لم تكن مفاجأة لى أن أسمع بشاعر مسيحى يكتب قصيدة فى مدح النبى محمد صلى الله عليه وسلم بل عاد بى ذلك النبأ ربع قرن إلى الوراء حين كنت أسمع الشاعر المسيحى الكبير وليم نجيب سيفين رحمه الله، يلقى قصائد متعددة فى مدح النبى الأعظم عليه صلاة الله وسلامه فى مناسبات مختلفة منها المولد النبوى الشريف والهجرة والإسراء والمعراج ودخول شهر رمضان وفى العيدين أيضا ولم يكن الرجل يبتغى من وراء ذلك شيئا فقد كان وزيرا للدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج ولم يكن المسيحى الوحيد الذى يسلك ذلك السلوك الأدبى الرفيع، بل كان هناك أيضا الشاعر الكبير خليل جرجس خليل، وشاعر العامية الجميل عدلى نخلة خليل، وكان قبلهم الاديب سمير كرم فريد، رحمهم الله جميعا، الذى كان يدير الأمسية الشعرية بقصر ثقافة الغورى ويحرص على التنبيه فى المناسبات الدينية الإسلامية بأن موضوع الندوة القادمة سيكون المولد النبوى مثلا أو الإسراء والمعراج وهكذا.
وفى جمعية الشبان المسيحية كنا نقيم أمسية شعرية كل شهر ولم تكن الجمعية تغفل هذه المناسبات.
ومن فضول القول أن أقول إن كثيرا من الشعراء المسلمين استخدموا الموز الدينية المسيحية فى قصائدهم مثل مريم- العذراء- المسيح– الصلب– الناقوس، وغيرها، وذلك فى سياقات تؤكد إيمانهم بها وتقديسهم لها.
وأنا شخصيا أتناص أحيانا مع القرآن الكريم وأحيانا مع الكتاب المقدس بعهديه وقد أرمى بظلال فكرة المسيح كمخلص للعالم على الشهيد الذى يضحى بحياته من أجل الآخرين:
الراسمين لنا مسيح خلاصنا
فى لوحة نارية الألوان
وفى موضع آخر
إن الرصاصة فى صدرى ستخبركم
من المسيح الذى فى قومه صلبا
وفى موضع ثالث:
لست المسيح الذى ترجونه فخذوا
خلاصكم وارحلوا عن سور مملكتى
كما أعبر بمريم التى ولدت المخلص عن سناء محيدلى الاستشهادية التى توالت بعدها عمليات الاستشهاد وانتفاضة أطفال الحجارة:
بدمى أرتل سورة البكر التى حملت بجيل
فأجاءها جمر المخاض إلى جذوع المستحيل
فأتت به فى كفة الأحجار والثأر النبيل
جيل سيمسح عن عيون مدينتى الليل الطويل
هذه هى ثقافتنا العربية التى لم تجزر الثقافات الدينية المتعددة بل استوعبتها جميعا وصهرتها فى بوتقة المحبة وصبتها فى قالب نفيس نقرأ على غلافه: (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى).
إننى أحيى الشاعر الأستاذ جاك شماس تحية مليئة بالحب وخالية من الدهشة.
