعتبر كتب سيد قطب الموجودة فى أغلب بيوت مصر والتى تحمل عناوين مثل «فى ظلال القرأن» و«معالم فى الطريق» هى الأشهر فى لائحة الأحراز التى يتم على أساسها توجيه اتهامات من نوعية تكفير المجتمع والتخطيط للقيام بأعمال عنف تهدف لهز الاستقرار.
الغريب أن أغلب هذه الكتب والعناوين يباع على الأرصفة بجوار الصحف والجرائد، ومن الطبيعى جداً أن تجده فى المكتبات المنزلية الذى يهتم أهلها بالاطلاع والمعرفة أو يتخصص أحد أفرادها فى دراسة التفسير أو الفقه أو الدين، كما أن هذه الكتب يتم طبعها فى دور نشر خاضعة لإشراف أجهزة الأمن وتعمل برخصة حكومية، فلماذا لم تقم بإيقاف طبعاتها أو حرقها أو مصادرتها إن كانت بهذا القدر من الخطورة الذى يجعل مقتنيها عضوا فى تنظيم محظور وعنصرا ضمن تنظيم سرى مسلح تكفيرى يهدد أمن وسلامة المجتمع؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة