الثورة التكنولوجية الجديدة مفتاحها الأساسى هو الكمبيوتر المحمول "I PAD" الذى يجمع بين الإمكانات الفائقة للجيل الأحدث من أجهزة الكمبيوتر وسهولة التعامل التى تتمتع بها أجهزة الموبايل، بما يمكنك من إنجاز كل تعاملاتك وقضاء مصالحك وزيارة المكتبات التى تريد وتصفح الكتب والصحف المفضلة لديك، والكتابة فيها والتفاعل معها، عبر شاشة خفيفة مساحتها لا تتجاوز شاشة اللاب توب، لكنها وسيلتك السحرية للسفر والكتابة والشراء والتصفح والقراءة والتأليف والنشر والاحتجاج والثورة إذا شئت.
نعم إنها الموجة الجديدة من ثورة الاتصالات التى ستنعكس بصورة مباشرة على صناعة الإعلام والإعلان، وعلى حجمها وتأثيرها فى المستقبل القريب جدا.
نعم إنها ثورة الـI PAD، التى تعنى بصورة مباشرة أن يكون العالم بين يديك بصورة فعلية، ليست مجرد شاشة وشبكة إنترنت، وإنما أبعاد أخرى للصورة وإمكانية التفاعل تجعل من صفحة الإنترنت صفحة ملموسة ولها بعدها الإنسانى، صفحة ذكية، تمكن طالب ثانوى نابه من الإسهام فى تغيير العالم بأفكاره التى ينشرها بنفسه من منزله فى الصعيد أو الدلتا.
تذكرون كيف دخل كريستوفر كولمبوس الأراضى الأمريكية واستولى على قارة كاملة لمجرد أن الهنود الحمر تصوروا جنود كولمبوس على أحصنتهم كائنا واحدا، لأنهم لم يكونوا يعرفون الأحصنة بينما كانت تملأ البرارى الأمريكية من حولهم تنتظر من يروضها ويوظفها، تماما مثل التكنولوجيا فى لحظتنا المعاصرة.
مع I PAD انتهت الحواجز والمسافات بين الدول فعليا، وأصبح مفهوم القرية الكونية واضحا بصورة مخيفة وجميلة للمرة الأولى منذ أن تم تداول المصطلح، وكأننا فى فيلم من أفلام الخيال العلمى، مسافة واسعة بين ما نحن عليه وبين الإمكانات الضخمة التى يمكن استغلالها فى التكنولوجيا الجديدة، تماما مثل الفارق بين المراكب الشراعية التى كانت تنقل المهاجرين بين لندن ونيويوك فى أسبوعين والناقلات العملاقة التى لا تستغرق فى الرحلة نفسها سوى ساعات، تماما مثل المسافة بين سلاح الفرسان والمدافع التى كانت تجرها البغال فى الحرب العالمية الأولى وبين المدرعات المزودة بالكمبيوتر، بين الطائرات البدائية وطائرات الشبح، أو لنقل مثل المسافة بين الجيل الأول من الموبايل وبين الآى فون.
ما يعد به I PAD مهول بكل معنى الكلمة فى مجال الإعلام والإعلان، وفى التفاعل الإنسانى على مستوى العالم كله، الأمر الذى يعنى انهيار إمبراطوريات إعلامية وقيام إمبراطوريات أخرى، كما يعنى بداية عصر جديد من الإبداع والتلقى والتذوق، الفيصل فيه قدرة المجتمعات على توظيف التكنولوجيا الجديدة أو الاكتفاء بالانبهار بها والخوف منها، تماما مثلما كان الحال بين جنود كولمبوس الذين وظفوا قوة الحصان لتحقيق أحلامهم وبين شعوب الهنود الحمر الذين اعتبروا الأحصنة قضاء وقدرا.








