أثارت المادة "10" من قانون الآثار الجديد، الذى أحدث جدلا كبيرا فى مجلس الشعب غضب العديد من علماء الآثار، وقالوا إنها تهدد آثار مصر بالضياع، وفى الوقت الذى اختلف فيه الجميع حول تعديل النائب أحمد عز للقانون الذى اقترح من خلاله السماح بالاتجار، لم يتلفت أحد إلى هذه المادة وما تحمله من تهديد واضح لآثارنا، والمادة المثيرة للجدل تنص على أنه "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية، عرض بعض الآثار - دون المتفردة والتى تحددها اللجان المختصة - فى الخارج لمدة محددة، وكذا تبادل بعض الآثار المنقولة المكررة مع الدول أو المتاحف أو المعاهد العلمية العربية أو الأجنبية "الأمر الذى اعتبره الأثريون بابًا يمكن من خلاله التلاعب وخروج القطع النادرة، بل يمكن أن يمتد الأمر إلى خروج القطع وتزويرها بالخارج وعودة المزور منها.
الدكتور عبد الله كامل أستاذ الآثار الإسلامية ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية السابق، اعترض على المادة قائلا: إن المجلس يفتقد قاعدة بيانات واضحة ومحددة للآثار، لذلك من الصعب حصر القطع المكررة، مضيفا أنه كان على المجلس قبل وضع هذه المادة توضيح حجم القطع المكررة فى المتاحف والمخازن وإعلان كيفية تسجيل القطع المكتشفة فى أماكن الحفر وإطلاعنا على السجلات الخاصة بالتسجيل لضمان النزاهة وعدم التلاعب، وأضاف "كامل": المجلس لم يسجل القطع الأثرية الموجودة بالمتاحف والمخازن، ولا يمتلك قاعدة بيانات لتسجيل الآثار ولن يصل لصيغة يستطيع من خلالها حصر الآثار، خاصة وأن القطع المكررة بالمخازن والمتاحف قليلة، لكن تظهر فى أعمال الحفائر، فكيف سيتم تحديد القطع المكررة؟
كامل لم يعترض على خروج القطع الأثرية من مصر، وإنما طالب بسجلات توضح عدد القطع الأثرية وحجم المكرر منها، موضحا أن المعارض الخارجية هامة وتعود بالنفع على مصر، وتساعد فى تمويل مشاريع الترميم، لذلك لا مانع منها، لكن قبل أن تخرج على المجلس وضع قاعدة سليمة ومحددة للبيانات، لضمان الحفاظ على الآثار التى تتعرض للتلف أو التزوير.
بينما رفض الدكتور محمد الكحلاوى الأمين العام لإتحاد الأثريين العرب وأستاذ الاثار الإسلامية، المادة "10" نصا وموضوعا قائلا أن من يسعى للموافقة على هذا البند من القانون له مصلحة خاصة وييزنس، موضحا أن تبادل او خروج قطعة واحدة يعنى تفريط فى الاثار ولا يختلف عن البيع أو الاتجار فيها، متسائلا: من سيحكم أن هذه الآثار متفردة أو مكررة؟ خاصة أن المعرض الخارجية لا تطلب إلا الآثار المتفردة، مؤكدا ان وقت تنفيذ هذه المادة سيتم اهداء وتبادل القطع الفريدة فقط.
وهاجم الكحلاوى كل من المجلس الأعلى للآثار ومجلس الشعب قائلا إن كانت الجهتان المنوط بهما حماية الآثار تضع هذه القوانين وتوافق عليها فهناك تناقض تام، وكأن الدولة انقسمت قسمين، الأول يعمل على تغليظ العقوبة والسرقة، والثانى يحاول فتح باب للسرقة والاتجار، الذى من صوره التبادل او خروج القطع الأثرية للمعارض الخارجية.
بينما رفض الدكتور عبد الحليم نور الدين أستاذ الآثار المصرية والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للاثار كلمة "الآثار المكررة" التى وضعت فى نص المادة، قائلا أنه ولا يمكن القول إن هناك قطعة واحدة مكررة مهما كان التشابه بينها وبين غيرها، فالقطع المكررة كلمة عامة، مضيفا أن خروج القطع للمعارض الخارجية مسموح به، على أن تكون قطع غير فريدة، ومشيرا إلى أنه لا يمكن تحت اى بند بيع أو إهداء القطع الاثرية لأنها ليست ملكا لأحد وإنما ملكية دولة وليس من حق أحد التصرف فيها حتى لو كان رئيس الجمهورية.
وردا على كل هذه الاعتراضات قال الدكتور مختار الكسبانى مستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن القطع التى تخرج يتم عرضها أولا على أجهزة تأخذ بصمة الآثار، وبعد عودتها يتم عرضها مرة أخرى على نفس الأجهزة، وبالتالى لا يمكن التلاعب أو التزوير، مشيرا إلى أن الجهات التى ستخرج إليها الآثار بموجب القانون جهات علمية مهتمة بمجال حماية الآثار والتراث الإنساني، والقطع تخرج تحت رقابة مصرية وتعرض بأسلوب فنى وعلمى فى إطار التبادل المعرفى والثقافى بين الدول، مؤكدا أن المعارض الأثرية الخارجية لها بعد سياسى وليست أثرية فقط، فهى نجحت فى تمثيل مصر تمثيلا جيدا ونجحت فيما فشل فيه الإعلام والسياسة، مؤكدا أن كل القطع مسجلة سواء فى المتاحف أو المخازن، كما أن القطع التى تكتشف أثناء التنقيب يتم تسجيلها بعنوان "تسجيل حفائر" حتى يتم ترمميها وتسجلها فى دفاتر الآثار.
واعترف مجدى الغندور مدير عام مركز تسجيل الآثار بالمجلس فى سياق حديثه مع اليوم السابع بأن هناك العديد من المنشآت والتحف الأثرية غير مسجلة وقال: إن المجلس انتهى من تسجيل الآثار الثابتة فى مناطق كثيرة، منها أسوان والمنيا والإسكندرية، ومازال العمل جاريا بالأقصر والجيزة، أما بالنسبة للآثار المنقولة التى تتحدث عنها المادة فهناك مشروع قومى لتسجيلها تابع للمتحف المصرى، والذى يقوم بتسجيل الآثار الموجودة بالمتاحف، أما الموجودة بالمخازن فهى أيضا مسجلة كعهدة، والآثار التى تخرج من مناطق الحفائر يتم تسجيلها أوتوماتيكيا فى دفتر تسجيل الآثار، والمجلس يقوم حاليا بتطوير هذا التسجيل عن طريق وضعه على أجهزة الكمبيوتر.
وعن حصر القطع المكررة أكد اللواء سامح خطاب مدير مركز المعلومات بالمجلس الأعلى للآثار أنه لا يمكن حصر القطع المكررة، ولا معرفة عددها لكثرتها، مؤكدا أنه تبادل أو خروج القطع التى تقرر اللجنة الدائمة عرضها بالمعارض الخارجية يتم بعد فحصها وكتابة تقرير مفصل عنها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة