د.عادل الليثى يكتب: حكومة للبيع

الخميس، 18 فبراير 2010 08:22 م
د.عادل الليثى يكتب: حكومة للبيع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما أسمع القائلين بأن الحكومة لا تعرف كيف تسوق نفسها أو قرارتها أو منجزاتها.. سمعتها من عماد أديب والدكتور أحمد كمال أبو المجد.. أشم رائحة مفهوم بيع الوهم للناس.. أو الضحك على الزبون وتصريف بضاعة معيبة أو راكدة.

أولاً لأننى أعتقد فى أن مفهوم التسويق الشائع فى مصر هو هذا المفهوم.. فى حين أن حياة ابن آدم كلها تسويق فى تسويق.. أنت تسوق نفسك.. والأفكار تسوق.. والسياسيون يسوقون.. ولكن بالمعنى الجيد للتسويق وإلا فشلت.

ثانيًا لأن أول عناصر التسويق "الأربعة" هو المنتج نفسه أو البضاعة، وهى فى حالتنا قرارات وتصرفات الحكومة والتى يجب ألا تحتوى على خدعة للزبون أى.. لا أقول عن المنتج شيئاً يجده الزبون شيئاً آخر.

فعندما يعلن الرئيس مبارك، أن اختيار رئيس الجمهورية سوف يكون بالانتخاب الحر المباشر بعد أن كان الاختيار يتم من خلال مجلس الشعب.. ثم نجد أن المترشح للرئاسة لابد أن يحصل على موافقة مجلس الشعب والشورى والمجالس المحلية.. ثم الانتخابات نفسها تزور عينى عينك.. إذا فإن المنتج الذى تم الإعلان عنه ليس هو الذى طرح فى السوق.. وينطبق هذا على كل القرارات الخاصة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.. ما يقال شىء وما يطرح فى السوق شىء آخر.. والأمثلة كثيرة على الفرق بين ما يقال وما يجده الناس فى الحقيقة.

والشرط الثانى أن تكون السلعة متوافقة مع متطلبات الزبون وذوقه.. والسلعة هنا قد تكون القوانين التى تتبناها الحكومة ويجيزها مجلس شعبها.. قانون الاحتكار مثلاً.. قانون الضرائب العقارية.. وقد تكون السلعة سلوكاً.. مثل سلوك الحكومة تجاه ملاحظات الجهاز المركزى للمحاسبات بحالات الإخفاق أو الفساد أو الإسراف.. أو تساوى الضريبة للفقير والملياردير.. أو عدم تعمير سيناء.. أو أو.. من القرارات التى لا تروق للزبون.

ثم يجب أن يحتوى المنتج على جديد يشعر به المستهلك ويعتبره جديداً فعلاً مقارنة بالمعروض فى السوق.. فهل هناك جديد فيما تطرحه أو تفعله الحكومة.. لا جديد.. كل الأزمات تفاجئ الحكومة وهى غير مستعدة وتحدث خسائر من كل الأنواع أقلها المادية بمئات الملايين.. الوزراء يبقون عشرات السنين ولا نعرف لماذا؟.. والوزراء يقالون ولا نعرف لماذا؟.. كل الناس تتحدث عن تزاوج الثروة والسلطة ولا حياة لمن تنادى.. بل إن النظام يفتخر بالجمود ويسميه استقراراً.

ويجب أن يطرح المنتج بعلامة تجارية يثق فيها المستهلك ويثق فى المنتج الذى يحملها.. والعلامة التجارية هى المحصلة النهائية لكل نشاط التسويق.. والتى فى النهاية تجعل هذه العلامة موضع ثقة واطمئنان أو موضع شك وريبة.. وفى سوق السلع والخدمات الحقيقى تباع العلامات التجارية بملايين الجنيهات.. ويا ترى الحكومة لديها علامة تجارية تباع أو تشترى؟.

ثانى عناصر التسويق هو السعر.. وفى هذه الحالة يكون السعر إما سعر المنتج الحقيقى، الذى تطرحه الحكومة كسعر الخبز أو سعر السكن أو أسعار الغذاء، وكذلك سهولة وشفافية الحصول عليه.. ثم ما هى تكلفة هذه الحكومة نفسها على الزبون مرتباتهم تكاليف تأمينهم وسياراتهم ومواكبهم وفسداهم.. ربما يرى المستهلك أن هذه تكلفة باهظة أو سعر غالى بالنسبة لحكومة من هذا النوع.

ثالث عناصر التسويق هى شبكة التوزيع.. التى يجب أن يتوفر فيها الاحترافية والمصداقية.. وهى فى حالة الحكومة قد تعنى منافذ توزيع الخبز المدعم والبوتاجاز ومساكن ابنى بيتك أو تخصيص الأراضى وهذه كلها منافذ (لبش) الاقتراب منها إما محفوف بالمخاطر أو بعدم الشفافية والفساد.. أو ما تفعله قوات الأمن المركزى إلى آخره.

رابع عنصر فى التسويق هو الاتصال بالمستهلك أى طرق الترويج والدعاية والإعلان.. فخطوط الاتصال المباشر بين الشعب والحكومة مقطوعة أو أنها بريفبركاتد أى أفلام سيناريو وإخراج وممثلين.. ووسائل الدعاية والإعلان كلها مضروبة، سواء كانت ما يسمى بالجرائد القومية، وهى فى الحقيقة جرائد الحزب الوطنى "المحبوب جداً" من الناس.. أو التليفزيون الوطنى المختطف من الحكومة.. لا ثقة للناس فيها.. ولهذا كله تجد أن الرسالة الإعلانية نفسها فاسدة.. غير صادقة، وبالتالى غير مؤثرة أو بالأحرى تعطى نتائج عكسية.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة