انتابتنى حالة من الدهشة والأمل فى آن واحد أثناء قرائتى لحوار أجرته المجلة الشبابية "كلمتنا" فى عددها الأخير مع المهندس محمد عبد المنعم الصاوى مؤسس ساقية الصاوى التى تعد بجميع المقاييس مجازفة فى بلد توأد فيه الأفكار قبل أن تولد, فى ظل مناخ لا يشجع على الإبداع, فى ظل نسبة أمية تصل إلى أكثر من 60% وفى ظل شباب يقاطع معرض الكتاب ويعشق اللمبى..... .
من كان يصدق أن ساقية الفكر والمعرفة يمكن أن تكون مشروع حقيقى على أرض الواقع مشروع لا يدر أى ربح على صاحبه هدفه الوحيد نشر الثقافة والمعرفة وحب العلم والتفكير واكتساب مهارات جديدة وفتح نوافذ وأبواب النجاح أمام مئات المواهب.
شخص واحد فقط كان لديه هذه الفكرة العبقرية والرومانسية فى رأيى الشخصى، بل وكان لديه إيمان ويقين أن هذا الحلم يمكن بالعمل والاجتهاد تنفيذه فى ظل كل الظروف والأوضاع السلبية التى تواجه إنشاء كشك سجاير وليس مشروعا ثقافيا ضخما لا يهدف للربح بل وينافس أنشطة كثيرة لوزارة الثقافة.
كل هذا قد يبدو منطقيا أو هكذا بدا لى من خلال معرفتى البسيطة بالمهندس محمد الصاوى الذى أقل ما يوصف به أنه آخر الرجال المحترمين، والذى تحتار أمامه هل تعجب بعقله وفكره أم تنحنى خجلا أمام أخلاقه؟ وذلك لأنه دائما ينادى بحرية الفكر والإبداع ويؤكد على أن نشأته وراء أسلوبه العلمى فى التفكير الحر وأعنى بنشأته أسرته الصغيرة التى رسخت فيه احترام القيم والأخلاق والثقافة، وكذلك المدرسة الالمانية التى كانت بمثابة تتويج لجهد مبذول فى البيت.. إذن فمجازفة بناء الساقية فى مكان مظلم تحت كوبرى 15 مايو ما كان ليقدم عليه الا شخص مثله وبالفعل جازف.
ونجح فى أن يقدم أشكالا عديدة ومتنوعة وجديدة من الثقافة، واستطاع أن يكون مضرب المثل الوحيد على أن الشباب المصرى "لسه بخير" حيث يصل رواد الساقية إلى خمسين ألف شهريا نسبة الشباب منهم تتعدى 80% , فى أى لحظة تدخل الساقية تجدهم منتشرين يمارسون أنشطة ثقافية مختلفة يشاهدون عروضا محترمة يشجعون بمنتهى الرقى يقرأون كتب أدبية فى أركان الساقية والحديقة ولكن...!!!!!!
لكن هنا تعود بى إلى سبب دهشتى وهى إجابة الصاوى على سؤال هل كنت طفل شقى فكانت إجابته: كنت طفلا "ممل" لا أحب أن أجرب ما يمكن أن يؤذينى.. فكيف لطفل أن يعرف ما يؤذيه؟ ومن أين له روح المغامرة؟ وكيف اكتسبها وهو الذى عوده والده الأديب والمفكر الكبير عبد المنعم الصاوى رحمه الله على حرية التفكير؟ وربما تكون دهشتى هى أيضا مصدر سعادتى، حيث إن ابنتى الكبرى التى تبلغ من العمر عشر سنوات تعد طفلة حريصة لا تقدم على أى خطوة جديدة بسهولة وخاصة الأمور التى قد تستشعر من ورائها خطر وهو ما يقلقنى أحيانا فالكثيرون يرددون أن الطفل المغامر أكثر ذكاء ونجاحا.
لكنى فى انتظار توضيح من المهندس محمد الصاوى عله يزيل أسباب دهشتى أو يزيدنى سعادة وأمل فى مستقبل باهر لقرة عينى..
• كاتبة صحفية بالأهرام
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة