قبل شهور انتقد المهندس أحمد عز النائب البرلمانى والأمين العام للحزب الوطنى أسلوب العلاج على نفقة الدولة، وأكد على أن الأسلوب الأمثل هو التأمين الصحى الشامل، وأثار وقتها كلام عز العواصف ضده حتى أنه اضطر إلى إعادة توضيحه وقوله أنه ليس ضد علاج الفقراء على نفقة الدولة، وبعد شهور من هذه الزوبعة يتجدد الجدل حولها ولكن بأسلوب مختلف، حيث اتهمت وزارة الصحة 11 نائبا بأنهم حصلوا على قرارات علاج بـ44 مليون جنيه فى شهر واحد فقط.
البعض فسر حديث وزارة الصحة فى هذا التوقيت تحديداً، بأنه تواصل مع انتقادات عز السابقة، ولكن بطريقة أخرى تتمثل فى إظهار نظام العلاج على نفقة الدولة وكأنه حكر على فئة محدودة، فى حين ذهب آخرون إلى أن تجدد الجدل هو انعكاس لصراع دائر بين وزارتى الصحة والمالية حول الأموال المخصصة له، حيث إن المالية ترفض رفع الميزانية المخصصة للعلاج، وهو ما دفع بعض المستشفيات إلى طرد المرضى الفقراء دون علاجهم متعللة بعدم سداد قيمة العلاج لهذه المستشفيات. ومع اختلاف التقديرات الخاصة بتجدد الجدل فى هذه القضية، يبقى التأكيد على أنه فى غياب نظام تأمينى شامل يمد مظلة العلاج إلى كل الفقراء، فليس هناك بديل عن نظام العلاج على نفقة الدولة، كما أن انسداد فرص العلاج بالمجان الذى كانت توفره المستشفيات العامة فى مراحل سابقة، دفع المحرومين من الحصول على العلاج طبقا لوظائفهم إلى التدافع للحصول على قرارات العلاج على نفقة الدولة.
اليوم السابع واجهت النواب المتهمين من قبل وزارة الصحة بالمغالاة فى الحصول على قرارات العلاج والمسئولية عن حرمان الآلاف من المواطنين الفقراء من حقهم فى العلاج.
حاسبوا وزير المالية على علاجه أولاً
النائب الدكتور فريد إسماعيل، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين قال: «أخذت خلال الشهر الماضى ما يقرب من 143 قرار علاج على نفقة الدولة لأهالى دائرتى بقيمة 230 ألف جنيه، بمتوسط 1000 جنيه للقرار»، مشيراً إلى أن هذا المبلغ مسموح به فى البروتوكولات الخاصة بوزارة الصحة.
وأضاف: «بدل ما يحاسبوا النواب على قرارات حصلوا عليها من أجل مواطنين فقراء بل وبعضهم تحت خط الفقر.. عليهم التحقيق فى المليون جنيه قيمة العلاج الذى تلقاه وزير المالية فى الخارج على نفقة الدولة خلاف البدلات».
وحمّل النائب أزمة القرارات العلاجية للوزارة قائلاً: «قديماً كانت المستشفيات تقدم العلاج مجانا.. أما الآن فتطلب من المريض إحضار قرار علاج على نفقة الدولة لتقدم له خدمة كفلها له الدستور».
قائمة وزارة الصحة «فشنك»
قال النائب على فتح الباب عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، «أنا لا أقبل أى اتهامات من وزارة الصحة لى بشأن قرارات العلاج.. فأنا وسيط بين المواطنين والمجالس الطبية ليحصلوا على قرارات العلاج» مؤكداً أن النائب لا يضع شيئا فى جيبه من أموال قرارات العلاج على نفقة الدولة وأن كثرة القرارات دليل على نشاط النائب، كما أن القرارات لا تصدر بناء على رغبة النائب وإنما بناء على تقرير من إحدى المستشفيات الحكومية لتحديد ما يحتاجه المريض.
وأشار إلى أن قرارات العلاج على نفقة الدولة تكاد تكون الخدمة الحقيقية التى يقدمها النواب لأهالى دوائرهم.
وصف فتح الباب قرار وزير الصحة بتحديد سقف لتكلفة القرارات التى يحصل عليها كل نائب بالنظام الفاشل، قائلاً: «الوزير مبيوزعش نفحات على النواب علشان يحددها.
هذه القرارات لمصلحة النواب
قال النائب عادل شعلان، عضو الحزب الوطنى:«إذا كانت قرارات العلاج كثيرة فهذا للنواب لا عليهم، كما أن النواب يحصلون على أوراق أما المبالغ المالية فتصرف للمستشفيات الصادر لها التحويل» وأضاف: «النائب الشاطر هو من يتحرك لخدمة أهالى دائرته وفى حالة تقاعسه سيذهب المرضى بأنفسهم لاستصدار القرار وهو أمر صعب». وأكد شعلان أن القرارات ذات القيمة الكبيرة كان يتم اعتمادها من الدكتور عبدالحميد أباظة، رئيس الإدارة المركزية، للاتصال بوزارة الصحة، مما يعنى أن المسئولين بالوزارة على علم بالمبالغ التى تحتويها الإقرارات ولم يفاجأوا بها.
وأرجع شعلان سبب هجوم الوزارة على النواب فى الوقت الحالى يعود إلى أن موازنة وزارة الصحة غير كافية، وهو ما دفع الوزارة إلى اختلاق «تلكيكة» لكى تعطل قرارات العلاج لفترة معينة، وقال: «أنا أهيب الوزير بدلاً التشكيك بأن يعيد أموال العلاج المجانى إلى المستشفيات.
حصلت على قرارات بـ5 ملايين جنيه فقط
نفى النائب صلاح الصايغ ما تردد عن كونه من قائمة الـ 11 نائباً الذين حصلوا على قرارات للعلاج على نفقة الدولة تقدر بملايين الجنيهات، وقال: «جملة ما حصلت عليه طوال السنوات الأربع من عمر الدورة الحالية هو 5 ملايين جنيه، وهو مبلغ بسيط مقارنة بالنواب الذين حصلوا على قرارات للعلاج تتعدى هذا المبلغ».. لافتاً إلى أن نواب الأغلبية وعلى رأسهم النائب المهندس أحمد عز، من أكثر النواب الذين حصلوا على مبالغ كبيرة للعلاج على نفقة الدولة، بل الأكثر من ذلك أن معظم قرارات العلاج التى صدرت لعز تم تحويلها لمستشفى دار الفؤاد، أحد مشروعات البيزنس الخاصة بوزير الصحة. ويقول: «أتوقع أن تشهد الجلسات القادمة انتفاضة ضد الإجراءات التى اتخذتها وزارة الصحة للحد من قرارات العلاج التى يحصل عليها نواب البرلمان».
وجودى ضمن القائمة وسام على صدرى
يرى نائب الأغلبية عن دائرة طامية الفيوم، أن يكون وجوده ضمن قائمة الـ11 نائبا ليس سبة أو عارا، لأن النائب أو المواطن لا يأخذ أموالا فى يده وإنما القرار يخرج من الوزارة ليتسلمه المستشفى التى تبدأ بعد ذلك تحصيل قيمته، وأكد أن نشاط النائب فى استخراج قرارات العلاج على نفقة الدولة ليس محل اتهام، وقال: إن ما أفعله لعلاج المواطنين الفقراء هو وسام على صدرى، خاصة إذا كانت الدولة لا تقدم أى خدمات أخرى للمواطن، حيث يعانى النواب من الفرجة على طابور البطالة الذى يصطف فيه أهالى دوائرهم دون أن يستطيعوا مد يد العون لهم فى ظل توقف الحكومة عن تقديم أى وظائف لهم، بالإضافة إلى تردى حالة الخدمات العامة والأزمة الاقتصادية، وتساءل النائب: كيف يصدر وزير الصحة قرارا بتحديد سقف لقيمة القرارات التى يأخذها النائب خلال شهر.
أعلنوا عن فواتير علاج الوزراء أولاً
المساواة فى الظلم عدل.. هكذا قال النائب المعارض محمد العمدة، بعد أن كشف عن مستندات تفيد حصول الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية وعضو مجلس الشعب على قرارات للعلاج على نفقة الدولة خارج البلاد تقدر قيمتها بنحو 15 ألف يورو، فضلاً عن قرار العلاج الأخير بالولايات المتحدة الأمريكية وقيمته 3 آلاف دولار، ويستطرد قائلاً: «للأسف وزير المالية حصل على هذه القرارات لصالح نفسه وليس لأبناء دائرته كما يفعل باقى النواب.
طالب العمدة الحكومة بإعلان قيمة فواتير العلاج للوزراء وكبار الشخصيات قبل تحجيم قرارات العلاج على نفقة الدولة لنواب المعارضة الذين لم يستطيعوا توفير أية خدمات لأهالى دوائرهم سوى مساعدتهم فى توفير العلاج اللازم من خلال الحصول على هذه القرارات.
الجبلى قالى: مرضى قرارات العلاج يروحوا فى ستين داهية
أكد النائب عمران مجاهد أن وزير الصحة يتعامل مع قرارات العلاج على نفقة الدولة بنظام الخيار والفاقوس. ويقول: «أنا لجأت إلى الدكتور الجبلى بعد اصدار المستشفيات الجامعية لقرار بعدم التعامل مع مرضى قرارات العلاج على نفقه الدولة.. وطلبت منه قبل أن يدخل إحدى الجلسات المخصصة لمناقشة مشروع نقل وزراعة الأعضاء البشرية ان يحل هذه المشكلة.. إلا أنه عاملنى باستهتار، وقال«المرضى يموتوا.. يروحوا فى ستين داهية مش مشكلتى».
ويدافع النائب عمران مجاهد عن نفسه قائلاً: «نعم أنا من النواب الذين حصلوا على ملايين الجنيهات فى قرارات العلاج على نفقة الدولة.. فهدفى منذ البداية هو خدمة هؤلاء المرضى التى تخلت وزارة الصحة عن علاجهم.. وبالنسبة لقرارات العلاج فلا يوجد نص فى القانون يقضى بمنع عضو مجلس الشعب فى الحصول على قرارات للعلاج على نفقة الدولة.
هل تدهس حرب «الصحة» و«المالية» قرارات العلاج على نفقة الدولة؟
أول مواجهة مع نواب أزمة الـ 44 مليون جنيه فى مجلس الشعب
الجمعة، 19 فبراير 2010 12:41 ص