هل تصدق أن مصر من أسوأ دول العالم فى التحرش بالنساء فى الشوارع والأماكن العامة؟.
الدليل أن الاحصائيات تقول إن مصر الثانية بعد أفغانستان على مستوى العالم فى التحرش الجنسى لدرجة أننا سمعنا بالرشوة الجنسية.. أنا نفسى أعرف إيه اللى حصل وأدى إلى هذه الفوضى.. عشان نعرف إيه الغلط وإيه الصح؟.
الحكاية أننا نتعامل مع النساء ككيان جنسى لا كائن بشرى.. بداية من المعاكسات التى زادت عن الحد وكنا بنحس أنها تفاهات ومن الظواهر العارضة، المشكلة أنها كثرت جدا فى الشارع .. النكت الجنسية تقال بلا حياء طول الوقت وفى أى مكان، والسبب انعدام الحياء عند البنات والشباب ولغة حوارهم شتائم، وده الطبيعى بينهم حتى بينادوا بعض بالكلمات الخادشة التى بقيت لغة رسمية وطبيعية فى حياتهم ولم يحترموا حرمة أى مكان، الدليل إن الظاهرة دى بنشاهدها بين طلاب الجامعات دون احترام لقدسية ومكانة وسمو هذا المكان يعنى الموضوع ليس مرتبطا بالأميين أو الطبقة الدنيا فى البلد بل تجد مستويات عالية تعليميا واقتصاديا هو ده أسلوبهم فى الحوار.
أجد نفسى أعرف ما الذى حدث لشباب وبنات مصر، أين قيمنا ؟ أين مبادئنا؟ أين الشهامة التى كانت سمة فى المصرى؟ هل تتخيل أن فتاة جامعية تقول الفاظ من عينة ... فشخ .. فحت.. نفض .. قشطه.. مُز / مُزة... تعالا نضرب عقد عرفى.
صحيح إن الحروب العديدة التى مرت بها مصر وما تكبدته من خسائر مادية وبشرية ومعنوية لاتزال تأثيرها حتى اليوم مع التحول الاقتصادى من اشتراكية إلى رأسمالية و ظهور قيم جديدة مظاهرها الأنانية والفردية والأنامالية والسلبية، النتيجة أن كل شئ أصبح بمقابل مافيش حد بيعمل حاجة لوجه الله، المشكلة أيضا أن هذه الحالة بهتت بشكل أو بآخر على سلوك المصريين، الدليل عدد القضايا البشعة والغريبة التى تعكس العنف الذى يختفى وراء جدران المنازل ولايصدقها البعض أو يستغرب حدوثها.. مثل ماشهدته محافظة الجيزة من حادث مأساوى بعد أن قام بائع خضار بقتل ابنه بالضرب باستخدام شومة على قدمية ويديه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وشرع فى قتل ابنته لرغبة المجنى عليهما فى زيارة والدتهما المطلقة، المؤسف أن الجريمة ساعدته فيها والدتة بلف جثة حفيدها فى ملاءة السرير وحمل المتهم الجثة وألقى بها بجوار مستشفى.. وسلم لى على المثل اللى بيقول "أعز من الولد ولد الولد".
جريمة قتل أخرى بشعة بسبب كوب شاى، قام مندوب شرطة سابق بذبح زوجته أمام طفلتيهما داخل منزله بمنطقة قرية الطبرانية بوادى النطرون بسبب رفضها الاستماع إلى كلامه حيث طلب منها إعداد كوب من الشاى، وعندما رفضت أحضر سكينا من المطبخ وذبحها ووضع جثتها على السرير، النتيجة أن العنف أصبح إحدى المشكلات الخطيرة التى تعانى منها الأسرة المصرية وأصبح عاديا بين الأزواج والآباء والأبناء والإخوة والأخوات وكبار السن.
الكارثة التى تزداد خطورة وتحتاج تكاتف الجميع لحلها دلوقتى مش بعدين.. التحرش الجنسى، السبب دراسة كشفت أن 64.1% من المصريات، يتعرضن للتحرش بصفة يومية، فى حين 33.9% تعرضن للتحرش أكثر من مرة وليس بصفة دائمة، بينما أكدت 10.9% على أنهن يتعرضن للتحرش بصفة أسبوعية، فى المقابل تتعرض 3.9% للتحرش بصفة شهرية.
أشكال التحرش سبعة ( لمس جسد الأنثى، التصفير والمعاكسات الكلامية، النظرة الفاحصة لجسد المرأة، التلفظ بألفاظ ذات معنى جنسى، الملاحقة والتتبع، المعاكسات التليفونية)، المشكلة أن حوادث التحرش الجنسى الجماعى الشهيرة التى تعرضن لها بعض الفتيات ببعض الشوارع الرئيسية، كشفت أوجه الخلل داخل المجتمع، لأن مثل هذه الحوادث الجديدة علينا لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، هذا النوع من الحوادث ما لم يتم معالجته بشكل علمى متكامل، سيتحول إلى ظاهرة من الصعب السيطرة عليها،السبب أن هناك عوامل أخرى تعمل على زيادة الظاهرة وانتقالها من القاهرة إلى مختلف أنحاء الجمهورية، وطالما صمت الجميع على هذه الظاهرة، وعدم حلها من جذورها ستساعد الآخرين على الاستمتاع بها، لتصبح إحدى سلوكيات المواطنين اليومية.
السؤال الذى يفرض نفسه أين التليفزيون وحملاته الإعلامية المكثفة؟ أين دور الأزهر والكنيسة ودار الإفتاء لمواجهة الظاهرة ودورهم فى إثارة قضايا الشباب وحلولها؟ أين المصريين الكرماء أولاد البلد الجدعان؟
الحل أن حالة النشوة الجميلة التى نعيشها الآن من الانتصارات الكروية الرائعة وعودة الحق لأصحابة يجب أن نستثمرها لعودة الشهامة التى تجرى فى شراييننا مجرى الدم فى العروق كما يجرى النيل على أرضنا منذ آلاف السنين.
الدليل أن الاحتفالات التى شهدتها مصر كلها بمناسبة الحصول على كأس أفريقيا خرج الجميع رجالا ونساءً ولم نشهد أى تحرش أو أعمال عنف وإنما بهجة وفرحة ورغبة فى إثبات الذات.
إننا نحمل أصولاً طيبة ونتمتع بنقاء السريرة صفات متأصلة فينا على مدى التاريخ، مصر يا بشر حضارة وأصول وقيمة كبيرة وفيها مقومات النهوض والتقدم وليس من السهل انهيارها مع كل المتربصين بها.
مصر هى بلورة العالم العربى وأم الدنيا و يجب أن يشعر كلا منا بانتمائه للبلد وأنه حجر فى مبنى بشرط أن يكون حجرا صالحا فعالا فالمجتمع بأكمله مجموعة من اللبنات تكمل بعضها البعض، كان زمان الاحترام والتعاون والتسامح والحب والمشاركة بين الأسرة والمجتمع والحفاظ على صلة القرابة أساس قوة المجتمع فلنرجع للأساس.
* نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة