◄◄ من الرجل الغامض وراء كل قضايا هشام طلعت ورامى لكح وبركات وشفيق جبر؟
◄◄همسات حول دور الصراع مع «عز والوليد» فى مأساة «هشام طلعت وسوزان تميم»
◄◄ شفيق جبر ومحمد العبار وصراع «القط والفار».. ومدحت بركات فى السجن بعد صراع على أراضى الدولة بالطريق الصحراوى
◄◄ رامى لكح الطموح السياسى حرك ضده رجال الحزب الوطنى والطموح الاقتصادى حرك ضده منافسين
كلما سألت رجل أعمال أو مستثمرا عن سبب تعثره وهروبه للخارج بأموال البنوك والمودعين سيقول لك على الفور إن فلانا حرك ضده البنوك للإيقاع به وإخراجه من السوق لصالح رجل أعمال آخر يستتر وراء مسئول أو مدير بنك أو جهاز أمنى.. القائمة طويلة والحكايات بعضها مقنع وبعضها الآخر غير محبوك، إلا أن هناك دائما خيطا يضم كل هذه القصص التى يسرد بعضها قصص نجاح، ويكشف بعضها الآخر أسرار النصب والاحتيال والتواطؤ بين المتهم والمجنى عليه.
والصراعات تدخل فيها المنافسة غير المشروعة، فى البيزنس، وأحيانا السياسة والعلاقات بالسلطة، التى ترفع البعض وتهبط بالآخر..صراعات تتداخل فيها نصف الحقيقة بالشائعات والحكايات المثيرة والمذهلة أوالمخجلة أحياناً، مما يربك حسابات العقل ويفتح باب مغارة الأسرار الأكثر تشويقا من الثالوث الأكثر إثارة للاهتمام (الدين والسياسة والجنس).
«اليوم السابع» فتحت هذا الملف الشائك الخاص باتهامات رجال الأعمال لبعضهم البعض، أو للمسئولين، أو البنوك فى تحطيم شركاتهم واستثماراتهم فى محاولة للتعرف على «الرجل الخفى» وراء كل سقطة أو هروب لرجل أعمال ما، ولأننا لسنا طرفاً فى أى من هذه الصراعات حرصنا على تضمين الرأى والرأى الآخر، والفصل بينهما، سواء لأحكام القضاء أو التسويات الودية التى نشطت مؤخراً.
ومن أكثر قصص رجال الأعمال ثراء بالتفاصيل تلك التى تدور حول صراع رامى لكح مع البنوك المصرية.. والدراما فى قصة رامى لكح لا تقف عند حدود العلاقات المالية بينه وبين البنوك، وهى علاقات لم تختلف كثيراً عن علاقات مع رجال أعمال آخرين مازالوا يعملون ويستثمرون فى مصر.. ولكنها امتدت لتشمل جوانب أخرى وخاصة بعد أن اقتحم لكح مجال العمل السياسى من خلال قفزه على الحياة البرلمانية من خلال ترشحه عن دائرة الظاهر والأزبكية التى كان يحتكرها رجل الدولة عبدالأحد جمال الدين، وسلبها منه بقوة وهيمنة رأس المال.. كما أن لكح اشتبك فى عدة معارك سياسية مع شخصيات عامة أشيعت تفاصيلها التى تحتوى على تعالٍ من رجل الأعمال الشاب وتفاخره بقدرته على السيطرة عليهم بما حمله هذا التفاخر من معان سلبية.
كما شهدت استثمارات لكح صعوداً مبالغاً فيه بداية الألفية الثانية ابتداء من احتكاره نشاط توريد أجهزة المستشفيات فى مصر، ونهاية بالاستثمار فى عدة مجالات مختلفة مثل صناعة اللمبات وحديد البيليت والمنظفات وغيرها.. وكلها عوامل كفيلة بتعثر أى رجل أعمال فى مناخ غير مهيأ للاستثمار، وهو مادفع لكح إلى الهروب خارج مصر من تهمة الاستيلاء على أموال البنوك ويستقر فى باريس ليحصل على عدة جوائز عن نجاحه كرجل أعمال هناك.. وهو التناقض الذى يفرض العديد من التساؤلات حول حقيقة أزمة لكح.
يقول رامى لكح نفسه إن طموحه الشديد رغم صغر سنه فى الثمانينيات والتسعينيات كان من ضمن الأسباب التى أدت لتعثره، مشيراً إلى أن السبب الرئيسى لتعثره كان خلافاً شخصياً بينه وبين أحمد البردعى رئيس بنك القاهرة فى نهاية التسعينيات، وتعنته فى طلب مديونيات لكح رغم أنها كانت مضمونة بعدة ضمانات منها اعتماد مستندى بمبلغ كبير، بالإضافة إلى الكثير من الأصول.
لكن أحمد البردعى كان دائماً ما يؤكد أنه لم يكن يستهدف أى رجل أعمال ولكنه استشعر خطراً كبيراً على النظام المصرفى المصرى كله بسبب القروض الكبيرة، خصوصاً بنك القاهرة الذى كان يرأسه أثناء الأزمة الكبرى للمتعثرين فى نهاية التسعينيات ومن بينهم رامى لكح.
أما رجل الأعمال مدحت بركات فقد كشفت أوراق ومستندات محاكمته التى انتهت بسجنه ثلاث سنوات عن صراع رجال الأعمال ممن كانوا على خلاف مع بركات أو حتى من الموالين له على أراضى الدولة.. وهو ما وصفته مصادر بوزارة الزراعة بالصراع غير الشريف على إرث غير شرعى.
ويأتى هذا فى الوقت الذى لاتزال محكمة جنح الدقى تباشر محاكمة مدحت بركات بتهمتى النصب والاستيلاء على مساحة 6400 فدان بطريق مصر - الإسكندرية الصحراوى. وظهرت بوادر هذا الصراع الخفى بين رجال الأعمال والشركات الزراعية للاستيلاء على أراضى طريق مصر الإسكندرية الصحراوى فى المنطقة الواقعة ما بين الكيلو 52 وحتى الكيلو 58، التى كان مدحت بركات رئيس شركة وادى الملوك يضع يده عليها قبل الحكم عليه بالسجن 3 سنوات فى قضية التحريض على القتل.
وكشف مصدر رفيع المستوى بوزارة الزراعة أن هيئة التعمير والتنمية الزراعية تلقت أكثر من طلب لشراء المساحات التى كان بركات يستولى عليها، مشيرا إلى أن أصحاب الشركات والمستثمرين هم أنفسهم من تولوا مهمة توريط بركات فى قضايا متعددة منها ربط اسمه بقضية الرشوة الكبرى التى حكم فيها على أحمد عبدالفتاح، مستشار وزير الزراعة السابق، 15 عاماً حيث استطاع رجال الأعمال وضع بركات كوسيط بين عبدالله سعد صاحب شركة الريف الأوروبى، وعبدالفتاح، وتم توريط بركات لكن أيادى خفية استطاعت إنقاذه وقتها.
وأضافت المصادر أن رجال الأعمال نجحوا فى توريط بركات فى قضية التحريض على القتل التى حكم عليه فيها بالسجن 3 سنوات، وبدأ التخطيط فيما بينهم للاستيلاء على الأراضى التى كان يضع يده عليها على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى.
وللأحقاد نصيب كبير فى حروب رجال الأعمال وهو ما حدث مع رجل الأعمال محمد شفيق جبر صاحب مجموعة «أرتوك جروب»، وعضو المجلس الرئاسى المصرى الأمريكى، ورئيس غرفة التجارة المصرية الأمريكية سابقا، ومؤسس منتدى مصر الاقتصادى الدولى، وغيرها من ألقاب ومشاركات اقتصادية واجتماعية كثيرة إلا أن من أبرز وأشهر تعريفاته ما يتعلق بالألقاب العديدة التى التصقت به ومنها «امبراطور البيزنس»، «رجل الصفقات الخفية»، «قائد الحروب الاقتصادية»، هذه الألقاب لم تشكل عائقاً أمام رجل الأعمال من الدخول فى العديد من الصفقات الهامة والكبيرة، والتى خرج منها جبر بلقب الفائز دائماً.
وقد يثير جبر حقد رجال أعمال كثيرين لأنه غير متورط فى قروض بدون ضمانات، ولأنه يجيد اللعب بأى ورقة فى يده مهما كانت فى نظر اللاعبين الآخرين فى السوق ضعيفة، ولكنه يستخدمها جيدا وفى الوقت المناسب بحيث يكسب أو يتجنب خسارة مدمرة قد تصيب غيره من أهل البيزنس.
الحرب الأولى التى خاضها شفيق جبر كانت بينه وبين محمد العبار صاحب شركة إعمار الإماراتية، حيث انقلبت المودة بينهما إلى معركة شرسة، بعد أن استطاع «جبر» إقناع «العبار» بقدراته على الحصول على الأرض بتسهيلات كبيرة، عبر علاقاته بالمسئولين، أهمهم الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار، وتم الحصول على أرض مشروع »مراسى« فى الساحل الشمالى من الشركة القابضة للسياحة، وبعد حملة دعائية كبيرة عن المشروع، نشب خلاف كبير بينه وبين محمد العبار انتهى بحصول «جبر» على 141.9 مليون دولار من العبار، مقابل تنازله عن حصته فى «إعمار مصر»، والتى قدرت بـ809 ملايين جنيه.
محمد العبار لم يستسلم بسهولة خاصة بعد أن وصل ملف «إعمار مصر» بالكامل إلى النائب العام، ليأتى العبار إلى مصر بعد أن رتب أوراقه جيداً، فقبل وصوله كان قد انتهى من اجتماعه للجمعية العمومية لإعمار دبى، وفى هذا الاجتماع تم رسم سيناريو مستقبلى للمعركة، بعد أن تم تفويضه من قبل مجلس الإدارة وكامل أعضاء الجمعية العمومية للانتهاء من مشكلة «إعمار مصر» كما تم إعطاؤه كل الصلاحيات الكفيلة بحل النزاع بالطرق القانونية وقد حصل العبار على دعم كامل من جميع المساهمين وعلى رأسهم حكومة دبى التى تمتلك نسبة 30% من إعمار دبى.
المعركة الثانية خاضتها شركة «أرتوك أوتو» المملوكة لجبر مع المحكمة الاقتصادية بسبب عدد من القضايا رفعها بعض العملاء متهمين الشركة ببيع سيارات بها عيوب وقد حكمت المحكمة فى إحداها بتغريمه 70 ألف جنيه لصالح عميلين كانا اشتريا سيارتين من شركته وثبت أن بهما عيوبا فى التصنيع.
وفى حكم آخر، قضت المحكمة الاقتصادية بتغريم صاحب شركة «أرتوك أوتو» للسيارات 20 ألف جنيه لصالح سوسن محمد السيوفى، بعد رفض الشركة قرار جهاز حماية المستهلك بإلزام الشركة باستبدال سيارة «سكودا رومستر» بأخرى جديدة أورد قيمتها للشاكى بسبب وجود عيوب فى الموتور ورغم إصلاح السيارة بمركز الصيانة التابع للشركة إلا أن العيوب لاتزال موجودة.
وتتجلى دراما الصراعات بين رجال الأعمال فى أقوى مشاهد تكسير العظام مع هشام طلعت مصطفى أشهر رجل أعمال فى مصر ليس فقط لحجم استثماراته العقارية الخرافية وإنما لكونه بطلا لأشهر مأساة عاطفية قد تنتهى إلى القضاء على حياته كلها.
وبصرف النظر عن تفاصيل قصة «هشام - سوزان» التى يعرفها الجميع.. فإن البعض يرون بل يؤكدون أن هذه القصة بأكملها نتاج لصراع وتصفية حسابات بين رجال الأعمال.
والهمس فى هذا الإطار يتعرض لخلاف ومعركة بدأت منذ عدة شهور بين هشام طلعت والمهندس أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى ولم ينته بعد.
أخذت هذه الصراعات أشكالاً متعددة بدأت بالرغبة فى اكتساب ثقة جمال مبارك، الأمين العام المساعد وأمين السياسات بالحزب، ثم تقديم عز بمجلس الشعب طلبات إحاطة عن شركات الاستثمار ودورها فى تسقيع الأراضى، وكان المقصود بها هشام ومشاريعه فى مدينتى والرحاب والربوة مما فتح الباب للعديد من الحملات الصحفية على هشام.
ومع ارتفاع أسعار مواد البناء خاصة الحديد بدأ هشام من موقعه كرئيس للجنة الإسكان فى مجلس الشورى فى مهاجمة سياسة انفلات الأسعار فى مواد البناء خاصة الحديد وهاجم سياسة الاحتكار، وكان من أوائل النواب الذين طالبوا بتغليظ عقوبة الاحتكار ونجحوا فى رفعها إلى 50 مليون جنيه أو 2 % من المبيعات.
ولكن مجلس الشعب رفض قرار الشورى، فاقترح أحمد عز بعد ذلك فرض ضريبة نصف فى المائة على شركات المقاولات لصالح صندوق تعويض المتضررين، وزاد الصراع شيئا فشيئا بين مصطفى وعز بعد أن أدلى عز بتصريحات اتهم فيها شركات هشام طلعت مصطفى بأنها تحقق عائداً على المبيعات يصل إلى 70 %، بينما تحقق شركات عز 14 % فقط، وكان يرد بذلك على ما أثاره هشام حول أن زيادة أسعار العقارات سببها ارتفاع أسعار الحديد.
زيارة أحمد عز السرية إلى هشام طلعت مصطفى فى السجن خلال الفترة الماضية داخل محبسه بسجن مزرعة طرة جدد قصة الصراع مع عرضه على هشام عرضاً محدداً بشراء نصف مشروع مدينتى لكن هذا العرض قوبل برفض شديد من قبل هشام.
صراع أحمد عز لم يكن الوحيد مع هشام مصطفى فكان هناك صراع آخر مع الأمير السعودى الوليد بن طلال، وهو ما كشف عنه الحكم القضائى الصادر لصالح هشام مصطفى ضد الوليد خلال العام الماضى والذى أكد أن خلافات البزنس بين الوليد وهشام لها جذور عميقة، وقد تم نظرها أمام القضاء الإدارى الذى أنصف فيها هشام مصطفى.
المعركة بينهما بدأت أولى جولاتها بالدعوى التى أقامها الوليد ضد هيئة الاستثمار والمناطق الحرة وهشام طلعت مصطفى بإلغاء تصرف هشام وغيره من المساهمين فى أسهمهم التى يمتلكونها فى شركة «الإسكندرية». وقام الأمير الوليد بتحريك الدعوى بصفته رئيس مجلس إدارة شركة «المملكة شرم الشيخ» ضد رئيس الوزراء وهشام طلعت مصطفى وشركة الإسكندرية والسعودية للمشروعات السياحية والتى تدير أعمالها من جنوب سيناء.
إلى هنا والأحداث لا تزال فى الإطار الطبيعى إلا أن المفاجأة التى أغضبت الوليد هى قيام هشام مصطفى بمنح 100 سهم إلى شخص يدعى على عبدالله إضافة لقيامه وآخرين بشركة الإسكندرية ومنهم شركة مصر للتأمين التى يبلغ عدد أسهمها 40 ألف سهم، والشيخ محمد بن عيسى الجابر 50 ألف سهم، بمنح عدد 123 ألف سهم من أسهمهم للشركة العربية للاستثمارات الفندقية والسياحية.
الوليد اعتبر تلك المعاملات باطلة ومخالفة وقام بتحريك دعوى قضائية أمام مجلس الدولة برقم 38140 وطالب الوليد فى نهاية الدعوى بإلغاء جميع تلك المعاملات باعتبارها باطلة ومعيبة رغم موافقة مجلس الوزراء على هذه المعاملات.
أما المؤامرة فتتجلى بوضوح فى قضية رجل الأعمال عمرو النشرتى، فهو يؤكد بصراحة وبشكل مباشر أنه تعرض لخديعة كبرى على حد قوله بهدف تدميره اقتصاديا وإخراجه من السوق بفضيحة مالية. ويتهم رئيس الوزراء السابق الدكتور عاطف عبيد بأنه أصدر أوامر «شفهية» إلى البنوك للامتناع عن إقراضه بعدما طلب منه أن يتقدم لشراء محلات التجزئة الكبرى البريطانية فى مصر «سينسبرى» عقب انسحابها من السوق حتى لا تتأثر سمعة مصر الاقتصادية، ويهرب منها المستثمرون الأجانب بعد تفشى مقاطعة بضائع السلسلة الشهيرة بدعوى أن أصحابها «يهود»، وذلك عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية وتعاطف الشعب المصرى مع توجهات المقاطعة.
ومازال رجل الأعمال عمرو النشرتى يواجه صعوبات تزداد يوما بعد يوم، فكلما انتهى من مشكلة تظهر أخرى فرغم الإعلان مؤخراً عن توصله لاتفاقات متعددة لإتمام تسوية ديونه المتعثرة، مع كل من البنك الأهلى وبنك قناة السويس، إلا أن هذه المحاولات الجادة للنشرتى لتسوية ديونه اصطدمت بمحاولات مضادة من قبل إدارة بنك «باركليز مصر» لعرقلة هذه التسويات أو تعطيلها، بسبب وجود نزاعات قضائية بين النشرتى وإدارة البنك، وهو ما أقره خالد الجبالى الرئيس التنفيذى للبنك.
النزاع بين النشرتى وباركليز نشأ بسبب الخلاف على مبلغ 3 ملايين جنيه إسترلينى، كانت إدارة البنك السابقة حولتها من حساب النشرتى إلى «مجموعة سنسيبرى» التى كانت دائنة للنشرتى بدون علمه منذ سنوات.
محاولات باركليز لعرقلة تسويات النشرتى بدأت ببلاغ مقدم للنيابة من إدارة البنك ضد النشرتى تطالبه فيه بتسديد ما يقارب المليار ونصف المليار جنيه، فى محاولة من إدارة البنك لإيقاف جهود التسوية التى يقوم بها عمرو النشرتى، ورغم نفى البنك فإن جميل سعيد، المستشار القانونى لعمرو النشرتى أكد أكثر من مرة فى تصريحات صحفية، أن أصول وممتلكات النشرتى فى مصر كافية لسداد المديونيات المستحقة عليه فى مصر.