العداء الشديد بين إيران وإسرائيل يدفع كلا منهما إلى منافسة نحو كسب تأييد أكبر قدر من الحلفاء، ولعل القارة الأفريقية السمراء من الساحات التى يتصارع فيها الجانبان بشكل شرس. صحيفة الإيكونومست البريطانية رصدت هذا الصراع فى عددها الأخير، وقالت إن طموحات إيران فى أفريقيا تثير مخاوف إسرائيل بشكل خاص، لأن الدولة العبرية كان لها الكثير من الأصدقاء فى أفريقيا وتريد أن تبقى على علاقتها مع من تبقى منهم.
تقول الإيكونوميت: قبل عامين، قال الرئيس محمود أحمدى نجاد إنه لا يرى حدود لمد العلاقات الإيرانية مع الدول الأفريقية. وفى العام الماضى، قام عدد من الدبلوماسيين والجنرالات الإيرانيين بجولات أفريقية وقعوا خلالها اتفاقات تجارية ودبلوماسية ودفاعية.
ولعل السبب فى هذا النشاط الإيرانى فى القارة السمراء هو أنها تريد دعماً دبلوماسياً لبرنامجها النووى فى أجزاء من العالم لا تزال الحكومات فيها "طيعة". ففى أمريكا اللاتينية، نجح الرئيس الإيرانى بالفعل فى تفجير مشاعر العداء لأمريكا فى دول مثل بوليفيا ونيكارجوا وفنزويلا. ولكن فى أفريقيا، على العكس من ذلك، حيث أغلب الدول تتمتع بعلاقات قوية مع الغرب، فإن إيران تركز على تقوية التحالفات الإسلامية بعروض من النفط والمساعدات.
وضربت الصحيفة أمثلة بالمساعدات الإيرانية لدول أفريقيا مثل السنغال، التى يمثل المسلمون 90% من سكانها. فعلى الرغم من أنها دولة فقيرة، وليست كبيرة من حيث عدد السكان، إلا أنها ذات ثقل دبلوماسى فى الدول الأفريقية الفرانكفونية وكذلك لها تأثير فى الأمم المتحدة. ولذلك قدمت إيران لها مساعدات اقتصادية وباعت لها النفط بأسعار رخيصة. وفى شرق أفريقيا، ساعدت إيران السودان ثالث أكبر دولة منتجة للسلاح أفريقياً، ووقعت معها اتفاقا عسكريا فى عام 2008.
وفى المقابل من ذلك، فإن إسرائيل لديها علاقات دبلوماسية أقل وأضعف من التى تتمتع بها إيران فى القارة، بل إن الدول العبرية بدأت بالفعل تفقد هذه الروابط. فقد طلبت موريتانيا، وهى إحدى الدول العربية القليلة التى تقيم علاقات مع إسرائيل، منها أن تغلق سفارتها. وبعد زيارة من وزير الخارجية الإيرانى للبلاد، قالت طهران إنها ستستحوذ على مستشفى كانت إسرائيل تبنيه فى العاصمة نواكشوط، وستزوده بأطباء وأحدث تجهيزات.
ونيجة لهذا النشاط الإيرانى فى أفريقيا، فإن إسرائيل تحاول العودة بقوة إلى القارة السمراء، حيث كان وضعها أفضل فيها فى فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى. إلا أن الكثير من الدول قطعت علاقتها معها بعد الحروب العربية الإسرائيلية عامى 1967 و1973، وقطعتها مرة أخرى بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى فى أواخر الثمانينيات.
ولذلك، قام وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان فى سبتمبر الماضى بأول زيارة لمسئول إسرائيلى رفيع المستوى إلى القارة منذ عقود، وزار أثيوبيا وغانا وكينيا ونيجريا وأوغندا. وكان أحد أسباب هذه الجولة مواجهة النفوذ الإيرانى. وربما يقوم ليبرمان بجولة أفريقية أخرى هذا العام، فإسرائيل قلقة من تواصل إيران وعلاقتها الدافئة مع السودان وإريتريا وهى منطقة هامة استراتيجياً، حيث تقع على البحر الأحمر، وبالتالى يمكن أن تهدد الملاحة الإسرائيلية. كما أن إريتريا تسلح الجهاديين الصوماليين المعادين لإسرائيل.
الإيكونومست: صراع بين إيران وإسرائيل على أفريقيا
الأربعاء، 10 فبراير 2010 02:15 م