أندرو ميللر روائى إنجليزى من جيل الثمانينيات، له العديد من الأعمال التى يغلب عليها التاريخ مثل روايته "كازانوفا" التى ترجمتها له سلسلة الجوائز، وحاز جائزة "جيمس تيت بلاك" عن روايته الأولى "ألم فذ" عام 1997، وجائزة "جرزيانى كافور" الإيطالية"، وهو أيضا صاحب رواية "أوكسجين" التى أدرجت ضمن القائمة القصيرة للبوكر الدولية، وحل "ميللر ضيفا على معرض الكتاب فى ندوة بالأمس عقدتها سلسلة الجوائز التى ترأس تحريرها الشاعرة د.سهير المصادفة عن عمله المترجم "كازانوفا" بالسلسلة وعن كتاباته المتنوعة ورؤيته للشرق وللإسلام كان لـ اليوم السابع معه هذا الحوار:
لماذا اخترت "كازانوفا" لتكتب عنه؟
لقد حدث ذلك بمحض الصدفة بعد أن قرأت مذكرات "كازانوفا" "تاريخ حياتى" التى كتبها فى سن متقدمة فى قلعة "الكونت فالدشتاين"، ففوجئت بشخصيته المثيرة للاهتمام، فالناس تعتقد إنه شخصية خيالية، فهو نموذج للشخصية الإيطالية المولعة بالمغامرة والرومانسية التى نفتقدها فى انجلترا، فهو رحالة ولديه العديد من المميزات فأنا مولع به، وتخيلت نفسى "كازانوفا" جديد وهو مستحيل قطعا.
تقع كتاباتك على الحافة ما بين الواقعى والخيالى دائما فلماذا؟
أحب أن أترجم واقعى الذى أعيشه على صفحات الكتاب، فالكتابة لا بد أن تكون مستوحاة من الواقع ولا يخلو ذلك من بعض الخيال والفانتازيا فيحلق القارئ معى بعيدا عن الواقع ثم يعود ليجد نفسه يعيشه مرة أخرى، وحتى على مستوى اللغة فأعنى باختيار جمل رشيقة وقصيرة تصطدم بالقارئ مباشرة وكأننى أعزف موسيقى الجاز.
لماذا تهتم بتشريح المجتمع وتركز على التفاصيل الدقيقة فى كتاباتك؟
أحب التفاصيل وأؤمن أن التفاصيل هى التى تصنع الفرق، فالكاتب الموهوب هو من يركز على تفاصيل لا يلتفت إليها أحد ويصنع منها عالمه الخاص.
البناء الفنى للشخصيات فى أعمالك يوحى بأن الشخصية هى التى فرضت عليك نفسها وليس أنت من صنعتها فكيف تبنى شخصياتك؟
هناك بعض الأدباء مثل "نجيب محفوظ" كانوا يصنعون ملفا لكل شخصية قبل البدء فى الكتابة، عنها فيحدد طريقتها فى الضحك وفى البكاء وفى كل شيء أما أنا فلا أفعل ذلك مطلقا، ولكن اترك الشخصية لتكتمل تدريجيا مع الاستمرار فى الكتابة فأحاول اكتشافها من فصل لأخر فى الرواية لتكتمل ملامحها أمامى باكتمال العمل.
ذكرت فى حديث لك من قبل أنك لا تخطط للحدث قبل كتاباته، فهل تؤمن بالكتابة التلقائية؟
معظم الكتاب يخططون لأعمالهم قبل كتاباتها، ولكننى لا أفعل ذلك، فقط أضع رؤية ومنطق للعمل قبل كتاباته، وأتعايش مع العمل وتفاصيله وكذلك العالم الذى أكتب عنه حتى تتضح الصورة أمامى أما الأحداث فأفضل أن تأتى تلقائيا مع السرد دون تخطيط مسبق لها.
ولماذا تميل إلى الرواية التاريخية فى كتاباتك، هل ترى أنها تختلف عن باقى الروايات؟
التاريخ مادة خصبة للحكى والسرد تمكنك من إعادة اكتشاف العالم، ولكن يجب أن نضع تعريفا للرواية التاريخية فهى لا تختلف عن أى نوع من الروايات إلا فى كونها تتناول أحداثا حدثت بالفعل مع بعض الخيال والفانتازيا على العكس من روايات الخيال العلمى، لذلك فإننى لا أرى أى اختلاف ما بين الكتابة عن الفترات الحالية أو الكتابة عن التاريخ.
لماذا تحقق الروايات التى تبحث فى تاريخ الأديان مثل رواية "شفرة دافنشى" أعلى مبيعات فى أوروبا وأمريكا؟
سؤال جيد جدا، فرواية مثل شفرة دافنشى حيرت العديد من القراء ذلك لأننا نعيش عصر الثقافة الضحلة، وروايات دان براون والعديد من الكتاب تناسب القارئ الذى يبحث عن الغموض والأسرار، وما إلى ذلك من مقومات الثقافة الشعبية والتجارية، ولكنها تترك القارئ فى حالة من عدم الرضا والضياع بعد أن تعرض له مواد تاريخية محيرة بالإضافة إلى الحالة التى يعيشها الغرب من الشك فى الأديان وإعادة البحث فيما قبل ظهورها لذلك فروايات "دان براون" ليست وجبات دسمة على كل حال.
وما رأيك فيما قاله الناقد المصرى الكبير جابر عصفور "نحن فى زمن الرواية" هل يمكن تطبيق تلك المقولة على إنجلترا مثلا؟
أتمنى أن يكون ذلك ولكننى لا أعتقد فالرواية تحتل مرتبة متأخرة بعد السينما والإنترنت، وبالنسبة للأدب فإن الشعر دائما هو الذى يحظى بأقل عدد من قراء الأدب وليس الآن على وجه التحديد.
وكيف ترى العلاقة بين الشرق والغرب؟
فى الماضى كانت علاقة تناحر وصراع، أما ما يحدث الآن فهو مجرد امتداد لهذا الصراع، وطوال الوقت وحتى قبل العولمة كانت ثقافة واحدة هى التى تسيطر على العالم مثل الثقافة الرومانية فى الفترات السابقة، أما الآن فالثقافة الأمريكية هى المسيطرة وهو أمر غير صحى على الإطلاق، فلا بد أن نصنع التوازن بين الثقافات، وأتنبأ بانتهاء الثقافة الأمريكية، وسيأتى العرب أو الصينيون بدلا منها مثلما حدث مع الرومان.
وكيف تنظر للإسلام؟
من المؤسف أن يرتبط الإسلام فى عقول الأغلبية من العامة فى أوروبا بالعنف والقتل ولكن ما يحدث هو انعكاس للعلاقة المضطربة بين المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية، ولكننى أؤمن أن ما فعله الأقلية من المسلمين لا يجب أن ينسحب على العرب والمسلمين جميعا، والمجتمع الإسلامى فى إنجلترا يتعايش معنا ولم يقدم صورة سيئة عن الإسلام، وعن نفسى أحب المساجد أكثر من الكنائس، لأننى أشعر فيها بروحانية كبيرة تتناسب مع المكان الضخم ذو المئذنة الذى ترتجف له القلوب بمجرد دخوله.
وما انطباعك عن معرض القاهرة للكتاب؟
أتصور أن معارض الكتب حول العالم هى مهرجانات للصحفيين والقراء ولأى فرد بخلاف الكتاب الذى ينساهم الجميع فى وسط الاحتفال، ومعرض القاهرة احتفالية ضخمة وسعدت بالمشاركة بها وبهذه المدينة الساحرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة