قبل أيام عقد مجلس الجامعة العربية اجتماعا على مستوى المندوبين الدائمين فى مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور السودانى، بهدف فك عزلة السودان وبعث رسائل إلى المجتمع الدولى بتضامن الجامعة مع الخرطوم.
داخل السودان اعتبر الناس الزيارة تاريخية، لأنها تعكس اهتماما عربيا بأزمة دارفور التى تهدد وحدة السودان، لكن بعيدا عن العواطف تبدو الزيارة متأخرة جدا، فإقليم دارفور يعانى من حرب أهلية بلغت ذروتها فى عام 2003 مما دعا منظمة الوحدة الأفريقية والمجتمع الدولة للتدخل، ووصل الأمر إلى محكمة الجنايات الدولية التى أصدرت قرارا بتوقيف الرئيس البشير لاتهامه بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
أحد الأقوال المأثورة تقول: إن تذهب متأخرا خير من ألا تذهب على الإطلاق، لكن يبدو أن العرب أدمنوا هذا القول فلم يعودا يصلون أبدا فى الموعد، بل يتأخرون دائما، ففى مشكلة دارفور على سبيل المثال تحرك الاتحاد الأفريقى وأرسل قوات أفريقية لحفظ الأمن فى الإقليم، وتبعه مجلس الأمن، وقرر تشكيل قوة مشتركة مع قوة الاتحاد الأفريقى لحفظ الأمن فى الإقليم.
وباستثناء بعض الجهود الإنسانية الخجولة مثل زيارة وفد من اتحاد الأطباء العرب لدارفور، وقوة مصرية ضمن قوات الاتحاد الأفريقى، يكاد يكون الحضور العربى مخيباً للآمال رغم أن المشكلة فى الأساس تدور على أرض عربية، وداخل أكبر بلد عربى من حيث المساحة، وراح ضحيتها نحو 300 ألف سودانى!
ولا يقتصر الغياب العربى الرسمى على السودان، وإنما يمتد إلى العراق، ورغم تنظيم مؤتمر للمصالحة العراقية قبل سنوات تحت رعاية الجامعة العربية فى القاهرة، فإن كل جهود تسوية الأزمات أو إشعالها فى العراق تتم عن طريق إيران وأمريكا، بينما يكتفى العرب بمشاهدة النفوذ الإيرانى والأمريكى.
وفى أزمة الصومال المشتعلة منذ عام 1991 يوجد مسئول داخل الجامعة العربية كل مهمته الشأن الصومالى، ومع ذلك فإن جهود حل أو تعقيد الأزمة الصومالية فى أيدى أثيوبيا وإريتريا، ثم الاتحاد الأفريقى على استحياء بينما العرب غائبون أيضا.
وفى اليمن الذى هده الحرب مع الحوثيين، لم تتدخل الجامعة العربية، وحتى حين انضمت السعودية إلى الحرب ضد الحوثيين، لم يجتمع العرب للبحث عن تسوية لحرب ضروس على أرض عربية!
ومع كل هذه المعطيات يبدو الحضور متأخرا لا معنى له، ولا يمثل كما فى حالة اجتماع الجامعة العربية فى الفاشر أكثر من محاولة لذر الرماد فى العيون، بينما الحضور الفاعل على الأرض هو لغير العرب.. مما يدعونا للتساؤل ليس عن الحضور من عدمه، وإنما عن مؤسسة الجامعة العربية، وعن دورها، وهل ما زال العرب فى حاجة إليها أم أنها مجرد مؤسسة للتضامن العربى على الورق فقط؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة