منذ اللحظة الأولى لظهور القروش المفترسة فى شواطئ شرم الشيخ والبحر الأحمر، تبدت الطريقة التقليدية فى التعامل مع الأزمات، عندما هاجمت بعض أسماك القرش السياح مرة ومرات، ظلت الأجهزة المعنية تنكر وجود القرش من الأصل، أو تقلل من الخطر، وطبعًا المسئولون ينكرون لطمأنة السياح، دون أن يعرفوا أن الحقيقة هى التى تمنح الطمأنينة.
ومع تكرار الحوادث اضطر المسئولون للاعتراف مع التأكيد على أنها ظاهرة عابرة، وأن كل شىء تحت السيطرة.. ومع التكرار اضطرت الأجهزة المعنية أن تعترف، لكنه اعتراف متضارب، فالبيئة تختلف فى ردها عن المحافظة، والسياحة عن البيئة، أما أهم الأطراف الذين كان يفترض أن يؤخذ رأيهم فقد غابوا، أقصد علماء البحار والمتخصصين فى الموضوع، كل الأطراف تحدثت ماعدا العلماء.
وهذا التعامل مع أزمة تبدأ بسيطة هو سبب كل التفاقمات التى تحدث، فهجوم القروش أو توحشها أن حدث هو ظاهرة طبيعية تحتاج إلى تفسيرات علمية وليس إلى تصريحات رسمية بعضها يدخل فى إطار العبط، أو الإنكار.. كل دول العالم يمكن أن تظهر فيها أسماك مفترسة وخطرة، أو حتى زلازل وبراكين، فتسارع إلى تشكيل فريق من العلماء والرسميين لبحث الأمر والتوصل إلى أسبابه، لأن تفسير الخطر هو بداية التعامل معه.. أما عندنا فإن السادة المسئولين يسارعون إلى النفى، ثم يضطرون إلى الاعتراف مع التقليل من شأن الخطر حتى يتفاقم.
الطرف الغائب فى أزمة القرش هم علماء البيولوجيا البحرية، والبحار، والذين يتوفر عدد منهم فى كليات العلوم، وفى الإسكندرية وغيرها، وهم الذين لم يفكر أحد فى الاستعانة بهم، لأن المسئولين الكبار استندوا إلى الفهلوة والارتجال، حرصًا على استمرار الظهور فى الإعلام، ولعب دور المسئول المسيطر.
المشكلة ليست فى ظهور القروش، أو الأسماك المفترسة، وهناك عشرات الأنواع من الأسماك والكائنات البحرية السامة والخطرة، لكن المشكلة فى طريقة تعاملنا مع الأزمة، والتى تقوم على الإنكار.. وعدم اللجوء إلى المتخصصين، وحتى عندما فكر البعض فى المواجهة أعلنوا عن استيراد خبراء من الخارج، قبل أن يفكروا فى البحث عن علماء وخبراء موجودين فى أماكن كثيرة ولا أحد يفكر فى الاستعانة بهم، الأزمة ليست فى " الفك المفترس"، لكن فى الجهل المفترى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة