(هذا المانشيت تصدر الصحف وصار حديث وسائل الإعلام اليوم وذلك مع عودة المنتخب المصرى من أنجولا بعد إخفاقه فى الحصول على اللقب الأفريقى السابع والثالث على التوالى)، ماذا لو كانت هذه هى الحقيقة؟ ماذا لو فشل المنتخب المصرى فى مشواره الأفريقى؟ الحمد لله أن هذا لم يحدث. وإلا الله وحده يعلم ماذا كان سيحدث للملايين من المصريين؛ الذين كانوا فى انتظار لحظة التتويج،لحظة النصر وإعلان الفوز ولكن لماذا؟
لماذا الكل فى انتظار هذه اللحظة؟ لأنها لحظة النصر. لحظة تحقيق أمنية غالية لكل مصرى؛ أن يرى مصر مرفوعة الاسم والراية فى كل المجالات. وأهمها المجالات الداخلية لأن مصر تستحق منا كل غال؛ وشعبها يستحق كل تقدير ورعاية واهتمام من القائمين على أمره. حيث بات كل مصرى يحلم بنهضة حقيقة لمصر؛ لا نهضة زائفة تعمى الأبصار عن الحقيقة. فبعد الإخفاق فى الملفات الداخلية وكيفية إدارتها من قبل الحكومات المتعاقبة للحزب الوطنى، الذى أصبح يسبب الحزن الوطنى لمصر والمصريين. فبعد أن أصيب الكثير من المصريين بأمراض السرطان والتهاب الكبد الوبائى والفشل الكلويى نتيجة تلوث المياه والمزروعات بكافة أشكالها وعدم توفر العلاج لشريحة كبيرة من المواطنين إلى الفشل على مستوى التعليم والبحث العلمى، والموت فى القطارات، والموت حرقا فى قصور الثقافة، وعلى الطرق السريعة، والموت غرقا فى العبارات، وحتى الإخفاق فى ملفات البطالة، وتوفير فرص العمل والإسكان، والحد من الارتفاع الجنونى للأسعار، والسعى لرفع الدعم عن السلع الرئيسة والتى تمس حياة المواطنين.
مرورا بالإخفاقات الدولية فصفر المونديال ليس عنا ببعيد. وكذلك الترشيح لرئاسة اليونسكو. حتى سمعة مصر فى المحافل الدولية وتناقص دورها الريادى فى قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وقضايا السودان ومحاولات تفتيته وتحويله إلى كيانات تتحكم فيها الصهيونية، من أجل السيطرة على منابع النيل وتهديد مصر بالمياه الذى يعد قضية أمن قومى من الدرجة الأولي. حتى مجرد شعور المواطن بحقه فى بلده صار أمرا عزيز المنال، فصار يبحث عن حقه فى بلد آخر، فلا تتحدث مع شاب إلا وهو يتمنى الرحيل عن مصر والهجرة لأمريكا أو أوربا. فإن لم يستطع فأى بلد عربى وهذا فى نظره أفضل مليون مرة من مصر. مصيبة هى أن يتمنى الشاب الرحيل عن بلده. ويفضل المغامرة بحياته وعمره فى رحلة البحث عن مأوى فى دولة أوربية على المكث فى مصر. ولكن العذر كل العذر لمن يبحث عن حياة كريمة شريفة؛ بعد أن فقدها فى بلده فبدلا من أن يفقد ثقته بنفسه ويلجأ لطريق الضياع، يبحث عن حياة مادية كريمة، تؤهله لأن يستمر مثل كل إنسان. ويبقى كإنسان؛ فيى وقت يرى فيه مظاهر التناقض العجيب فى مصر؛ بين أناس يقضون لياليهم فى الفنادق يأكلون، وبين أناس يقضون لياليهم على أبواب الفنادق ينتظرون خروج بقايا الطعام من الفندق إلى صناديق القمامة. يتزاحمون عليه لأخذه لأبنائهم يأكلونه، بعد أن تركت الحكومة البلد لبضعة أناس يرتعون فيه ينهبون خيراته بدون رحمة بضعفاء هذا الوطن يأخذون كل شئ ولا يعطون الوطن أى شئ. يتركونه يموت فى العبارة وفى القطار، ويموت من المرض لأنه لا يملك تكاليف العلاج. ويأخذون أموال البنوك ويهربون بها للخارج -ومن صالة كبار الزوار- ولا عزاء لمصر ولا أبناء مصر الحقيقيين. لأجل كل هذا كان المصريون فى انتظار فرحة تنسيهم كل هذا الهم، الذى يعيشونه فى كل لحظة من لحظات الحياة. حتى لو كانت هذه الفرحة بكرة القدم. فرحة بفوز المنتخب المصرى. ومعذرة لكل مصرى أكون قد عكرت صفو فرحته بفوز المنتخب فأنا مثل الجميع غمرتنى فرحة بلا حدود؛ لكنها امتزجت بالحسرة والألم على حال مصر وأبنائها. فهنيئا لمصر وشعبها الطيب بهذا الفوز ومن نصر-حقيقى- إلى نصر يا مصرنا الغالية ومع خالص تحياتى.