«محدش فى مصر كلها يسمع عن «سيدى برانى» غير أهلها أو اللى زاروها أو اللى ليهم مصلحة فيها، غير كده محدش يعرف عنها حاجة»، هكذا يبدأ الحاج عبدالرازق عباس مفتاح «مربى أغنام وإبل» الكلام عن مدينته الحدودية الصغيرة التى تفصلها عن السلوم نصف ساعة بالسيارة، وتنتمى إداريا إلى محافظة مطروح، «لكن طبعا انتماءنا لمطروح ده على الورق بس، اسأل كده أى حد من الحكومة فى مصر عن بلدنا، عمر ما حد سمع اسمها»، هذا التجاهل كما يصفه الحاج عبدالرازق ليس عفويا، لأن هناك «مستفيدين» يقفون وراءه، «والحكومة مريحة دماغها، سايبانا مرميين فى الصحرا ومعتمدة على إننا هنعتمد على نفسنا ونصرف أمورنا، زمان كنا بنعمل كده، كانت المطرة بتنزل ومعاها الخير، بنزرع ونرعى الغنم والإبل، كان الراجل العادى عنده 300 راس، لكن بقالنا 14 سنة عايشين فى جفاف، من سنة 96، لا المطرة راضية تنزل، ولا الحكومة راضية تحن علينا، وتشوف مشاكلنا ممكن تتحل ازاى؟».
محمد أبو الزرريع صاحب محل موبايلات فى سوق برانى الرئيسى يواصل الكلام قائلا: عدد سكان برانى 25 ألف نسمة، يعيشون عيشة بدائية تماما، وهم راضون بهذا، لكن المشكلة الأساسية هى عدم وجود أى عمل، لأن النشاط الأساسى لهم هو الرعى والزراعة، وعدم وجود مياه بالسنين يجعلهم يذبحون ثروتهم الحيوانية لكى يأكلوا بثمنها، حتى أصبح معظمهم يعيش فى حالة فقر شديد، كما أن الأمراض تنتشر بين بدو برانى بصورة كبيرة بسبب الفقر وانتشار القمامة فى الشوارع دون أن يهتم أحد برفعها، وأيضا بسبب المستشفى الذى يفتقر إلى الأطباء والأجهزة والعلاج.
الحاج عبدالرازق يستكمل كلامه مرة أخرى: احنا معندناش أى تمثيل سياسى فى برانى، مفيش غير الحزب الوطنى، واحنا ما قلناش لأ، انضمينا للحزب الوطنى وحبيناه، لكن الحزب عمره ما قدم لنا أى خدمة، ومش بعيد الحب ده ينقلب كره إذا استمر الوضع على الحال ده، محافظة مطروح زمان كانت بتضم تلت الثروة الحيوانية من الغنم والإبل فى مصر كلها، لكن الحكومة أهملت الثروة دى وسابتها تضيع بسبب الجفاف، دلوقتى بقى الغنى عنده 30 ولا 40 راس، والحال وقف خالص.
إدريس قاسم عباس مهندس ميكانيكا يقول: حتى الحدود مع ليبيا اللى كانت متنفس لبعض الناس للتجارة اتقفلت، لازم الدولة تقوم بدورها وتوفر لنا ميه عشان الزراعة والرعى، مثلا مشروع المياه الارتوازية، ليه الحكومة ما تساعدش البدو فيه، حفر بير واحد بيتكلف حوالى 10 آلاف جنيه، وده مبلغ كبير جدا بالنسبة للحالة الاقتصادية السيئة اللى الناس عايشة فيها، ولازم كمان الدولة تفتح لنا البحر، احنا مدينة ساحلية ومع ذلك البحر متحرم علينا بحجة منع التهريب، احنا مش مسئولين عن بعض الأفراد اللى بيهربوا.
حكاية 25 ألف إنسان و14 سنة جفاف.. زمان كان أقل واحد فى سيدى برانى عنده 300 راس غنم وإبل.. ربنا يجازى المطرة اللى مبتنزلش والحكومة اللى مطنشة
الجمعة، 19 فبراير 2010 12:34 ص
أهالى سيدى برانى ومعاناة بلا حدود
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة