علا الشافعى

داوود ورسائل بحر

السبت، 13 فبراير 2010 07:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعيش السينما المصرية حاليا حالة من الفقر الإبداعى، حيث تُعرض أفلام أقل ما توصف به أنها اسكتشات فنية مليئة بالإسفاف، وبعضها يحمل قدرا من الفجاجة إلى أن عُرض فيلم «رسائل البحر» للمخرج داوود عبدالسيد، الذى استطاع تقديم لوحة فنية مليئة بالتفاصيل وفيلم شديد الرقى يحمل مستويات متعددة من السرد السينمائى وملىء بالجماليات، يحتفى بالسينما كفن وأيضا يحتفى بالحياة، رغم أن شخصياته وأبطاله مكسورون وغير متحققين، كما أن الفيلم يحمل رؤى سياسية واجتماعية.

والمتابع لأفلام داوود التى تنتمى لسينما المؤلف، سيجد هناك خيطا رفيعا يربط بين هذه الأفلام الشاعرية التأملية، وشخصياته تتحرك بحرية وإنسانية يراها داوود ويترك لها حرية الفعل، ولو أدى ذلك إلى تصرفات لا أخلاقية من وجهة نظر البعض.. فداوود يتابعها فقط، ويقدمها كما هى ولا يدينها بل ينظر لها برحمة وإنسانية متفهما دوافعها وحاجاتها النفسية والجسدية شديدة الإنسانية.

وأجمل ما فى سينما داوود عبدالسيد أنك تحملها معك، حيث تجعلك تقكر وتتساءل، وتنظر بداخلك فى كثير من الأحيان وتتأمل واقعك، وأحيانا تأخذك إلى ما هو قادم مثل فيلم «مواطن ومخبر وحرامى» وفى «رسائل البحر» يستكمل داوود رحلته التأملية الجمالية لشخوص غير متحققين يتشابهون معنا، ولوطن صار لا يقبل الآخر، يرفض التسامح، وذاكرة وطن امتلأت إلى درجة الانفجار، حيث باتت مهددة بالمحو والنسيان، متمثلة فى شخصية «قابيل» التى جسدها الفنان محمد لطفى.

فى «رسائل البحر» وسينما داوود، هناك دائما فراغات عبارة عن مساحة من الخيال يستطيع المشاهد أن يملأها بنفسه داخل الفيلم، أو أن يرى نفسه يتحرك بين تلك الشخصيات، إضافة إلى مساحة التأويلات والتفسيرات، يأخذك داوود إلى تلك المساحة المنسية، ويزيح الكثير من التراكمات ليعود إلى التحليق وربط الدلالات.

بالتأكيد عرض فيلم لداوود عبدالسيد يعد حدثا سينمائيا يستحق الاحتفاء، لاسيما أنه قدم لوحة فنية من الصعب تكرارها أو محاكاة عناصرها، فهى لوحة فنية فريدة تحمل روحه وتوقيعه، وشاركه فيها عدد من الفنانين شديدى الموهبة هم: آسر ياسين، الذى يثبت يوما بعد الآخر أنه مستقبل السينما المصرية، لأنه فنان موهوب ويملك إلى جانب الموهبة الوعى، فكثير من الموهوبين ضاعوا لأنهم افتقدوا الوعى، واستطاع آسر الإمساك بتفاصيل شخصية «يحيى» وتطوراتها النفسية واجتهد إلى الدرجة التى لا نستطيع أن نتخيل فيها نجما غيره يؤدى الدور، ونفس الحال بالنسبة لـ«بسمة» التى ظلمتها السينما المصرية كثيرا وحصرها المنتجون والمخرجون فى أدوار لا تعبر عن موهبتها، وظهرت فى الفيلم «نور» كما صاغها داوود على الورق.

وتماما مثلما يحرص داوود على اختيار أبطال فيلمه، فهناك دقة فى اختيار جميع التفاصيل الفنية من الديكور لأنسى أبوسيف، وأماكن وزوايا التصوير والإضاءة لأحمد مرسى، والموسيقى لـراجح داوود، والمونتاج المميز لـ«منى ربيع».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة