عندما تستيقظ فى الصباح وتجلس على مائدة إفطارك وبعدها تتناول كوب الشاى أو القهوة المفضل وأنت تطالع جرائد الصباح تطالع العناوين والمقالات لكتابك المتميزين والذين اعتدت على متابعتهم، فتجد الجميع زعماء وقادة وكتابا جميعهم يبحث عن الإصلاح ويتكلم ويكتب عن الإصلاح وكيف ينصلح حالنا سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا.
وفى المساء حينما تعود من عملك وتتناول عشاءك تفتح التلفاز لتشاهد البرامج الحوارية التى تفضلها ومقدم برنامجك المفضل، فتجد الجميع أيضا يبحث عن الإصلاح والنهوض والتقدم.
وهكذا تقريبا غالب الناس حكاما ومحكومين ينادون دائما بأنهم يبحثون عن الإصلاح.. والسؤال الآن لما الشعب كله بيدور عن الإصلاح والتغيير أمال مين اللى بيفسد بالظبط؟!
تستشعر أن الأمر مجرد شعارات رنانة لا تسمن ولا تغنى من جوع، وأن من يريد أن يصلح حقا ينبغى أن يعمل فى صمت ويبدأ بنفسه أولا ثم بمن حوله وليس العكس. يحكى أن شابا قال سأصلح العالم بأسره وأجعله يعيش فى سلام ووئام وحب وبعد عشرين عاما اكتشف أنه لم يفعل أى شىء لأنه مجرد نقطة فى بحر وأنه لن يؤثر فى هذا العالم بأجمعه، فقرر أن يضيق التحدى، وقال سأصلح مدينتى بالكامل وأجعلها مدينة أشبه بالمدينة الفاضلة ومرت السنوات أيضا وأدرك أن حلمه كان مجرد سراب، فقرر أن يضيق النطاق مرة أخرى قال سأصلح فقط أهلى وعائلتى ومرت السنوات ولم ينجح فيما أراد. نظر يوما فى مرآته ورأى التجاعيد قد ملأت وجهه وانحنى ظهره وتساقط شعره وضعفت قوته، قال أدركت الآن خطأى كان ينبغى أن أبدأ بنفسى أولا فأصلحها وأهزبها لأنى فرد فى هذا المجتمع إذا انصلح انصلح سائر المجتمع..
فى مسلسل يوميات ونيس وفى هذه الرواية تستشعر التسلسل الصحيح للإصلاح الحقيقى الرجل بدأ بنفسه وأولاده كان يغرس المعنى والقيمة فى نفسه وفى أولاده من هم تحت رعايته وطوع بنانه.
ثم خرج إلى حارته يحاول الإصلاح فنجح وعندما تولى منصبا استطاع أن يصلح من خلاله لأنه نجح فى أن يبنى قاعدة يسير منها، هذا هو الإصلاح الحقيقى لا إصلاح الشعارات الرنانة الجوفاء.
هذا هو الإصلاح الذى ننتظره أن تطبق على نفسك مقاومة الفساد والرشوة والوساطة وغيرها قبل أن تدعو الناس إلى ذلك. إن تعامل الناس حقا كما تريد أن يعاملوك.
أعلم أناسا قريبين من شخصيات بارزة فى الظاهر هم دعاة إلى الإصلاح والتقدم ومنارة للإصلاح والمصلحين، وحينما تسأل من هم قريبون منهم تكتشف عنهم عجبا عجاب وبأنهم أكثر الناس استخداما لما يقاومونه ويعارضونه وربما وصلوا إلى ما وصلوا إليه بالوساطة فقط!
فعن أى إصلاح يتحدثون إذا؟! فالأمر ليس مجرد شعارات وكلمات تقال ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)).
لتكن قائما على نفسك أولا ثم أسرتك ومن هم مسئولون منك، فأنا وأنت وهو وهى كل واحد منا لبنة فى هذا المجتمع إذا انصلح حال كل واحد فينا حتما فسينصلح المجتمع. واحذر أن تكون أنت سببا فى ضعفه وانتكاسته. فطالما الكل يدعو الكل إلى الإصلاح يبقى مين اللى بيفسد؟؟!!
أكيد ناس من كوكب تانى!!!
