أسفرت نتائج انتخابات مجلس الشعب عن مفاجأة غير متوقعة، وأصبح حزب التجمع، بيت اليسار المصرى، زعيما للمعارضة تحت قبة البرلمان، بعد إعلان الوفد والإخوان انسحابهما من الانتخابات، وخروج الحزب الناصرى صفر اليدين من الجولة الأولى، وحصول التجمع فى المقابل على 5 مقاعد لكل من محمد عبدالعزيز شعبان، وأحمد سليمان، وعبدالحميد كمال، ورأفت السيف، وعبدالرشيد هلال.
عودة اليسار المصرى إلى صدارة المشهد السياسى أعادت إلى الأذهان صورة المعارضة اليسارية فى دول شرق أوروبا وأمريكا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة بعد انحسارها لفترة عقب انهيار الاتحاد السوفيتى، لكن الفارق أن اليسار المصرى لم يطور رؤيته تجاه كثير من القضايا، واليسار فى أوروبا يتسم بالمرونة التى تمكنه من الحفاظ على وجوده فى ظل عالم تسيطر عليه قوى رأسمالية كبرى.
المواقف الأيديولوجية الجامدة لليسار المصرى طرحت عدة تساؤلات حول مدى ملاءمة هذه المعارضة لسياسات الحكومة التى تتجه إلى اليمين فى القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وهو الأمر الذى ينذر باتساع الفجوة بين الحكومة والمعارضة داخل المجلس.
البرنامج الانتخابى لحزب التجمع على سبيل المثال كان يدعو إلى إلغاء نظام المعاش المبكر، وفرض رسوم إضافية على مشاريع كبار رجال الأعمال والمدن الجديدة ذات الإسكان الفاخر، وتراخيص السيارات الفاخرة، وهى أمور تتعارض كلياً مع سياسات الحكومة، إلا أن عددا من المحللين يرون أن الصفقة الانتخابية غير المعلنة بين التجمع والوطنى، والتى روجت لها أصوات من داخل التجمع نفسه، ستدفع بيت اليسار المصرى إلى وضع سقف لمعارضته، بحيث لا يخرج عن الحد المسموح به.
حالة التباين الفكرى بين التجمع والوطنى فى القضايا الاقتصادية والاجتماعية، تواجهها فى المقابل حالة توافق تام فى الموقف من الإسلام السياسى، ويتفق الطرفان فى الهجوم على جماعة الإخوان المسلمين، لاسيما بعد سقوط ضياء رشوان، المرشح الوحيد على قوائم التجمع، والذى كان يحتفظ بصلات طيبة مع الجماعة.
وكان واضحا أن اتفاق المواقف بين الوطنى والتجمع بشأن الإخوان قد وصل إلى مرحلة التنسيق قبل أيام من الانتخابات، حين تطوع التجمع بإصدار بيان يشيد فيه بالبلاغ الذى تقدم به الحزب الوطنى ضد مرشحى جماعة الإخوان المسلمين فى الانتخابات، بل إن الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، طالب بإلقاء القبض على المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وهو أمر لم يفكر فيه أى من قيادات الحزب الوطنى.
ويرى خبراء أن الأزمة الحقيقية التى ستواجهها المعارضة اليسارية فى مجلس الشعب، هى أنها لا تستند إلى قاعدة جماهيرية واسعة، ويعانى اليسار المصرى بشكل عام، والتجمع على وجه الخصوص، من أزمة فى الانتشار، يكشف عنها تدنى معدلات العضوية بالحزب، والهجوم العنيف الذى يتعرض له من التنظيمات اليسارية الصغيرة التى تقف على يسار التجمع، إلا أن السنوات الـخمس القادمة ربما تحمل مصيراً آخر للتجمع ولليسار المصرى.
ضياء رشوان
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة