◄◄ معارضون:«الإدارية العليا» دقت المسمار الأول فى نعشه والبطلان مؤكد
◄◄ قانونيون بالوطنى: حل المجلس وهم كبير للمعارضة والشرعية مؤكدة
◄◄ الأحكام القضائية تطارد البرلمان وتجاهلها يشكل خطراً حقيقياً على الحياة الدستورية
قبل ساعات من إجراء انتخابات الإعادة لمجلس الشعب يوم الأحد الماضى، بلغ مجموع الطعون الانتخابية 3500 طعن انتخابى، ونظر المستشار كمال اللمعى رئيس محاكم القضاء الإدارى ما يزيد على 700 طعن، تعنتت الحكومة فى تنفيذها بالاستشكال أمام محاكم مدنية غير مختصة، ووصفها المستشار اللمعى بـ«عديمة الأثر»، واعتبر أن هذا الإجراء مخالف لما أصدرته المحكمة الدستورية العليا، بأن محاكم مجلس الدولة هى المختصة فقط بوقف تنفيذ أحكامها.
هذا الموقف الغاضب من إهدار أحكام القضاء، زاده إصدار المحكمة الإدارية العليا أحكاما تؤيد فيها أحكام القضاء الإدارى، بوقف تنفيذ قرارات إعلان نتائج الجولة الأولى التى جرت الأحد قبل الماضى، وقالت «الإدارية العليا» إن عدم تنفيذ أحكام «مجلس الدولة» بوقف نتائج بعض الدوائر يعنى بطلان البرلمان، وأضافت المحكمة: «بالنسبة للطعون الخاصة بنتائج الانتخابات التى أجريت دون مراعاة للأحكام الصادرة من مجلس الدولة، فلا يكون هناك مجال لاتصال مجلس الشعب بها، لأن خروج اللجنة العليا للانتخابات عن حجية الأحكام وعدم تنفيذها رغم صدورها قبل التاريخ المحدد للانتخابات، ينعدم معه كل مركز قانونى نشأ بعد ذلك، ويكون تكوين مجلس الشعب عندئذ مشوبا بشبهة البطلان».
حكم الإدارية العليا يرفض صراحة مبدأ أن مجلس الشعب هو «سيد قراره»، وهو المبدأ الذى يستند إليه الفائزون المطعون فى صحة نجاحهم، لاستمرار عضويتهم فى البرلمان، وفى حال التصميم على تنفيذ مبدأ «سيد قراره»، سيكون هناك مسلك آخر أمام كل من صدر حكم لصالحه، يوضحه مصدر رفيع بمجلس الدولة قائلا: «كل من صدر حكم لصالحه ولم ينفذ، له الحق برفع دعوى تعويض قد تصل إلى عشرات الآلاف من الجنيهات، وفى مجملها قد تؤدى إلى إهدار ملايين الجنيهات من خزينة الدولة، نتيجة عدم احترام تنفيذ الأحكام القضائية، والتى دفعت المستشار مجدى العجاتى رئيس المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة إلى توجيه اللوم للجنة العليا للانتخابات لعدم تنفيذ الأحكام التى أصدرتها»، وقال: «ماكان يتعين عليها أن تكون عقبة فى سبيل تنفيذ تلك الأحكام».
المهم أنه وطبقا لحكم «الإدارية العليا» الذى يبطل المجلس سيضع البرلمان على بحيرة عائمة من البطلان وفقا للقانون من جانب، وللواقع السياسى من جانب آخر، ويقود هذا الوضع إلى التأكيد وفقا لخبراء القانون على أن المجلس المقبل لن يزيد عمره على 18 شهرا فقط على بدء دورته البرلمانية، والسؤال الذى يفرض نفسه بعد كل ذلك هو: هل سيتخذ الرئيس مبارك قرارا بحل المجلس على خلفية ماسبق، وأن يكون هذا القرار بعد 18 شهرا؟
يؤكد الدكتور إبراهيم درويش، الفقيه الدستورى، أن التزام النظام القائم واللجنة العليا للانتخابات، هو المحدد الرئيسى لاستمرار مجلس الشعب الجديد أو عدم تشكيله، موضحا أنه إذا احترم النظام السياسى القائم القضاء، والتزم بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة من القضاء الإدارى بمجلس الدولة، والخاصة ببطلان الانتخابات، أو وقف تنفيذ نتائجها، فإن ذلك سيؤدى إلى عدم تشكيل البرلمان الجديد من الأساس، قائلا: «لو تم تنفيذ الأحكام القضائية سينتهى المجلس»، مشددا على أن مجلس الشعب الجديد سيتشكل ويستمر، وذلك لأن النظام السياسى لن ينفذ الأحكام القضائية.
وأضاف درويش أنه لا يستطيع أحد أن يحدد مدة استمرار البرلمان الجديد، مطالبا كل متضرر بأن يكشف ما لديه من مستندات وبراهين على ما يؤكد عدم استمرار البرلمان الحالى.
من جانبه أكد المحامى عصام الإسلامبولى أن مجلس الشعب الجديد لن يكتب له البقاء أو الاستمرار، وسيقضى بعدم شرعيته وبطلان تكوينه، مبررا ذلك بأن هناك العديد من الأحكام القضائية التى صدرت ببطلان الانتخابات، وإلغاء نتائجها فى كثير من الدوائر على مستوى الجمهورية، قائلا: «المجلس الجديد باطل وغير قانونى، لأن أساس تشكيله بنى على التزوير ومخالفة الدستور والقانون، بمخالفة الأحكام القضائية التى قضت بوقف الانتخابات وعدم تنفيذ نتائجها، بالإضافة إلى عدم تنفيذ الأحكام التى صدرت بإدراج أسماء مئات من المرشحين فى دوائر مختلفة على مستوى محافظات مصر، وأحكام أخرى بعدم إجراء الانتخابات فى دوائر معينة»، لافتا إلى أن استمرار البرلمان الحالى لا يرتبط بانتخابات الرئاسة 2011.
وأكد المحامى عصام سلطان أن برلمان 2010، لم يستوف الشرائط القانونية المنصوص عليها فى الدستور لأسباب عديدة، منها: إهدار أحكام القضاء الصادرة بأحقية مرشحين لم تدرج أسماؤهم فى كشوف الترشح، وبطلان عضوية أعضاء تم إعلان نجاحهم، بجانب عملية الانتخاب ذاتها، التى شابها تزوير مادى مفضوح وموثق بالصوت والصورة وشهادات القضاة.
وقال سلطان: «البرلمان الجديد ميت قبل أن يولد، ومعدوم قبل أن يوجد، ومنتهى قبل يبدأ»، متوقعا صدور قرار بحله فى أقرب وقت وفى مدة لا تتجاوز 18 شهرا.
وأضاف سلطان: إن انتخابات مجلس الشعب الحالية سببت حرجا شديدا للنظام الحاكم، وذلك لأن برلمان 2010، لا توجد به من الأحزاب السياسية سوى حزبى العدالة الاجتماعية والغد «جبهة موسى»، وهو ما يعنى أنه لم ينافس الحزبَ الوطنى فى انتخابات الرئاسة القادمة إلا حزبان فقط، مما يتسبب فى فضحية كبرى للنظام القائم.
أما خالد أبو كريشة، عضو مجلس النقابة العامة للمحامين، فقال: إن تطبيق القانون فى ظل التعديل الدستورى الذى تم فى عام 2007، يأتى كأن هناك تحريضا على التزوير والبلطجة والرشاوى الانتخابية وتضييقا على المعارضة فى الانتخابات البرلمانية الجديدة، منوها بأن البرلمان الجديد حظى بمجموعة من الأحكام القضائية لم يحظ بها برلمان سابق من قبل، وتلك الأحكام والمخالفات تضع الكثير من علامات الاستفهام والتعجب التى تشكك فى شرعية هذا البرلمان، خاصة بعد أن خلا من وجود المعارضة، موضحا أن أى برلمان صدر حكم بحله من قبل ما كان ينطوى على مخالفات وأحكام قضائية كما احتوى عليها برلمان 2010.
وذكر أبو كريشة أن كون هذه الانتخابات أول انتخابات لمجلس الشعب بعد تعديل الدستور الذى ألغى إلى الأبد الرقابة القضائية على الانتخابات أجهز على أى فرص تسمح بشفافية ونزاهة العملية الانتخابية، مما ينال من شرعية هذا البرلمان، الذى سوف يتناول فى جلساته الترشح لرئاسة الجمهورية، وذلك لأن البرلمان هو الحكم الأساسى فى انتخابات الرئاسة طبقا للدستور المصرى، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على الحياة الدستورية فى مصر، كما أن تجاهل تنفيذ الأحكام القضائية يهدد استمراره.
ويختلف الدكتور نبيل حلمى الخبير القانونى وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان مع الآراء السابقة، قائلا: إن أعضاء مجلس الشعب الذين فازوا فى انتخابات 2010، جاءوا بإرادة الناخبين، ولذلك يجب تنفيذ ما اتفقت عليه إرادة الشعب، وإذا كانت هناك بعض المخالفات القانونية، فإنه يتبع المسار القانونى لتصحيحها وفقا للقانون والدستور، مؤكدا أن انسحاب حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين من جولة الإعادة، بعد انتهاء الوقت القانونى المحدد للانسحاب والتنازل، ليس له أى أثر قانونى على العملية الانتخابية أو مشروعية البرلمان الجديد.
أما الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولى وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، فيرى أن البرلمان الجديد قانونى وشرعى، وليس مخالفا للدستور، وأتى بالإرادة الحرة للناخبين كما ينص الدستور، مشيرا إلى أن أى دعاوى قضائية أقيمت للطعن على الانتخابات أو نتائجها، أو المتعلقة بالتزوير وتسويد البطاقات، فإن القضاء سيبحثها، وسينفذ أى حكم نهائى وقابل للتنفيذ، وستتم إعادة إجراء الانتخابات فى الدوائر التى أخذت حكما قضائيا بذلك، وكذلك تم إلغاء الصناديق التى كان بها تزوير، وهو ما يؤكد انتهاج المسار القانونى فى تشكيل مجلس الشعب 2010.
ووصف رفعت ما يتردد عن عدم مشروعية أو دستورية البرلمان الجديد سواء بسبب عدم وجود معارضة، أو بسبب اتهام للحزب الوطنى بتزوير الانتخابات بأنه «كلام فارغ ومرسل»، الغرض منه الدعاية، مبينا أنه ليس هناك أى خلل قانونى أو أى اختلاف فى وجود المعارضة فى البرلمان بنسبة 4% أو 20%، لأن أى قرار يصدر من المجلس، يكون وفقا لحكم الأغلبية فيه.
هل يتخذ الرئيس مبارك قراراً بحل مجلس الشعب بعد 18 شهراً؟
الخميس، 09 ديسمبر 2010 11:05 م
الرئيس مبارك
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة