رفض عدد من المثقفين والنقاد الهجوم المثار حول رواية "لهو الأبالسة" للكاتبة سهير المصادفة والمطالبة بمصادرتها وسحبها من الأسواق لادعاء البعض احتوائها على مشاهد خادشة للحياء، تخالف الشريعة الإسلامية، كما جاء بطلب الإحاطة الذى تقدم به النائب الإخوانى حمدى حسين زهران، وأشار الكتاب والمثقفون إلى أن تلك المشاهد الواردة بالرواية، ومنها مشهد مضاجعة الحمار لفتاة تسبب فى وفاتها بعدها، أمر طبيعى وكثير ما تطرق إليه الأدب، وأن الكتابات الأدبية من المفترض أن تعكس الواقع حتى لو كان صادماً للبعض.
وقال الناقد الدكتور حسين حمودة، إن التعبير عن عالمنا فى الكتابات الأدبية يجب إلا ينحصر فيما هو جميل فقط، لأن القبح يمثل جزءاً من الواقع علينا ان نتطرق إليه ونبرزه ونحلله لنستفيد من أخطائنا ونجمل القبح الموجود فعلاً فى المجتمع، وتساءل حمودة قائلاً "لماذا نطالب المبدع بتجاهل الكثير مما نراه ونسمع عنه ونقرأه يومياًَ، فالجرائم هنا وهناك والخروج عن الأعراف والتقاليد موجود ولا يفترض من المبدع أن يغمض عينيه عن ما يراه.
وأضاف: أتصور أن الحكم على رواية "المصادفة" يجب أن ينطلق من اعتبارات فنية وليست أخلاقية، والسؤال الجوهرى هنا هل زيفت فى روايتها الواقع أم جسدته بطريقة فنية حقيقية وأنا أعتقد أنها لم تزيفه وبدلاً من محاكمة المبدع علينا أن نواجه المجتمع بتلك الحقائق ونتخلص منها.
وتابع: العلاقة غير السوية مع الحيوانات كثيرة فى الآداب الإنسانية العامة، ومثال على هذا رواية "المنتهى" لهالة البدرى، وقصة جبل الشاى الأخضر ليحيى الطاهر عبد الله، والمهم فى تعاملنا مع تلك المشاهد أن نقيمها من جوانب ومعايير فنية ولا ننظر للأدب على اعتبار أنه ضد الأخلاق بل هو الباحث الأول عن العالم النبيل والأخلاق السامية.
واتفق معه الروائى إبراهيم عبد المجيد، مؤكداً أن من حق الأدب أن يتطرق لكل الموضوعات ويتناول مختلف الشخصيات، وأضاف: محاسبة الكاتب تتم على أساس مدى التزامه بعناصر الكتابة الأدبية من ناحية الحبكة والحوار ورسم الشخصيات فقط.
وأضاف: طبيعى أن تتناول الأعمال الأدبية مشاهد مضاجعة للحيوانات أو زنا المحارم، والأدب أولاً وأخيراً سلعة من أراد قراءة مثل تلك المشاهد فله الحرية الكاملة ومن اعترض فله رأيه.
وأشار الناقد سيد الوكيل إلى أن جزءاً من وظيفة الأدب هو فضح المجتمع وكشف المسكوت عنه، لكن بشرط أن نعكس ذلك الواقع دون أن نخل بقيمة العمل الفنية، وقال: "حينما نقدم الفن والأدب بمواصفات جمالية عالية تكون الرسالة هى التنمية الجمالية للمجتمع والقارئ، أما إذا كان هذا الفضح والقبح الذى نعكسه هو الهدف الأول للعمل الأدبى، فهذا يقلل من رصيده تماماً.
وأضاف: "كثيراً من الكتابات الواقعية الآن الهدف منها دعائى فى المقام الأول، وإذا أردنا أن نعبر عن الواقع علينا أن نستخدم لغة فنية راقية والدليل على ذلك أن كثيراً من كتابات نجيب محفوظ، يحيى حقى وإحسان عبد القدوس تناولت مشاهد من الواقع كزنا المحارم وغيرها ورغم ذلك لم تتعرض لهجوم أو انتقاد".
وتابع: "الكارثة الحقيقية التى تواجه الأدب الآن، أننا شعوب لا تجيد تذوق الأعمال الأدبية، ولا تفهم أن طبيعة النص الأدبى ليس محاكاة للواقع فحسب، بل هو عمل تخيلى وجمالى بالدرجة الأولى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة