أحمد العطار يكتب: سيدى المواطن.. ابتعد عن الحياة !!

الإثنين، 15 فبراير 2010 11:10 ص
أحمد العطار يكتب: سيدى المواطن.. ابتعد عن الحياة !!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنتم تعلمون محمد عزيز فلن أعقب كثيراً..
هو موظفٌ بسيط ينتمى إلى زمن النزاهة المجرد، فلا يعرف للرشوة مرادفاً بأنها إكرامية، ولا للحقيقة مضاداً بأنها كذبة بيضاء، وعمله كما يرى هو أنه يقوم بواجبه فيتقاضى راتبه – وراتبه فقط.

ولو أنكم تذكرون صورة الموظف الذى يعود إلى بيته البسيط يتصبب عرقاً حاملاً بإحدى يديه بطيخة وفى الأخرى جريدة ما فسوف توفرون الكثير من الصفحات التى كنت سأصفه فيها.. فقط هو كف عن شراء الجرائد منذ زمنٍ، لأن راتبه لم يعد يكفى لمثل هذه الرفاهية.

يذهب للسوق فيجد أن أسعار الخضروات قد تضاعفت مجدداً، فيترحم على الزمن الذى كان يرفض فيه شراءها لكثرة ما يحويه بيته منها.. يحاصره العرق فى الزحام أثناء انتظاره للأتوبيس.. يفكر فى كيفية سداد ديونه للبقال والجزار وصاحب المقهى القريب من المنزل.. تطالعه جملة ( من أجلك أنت ) فيبتسم.. فليست عنده رفاهية الشكوى ولا تداعب خيالاته فكرة (أريد حلاً).

فى المساء لديه وقت كافٍ ليجلس مع زوجته وأولاده عزيز (18 سنة) وابتسام (16 سنة) حول التلفاز، ليتابعوا أحد الأفلام القديمة للريحانى.. أبناؤه يتمللون كالمعتاد ثم يرضخون فى النهاية.. هو يقهقه فى استمتاع بالرغم من أنه يشاهد هذا الفيلم للمرة الرابعة بعد السبعين ... تعلن القناة عن فاصلٍ إعلانى عن أحد الأفلام المعروضة فى السينما المجاورة حالياً.. وبالطبع فهو إعلانٌ يتخلله لقطات الجنس الصريح والعرى كعلامة مسجلة لتلك الأفلام كعلامة الجودة، ناهيك عن الألفاظ المبتذلة والعبارات الفجة.. يستعيذ الرجل من الشيطان الرجيم وينتقل بسرعة إلى قناة أخرى وهو يدعو الله أن يصرف أنظار وأفكارعزيز وابتسام عن تلك المشاهد.. يجد فيلماً آخر للريحانى فيقهقه مجدداً فى استمتاع غير أنه سرعان ما يأتى فاصل إعلانى بلقطات متشابهة لفيلمٍ آخر.. يعودُ إلى القناة الأولى فينعم بوقتٍ قصير حتى يأتى الفاصل.. وهكذا دواليك حتى يمّل من لعبة القط والفأر هذه فيغلق التلفاز آمراً أولاده بالنوم.

أفكار تلك الأفلام الفرويدية والتى تلخص الكون فى لغة الجسد لا تعتمد على نقل الواقع كما يقولون، فالواقع ما زال لم يتحول بنا إلى غابةٍ ولم يحولنا إلى حيوانات تسعى وراء شهواتها وترفض الأنا وتقتل الأنا الأعلى فيها ثم إنها تتوقف دوماً عند حدود طوابير العيش اليومية أو وسائل المواصلات ساعة الذروة أو أمام هيئات الحكومة.. فقط هى تقدم للمشاهد ما يشغله عن التفكير فى ثمن تذكرة السينما، ولم يفكر صانعوها فى خواطر مراهق أو مراهقة بعد مشاهدة الإعلانات الخاصة بتلك الأفلام ومستقبل الأسرة وطموحات الشباب كلمات لا تعنى لهم شيئاً.. المهم أن ينزل المخرج ضيفاً على أحد البرامج فيتغزل فى أفكار الفيلم وما يقدمه من قيمةٍ عظيمة للمجتمع.. وأى نقاشٍ لتلك الأفكار يعد تعدياً على الحريات وتطرفاً غزا مصر من البادية، ثم يقارن بين مصر السبعينيات ومصر القرن الحادى والعشرين، ثم فى النهاية وبعد أن يجعل من نفسه شمعةً تحترق يعلن أن للمواطن حرية الاختيار فى دخول السينما لمشاهدة الفيلم بمعنى Take it or Leave it، ولكن علينا ألا نناقشه قبل أن نرى الفيلم كاملاً وهو ما نوافقه عليه تماماً.. ولكن ما ذنب محمد عزيز وأبنائه ليروا ما لا يريدون رؤيته عبر إعلانات الأفلام تلك... أم أن سيادته يطالب تلك الأسرة بأن يغمضوا أعينهم ويسيروا فى الطريق عمياناً لأنه يضع الأفيشات الدعائية لفيلمه فى الطريق إلى المدرسة وأمام بوابة الجامعة، وألا يشاهدوا أيا مما يريدون عبر التلفاز، لأن إعلانات فيلمه ستطل عليهم وسط ما يستمتعون به لتنغص عيشهم وتقلل من مقاومة عزيز للمواقع والصور الإباحية التى يغريه زملاؤه بها.

أنتم تعلمون محمد عزيز فلن أعقب كثيراً..
فقط أضيفوا لمعلوماتكم عنه أنه لم يعد يشاهد أفلام الريحانى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة