كلنا صرخنا وقفزنا فى الهواء عندما أودع جدو هدف الفوز فى شباك مرمى غانا، ولا شك أنه إنجاز وإنجاز كبير ودلالة كبيرة على تفرد شعب مصر بصفات وميزات وخصائص غريبة، وتلك كتيبة من أبناء الفلاحين البسطاء حققوا نصراً لو علمه الكاتب المصرى الفرعونى القديم لسجله على المعابد فى لوحات جدارية أتخيلها وأرى فيها أحد عشر لاعباً بملامح أفريقية عرايا إلا من شورت كورة والذى كانت تلبسه الفرقة الغانية يرفعون كأس أفريقيا وهم ركوع ويقدمونه لفرعون مصر ومنقوش على الكأس رقم 3 باللغة الهيروغليفية وفى اللوحة الثانية، حيث يمسك الفرعون بالكأس ويقدمه لكبير الكهنة ويطلب منه أن يضعه فى قدس الأقداس وفى المكان الذى يقابل الفتحة التى تدخل فيها الشمس مرة واحدة ويكون هذا اليوم 31 يناير من كل عام.
ومهما قيل ويقال، فإن ما حققه العمالقة الذين خرجوا من تراب مصر وطينها جدير بالتسجيل والفخر والفرحة والسرور.
والمصريون دائما يفاجئون الدنيا بمنجزات كالمعجزات وفى أوقات العتمات، ولم تكن هناك أيام أشد عتمة وسواداً من هجمة التتار على ديار العرب وعاثوا فيها تدميراً وتحول نهرى دجلة والفرات إلى نهرى دماء وأمهات الكتب طافية على صفحتيهما تنزف أحباراً واختلط الماء بالدماء وبالأحبار وجثث العباد وكان الجندى المغولى يضع دائرة حول العربى المهزوم على الرمل ويأمره ألا يخرج من محبسه الوهمى حتى يعود ليقتله وفعلاً يكون للجندى المغولى ما أراد، ومن وسط هذا الذل والهوان يخرج العملاق المصرى من طمى النيل ويهزم المغول والتتار هزيمة نكراء ويشردهم فى الصحراء العربية الجرداء وضل من عادوا أدراجهم لآسيا الصغرى الطريق فوصلوا لجنوب أوروبا، ولا تزال فلولهم باقية حتى الآن هلعاً ورعباً وخوفاً من مطاردة العمالقة المصريين.
صحف العالم والمحللون العسكريون والخبراء الإستراتيجيون يقولون: أن خط بارليف أقوى وأكبر وأمنع من خط ماجينو وأن القنابل الذرية هى وحدها التى ستزيله وربما تفشل إذا ما أراد المصريون القتال ويخرج ذلك المهندس المصرى والذى لا نعرفه حتى الآن، إلا أنه من بناة السد العالى ويفتح ثغرات فى هذا الخط الحصين بخراطيم المياه فانجرف وأنهار.
التلميذ المصرى يذهب لمدرسته ماشياً وربما حافياً وربما جائعاً ويضع كتبه ودفاتره فى كيس قماشى يسمونه الخريطة وكان يعلق على جنبها دواية الحبر بعد أن وضع فيها قليلاً من مسحوق الحبر الذى يبيعه عم عبده البقال وأكمل الزجاجة من ماء الزير ورجها وأغلقها وربطها على جانب الخريطة كما تربط أمه المنديل المحلاوى بعد أن صرت فيه طعام أبيه على جانب البردعة ويصل تلميذنا للمدرسة فيجلس على تخته متهالكة ومحشورا بين ثلاثة أو أربعة من زملائه على دكة أكثر تهالكاً وناهيك عما يدرس، وكيف يدرس وبعد عشرين سنة أو تزيد قليلاً يتسيد هذا التلميذ المسكين عرش الفوتوثانية ومحلول الذهب ووكالة ناسا ووكالة الفضاء الفرنسية ومقعد طب الأطفال فى الكونجرس وجراحة القلب وتصميم محطة برلين الألمانية ويحصل على لقب سير ويفوز بأرقى الأوسمة من ملوك وملكات ورؤساء العالم ومنهم من علمنا به ومنهم من لم نعلم.
فلا نقلل من جدو وأحمد حسن و شيكابالا والحضرى وزيدان وبقية الكتيبة التى خرجت من تراب وطين مصر وحققوا ذلك الإنجاز فلربما يهتز المارد ويستيقظ.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة