محمد حمدى

تكبير الدماغ!

الخميس، 18 فبراير 2010 12:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ الجمعة الماضى اخترت الهروب من كل شىء معتاد فى حياتى، أخذت أولادى فى إجازة منتصف العام الدراسى وذهبنا إلى شرم الشيخ، أغلقت الهاتف المحمول، وامتنعت عن مشاهدة التليفزيون، ولم أضبط نفسى متلبسا بقراءة صحيفة أو مجلة، ولم أدخل على الإنترنت.. باختصار شديد قررت تكبير دماغى لمدة خمسة أيام كاملة.

عندما بدأت الرحلة كنت أعانى من آثار نزلة برد شديدة ممتدة منذ ثلاثة أسابيع، وبعض الآلام ناحية القلب، فسرها الطبيب بأنها ناتجة عن تهيج فى القولون بسبب الضغط العصبى، يضغط على الحجاب الحاجز فيعطى أعراضا تكاد تشابه الذبحة الصدرية.

وبعد يومين فى الهواء النظيف وعلى شاطئ البحر الأحمر، ومع انتظام تناول الطعام والنوم والاستيقاظ المبكر والبعد عن التوتر وتكبير الدماغ، اختفى البرد، وعاد القولون إلى طبيعته، وتلاشت آلامه تماما.

خمسة أيام من تكبير الدماغ أعادت ترميم كل الوظائف الحيوية فى الجسم، ونشطت الجهاز العصبى وقضت على تمرده المزمن، لكن المشكلة أننا لا نستطيع تكبير دماغنا طوال العام، وإنما فقط لأيام قليلة نسرقها من حساب الزمن.. هذا إذا استطعنا ذلك بالفعل.

لكن المشكلة الأكبر هى العودة مرة أخرى إلى القاهرة، حيث التلوث الذى لا يضاهيه تلوث فى أى مكان فى العالم، ومشاكل العمل التى لا تتوقف، وضغوط الحياة اليومية التى زادت حدتها بشكل غير مسبوق.. وغير آدمى.

أتذكر حين بدأت العمل الصحفى فى نهاية الثمانينات كانت الحياة لا تزال تتمتع بقدر كبير من الهدوء، حتى أنه لا تقع أحداث مهمة فى يوم الجمعة، وحين ضرب الإرهاب مصر بداية من عام 1992 وقعت عدة عمليات إرهابية يوم الجمعة، وكان يتم استدعاؤنا من منازلنا لمتابعتها، وكان قطع الإجازة والعودة للعمل حدثا نادرا.

فى العالم اليوم وخاصة لمن يعملون بالإعلام، لا تتوقف الماكينة عن انتاج الإخبار، لدرجة أنه طوال ساعات اليوم الأربع والعشرين لا تتوقف الأحداث والأخبار، وأصبحنا نلهث خلفها عبر وكالات الأنباء والفضائيات وشبكة الإنترنت.

لذلك أحمد الله على أننى ما أزال أمتلك القدرة وبعض الوقت لتكبير الدماغ لأيام قليلة كل عام، لغسيل الهموم وإعادة تنشيط البطاريات الداخلية والعودة للعمل، والتواصل اليومى مع القراء.. وهو الشىء الوحيد الذى افتقدته من الجمعة إلى الأربعاء.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة