الأسباب العشرة لتفوق «الوطنى» على أحزاب المعارضة والإخوان والمستقلين فى انتخابات 2010

الخميس، 09 ديسمبر 2010 11:05 م
الأسباب العشرة لتفوق «الوطنى» على أحزاب المعارضة والإخوان والمستقلين فى انتخابات 2010 صفوت الشريف
إحسان السيد - تصوير: ياسر عبدالله

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ هيئة المكتب وضعت خطة الفوز وأحمد عز نفذها بجيش من المساعدين فى غرف العمليات
◄◄ الحزب راهن على الترشيحات المزدوجة فسحق منافسيه فى الدوائر الساخنة.. واستطلاعات الرأى للمرشحين كانت باباً خلفياً لمناورة حزبية
◄◄ الوطنى درس المنافسين وفتح الباب للأعضاء من أجل اختيار مرشحيهم فى مختلف الدوائر


فى الأول من نوفمبر لعام 2009 وقف جمال مبارك الأمين العام المساعد، وأمين السياسات بالحزب الوطنى، أمام الآلاف من قيادات الحزب، وبالتحديد فى اليوم الأول لانعقاد المؤتمر السنوى السادس للحزب، وقال نصاً: «نحن دائماً على استعداد للدخول فى حوار ونقاش حقيقى مع المعارضة.. سنتحاور ونتواصل (لكن) سنرد الهجوم»..

ومن وقتها أعلن الحزب الوطنى مساراً جديداً، سلكه بالفعل خلال الفترة الحالية، حيث لم يضع نفسه فى موقف رد الفعل، بل بادر بالهجوم وبانتقاد معارضيه كلما تعرض لأى نقد منهم ورد بهجوم أعنف وأشد.

و«الهجوم« كان كلمة السر التى أدار بها الحزب معركة انتخابات مجلس الشعب 2010، فحصد الأغلبية، وقطع أية محاولات «متكررة» من جانب جماعة الإخوان المسلمين أو أحزاب المعارضة تتهمه بالتزوير أو بالتدخل فى نتيجة الانتخابات.

وفضلاً عن «الهجوم» استخدم «الوطنى» المناورات الحزبية والتكتيك التنظيمى ليخرج الإخوان من معركة «الشعب» بهزيمة كاسحة، حسبما أكدت هيئة مكتب الحزب، وأن الحزب خاض الانتخابات بمناورة حزبية حرمت هؤلاء، أى مرشحى الجماعة، من حصد أى أصوات انتخابية داخل صناديق الاقتراع، واصفة خوضهم الانتخابات البرلمانية بـ«المغامرة الفاشلة»، وأنهم دخلوا منافسة ليست فى صالحهم من الأساس.

وأوضحت الهيئة أن «الوطنى» لا يهدف لوجود برلمان بلا معارضين، ولكن برلمان يعبر عن إرادة الناخبين لمرشحى الأحزاب الشرعية.

خوض الحزب الوطنى الانتخابات بـ770 مرشحاً على الدوائر العامة، و69 مرشحة لدوائر كوتة المرأة، لم يأت من فراغ، بل تريث الحزب جيداً قبل إعلان اختياراته، وانتظر اللحظات الأخيرة حتى تكتمل أمامه الرؤية، ويتعرف على مرشحى الأحزاب الشرعية المعارضة، أو حتى مرشحى الجماعة، لتأتى اختياراته متوائمة مع المنافسين، وهو ما أكدته هيئة المكتب قبل يوم من إعلان الأسماء النهائية، موضحة أن الخريطة الانتخابية للمتقدمين، سواء من أحزاب المعارضة أو المستقلين، تتغير كل ساعة، وأن الحزب يضع فى اعتباره كل المنافسات المطروحة.

وفى اليوم نفسه أعلنت الهيئة عن مواجهة الحزب لأى شعارات دينية فى الانتخابات، وبذلك بدأ مرحلة «الهجوم» على جماعة الإخوان ومرشحيها، وهو الأمر الذى أثر وبشكل كبير عليهم إعلامياً، بعدما خصص «الوطنى» جزءاً كبيراً من جهده للرد على أية شائعة يطلقها المرشحون المنافسون.

الاتجاه الجديد لـ«الوطنى» بات واضحاً قبل الانتخابات بأكثر من شهرين، حينما خصص موقعه الإلكترونى للهجوم على البرامج الانتخابية لمرشحى حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين، وكتابة مقالات بشكل شبه يومى عن خداعهم للمواطن البسيط..

واستمر الحزب فى نهجه يوم الانتخابات برصد جميع الاعتداءات أو الانتهاكات التى يتعرض لها مرشحو الحزب ومندوبوه، بل وصل الأمر لتقديمه بلاغات للجنة العليا للانتخابات ضد منافسيه.

الاكتساح الهائل لمرشحى الحزب الوطنى، سواء على مستوى الدوائر الانتخابية العامة أو دوائر كوتة المرأة، طرح سؤالاً حول سر القوة الكامنة داخل الحزب الوطنى، حتى إن أحزاب المعارضة لم تعد قادرة على مجاراته، ويكفى أنها حصدت مقاعد لا تليق بأسماء أحزابها، وكذلك جماعة الإخوان المسلمين التى اعتبرت خلال الفترة الماضية أكبر منافس لـ«الوطنى»، بعد حصدها 88 مقعداً فى انتخابات 2005.. إلا أن تأكيدات القيادات الحزبية على عدم تكرار سيناريو «الـ88» أخرج «الجماعة» من الانتخابات «صفر اليدين«، فحصد «الوطنى» الأغلبية، وانسحبت الجماعة من الجولة الثانية، وارتسمت ملامح الانتصار على وجه المهندس أحمد عز أمين التنظيم، وقال بعدها «نجحنا فى إسقاط الإخوان وإزاحة السلم الذى صعدوا عليه فى انتخابات 2005، بعد أن ملأوا بطونهم».

التصريحات التى أطلقها أمين التنظيم أوضحت مدى إصرار الحزب الوطنى على إسقاط الإخوان من الجولة الأولى.. لذلك أكد «عز» أن النجاح الأهم فى انتخابات الشعب ليس فقط فى الحصول على الأغلبية ونجاح مرشحيه فى غالبية الدوائر التى يخوضها «الإخوان»، لكن النتيجة الأهم هى كيفية إسقاطهم الإخوان وخروجهم المهين من الانتخابات.

وبعد أن اجتاز الحزب الوطنى مرحلة «الهجوم» على مرشحى الإخوان والمعارضة.. بدأت أمانة التنظيم باستطلاعات الرأى «العملية» لتكشف حجم المنافسين، قبل إعلان الأسماء النهائية، والتى وصفها أمين التنظيم بأنها استطلاعات دقيقة على مستوى جميع الدوائر، وبلغت 878 استطلاعاً، بمتوسط 4 استطلاعات فى الدائرة الواحدة، ولتشمل 850 ألف مبحوث يمثلون كل الشرائح المجتمعية فى الدائرة الواحدة.

هذا الأسلوب «العملى» اعتبره الدكتور محمد حسن الحفناوى، أمين المهنيين بـ«الوطنى»، أحد أسباب قوة الحزب فى الانتخابات، وهو الأسلوب الذى ميزه عن غيره من الأحزاب، مؤكداً أن الفترة من 2002 حتى 2005 مثلت مرحلة حزبية جديدة من العمل السياسى والمؤسسى، بنزوله للشارع والاقتراب بشكل أكبر من المواطنين ليصبح حزباً جماهيرياً.

وأشار إلى أن أمانة التنظيم هى إحدى كلمات سر تفوق الحزب الوطنى فى انتخابات 2010، والتى أرست، بحسب قوله، مفهوم العلم فى أساليب التحرك التنظيمى ومتابعته، لتصبح قوة الحزب بـ«الكيف» وليست بـ«الكم»، قائلاً :«الحزب الوطنى شايل على أكتافه كل هموم الناس، من تأمين صحى وخدمات ومشروعات قوانين»، لأن طموحات الحزب كبيرة لكنه لم يصل لها حتى الآن، مطالباً أحزاب المعارضة بممارسة دورها الحقيقى على أن تبتعد عن الحجج الواهية التى اعتادت على إطلاقها باتهام الحزب بالتزوير.

أمين التنظيم لم يكتف بمعرفة شعبية مرشحيه فقط، ولكن استند أيضاً للمنافسين، ليضع أمامه خريطة واضحة لكيفية اختيار مرشحيه فى الانتخابات، وهى اختيارات تمت وفق أساليب أقرها الرئيس حسنى مبارك، رئيس الحزب، لتطوير أسلوب العمل الخاص باختيار مرشحى الحزب فى الانتخابات، ووصف الأمين العام للحزب هذا التطوير بأنه يستهدف توسيع مشاركة القيادات التنظيمية، وجميع أعضاء الحزب بشكل مباشر، فى اختيار المرشحين.

الأمر نفسه أكده الدكتور محمد الغمراوى، أمين الحزب الوطنى بمحافظة القاهرة، مضيفاً أن «الوطنى» طور نفسه خلال السنوات الماضية داخلياً، ولديه تنظيم جيد، كما أن اختياراته الجيدة لمرشحيه فى انتخابات الشعب أكسبتهم ثقة أكبر.

وأوضح لـ«اليوم السابع» أن الناحية التنظيمية للحزب أحد أسرار نجاحه وقوته، بعدما جدد الدماء بين قواعده التنظيمية على مستوى الوحدات الحزبية والأقسام، واختيار أمناء يتمتعون بشعبية كبيرة بين أوساط المواطنين.

وأكد الغمراوى أن «القيادات المتوسطة» تعتبر حلقة الوصل بين المواطنين فى الأحياء، أو الدوائر الانتخابية، والقيادات العليا، مشيراً إلى أن الأمانة العامة تستقى معلوماتها من القاعدة الحزبية، وهو الأمر الذى تحقق فى وضع البرامج المحلية للمرشحين فى الدوائر الانتخابية، دون فرض سياسات معينة عليهم.

وكانت النتائج التى خرج بها الحزب من استقصاءات الرأى بمثابة دليل استرشادى للقيادات الحزبية، توقعت من خلاله المقاعد التى سيحصدها بجولتى معركة الانتخابات، بل الأصوات التى سيحصل عليها مرشحوه فى مختلف الدوائر.

واستعان الحزب لهذه الاختيارات بمجمعات انتخابية، وبانتخابات داخلية، شارك فيها جميع أعضاء الحزب.. ليتوصل «الوطنى» للترشيحات «المزدوجة والثلاثية« على المقعد الواحد فى عدد من الدوائر، وأعلن الحزب حينها أن سبب الدفع بأكثر من مرشح هو تساوى شعبية المرشحين، وأن الحزب يعطى الفرصة لأى عضو يتمتع بالشعبية فى خوض الانتخابات.. لكن عقب انتهاء الجولة الأولى للانتخابات، أكد أحمد عز أن الترشيحات المزدوجة و«عبقريتها» نجحت فى إرباك صفوف جماعة الإخوان والمعارضة، وضمن الحزب بها إعادة توجيه كتلة التصويت لمرشح واحد يخوض جولة الإعادة أمام أى مرشح، سواء مستقل أو معارضة أو ينتمى لجماعة الإخوان.. وعلى الرغم من ضمان «الوطنى« للمقاعد، وحصده لها مبكراً، إلا أن الأمين العام أمل فى أن تكون المعارضة شريكة ورفيقة لأعضاء الحزب تحت قبة البرلمان، بعدما أعلن حزب الوفد انسحابه من الجولة الثانية للانتخابات، وهو ما أيده الدكتور عبدالحى عبيد، أمين الحزب بمحافظة حلوان، موضحاً أن قوة الحزب مرهونة بقوة أحزاب المعارضة، قائلاً «ضعف المعارضة يضعف الحزب الوطنى»، وأن التماسك الحزبى خلال هذه الفترة يأتى من تكثيف تواجده على مستوى 7000 وحدة حزبية.

وطالب عبيد بإلغاء كلمة «مستقلين» من قاموس الحياة السياسية، وأن يكون لهم برامج واضحة، وينتمون لأحزاب، لتقوى بهم الحياة السياسية والحزبية، ويقوى الحزب الوطنى بنشاطهم، على أن ينتهجوا نفس المنهج «العلمى» الذى سلكه الحزب الوطنى ليكون لهم رؤية حزبية واستراتيجية واضحة يلتف حولها مؤيدوهم.

النواحى المالية أيضاً كانت ضمن أسرار قوة «الوطنى» فى انتخابات الشعب الحالية، وستكون من أسرار قوته فى أى انتخابات مقبلة، ويعتمد فيها على أعضائه الذين يساهمون فى تمويله، بخلاف التبرعات التى جمعها خلال فتح باب التقدم للمجمعات الانتخابية.. ومن هنا رصد الحزب ميزانية قاربت الـ80 مليون جنيه، بخلاف ما أكد عليه من أن تنفيذ البرنامج الانتخابى لنوابه بمجلس الشعب خلال الخمس سنوات المقبلة سيتكلف 2 تريليون جنيه.

كل العوامل التى اعتبرها الحزب الوطنى مصادر قوته فى الانتخابات، والتى تمكن بها من الاحتفاظ بالأغلبية، تصب فى الإدارة التنظيمية التى أشاد بها الأمين العام للحزب، حينما أرجع الفضل فى سقوط الإخوان لخطط التحرك التكتيكية التى يقودها أمين التنظيم بـ«الأرقام والنسب»، والتى بفضلها أرجع الإخوان لحجمهم الطبيعى. بحسب وصفه.

الخبراء السياسيون أرجعوا تفوق الحزب الوطنى لضعف الأحزاب المنافسة.. حيث قال الدكتور عمار على حسن، خبير الشؤون السياسية، إن الحزب الوطنى يحارب الآخرين بإظهار القدرات الحقيقية للمنافسين وشن الهجوم عليهم.

وأوضح عمار أن قوة «الوطنى» تكمن فى توافر العديد من الركائز لمواجهة منافسيه، من سلطة تنفيذية ومقرات على مستوى جميع المحافظات وميزانية عامة، وهو ما تُحرم منه غالبية أحزاب المعارضة، ومن هنا فلا تكافؤ بين الطرفين، ولن يستطيع الطرف الأخير منافسة الأول.

ويرى الخبير السياسى أن الأحزاب المنافسة لـ«الوطنى» عليها بتقوية نفسها داخلياً وتنظيمياً، ومواصلة النضال من أجل تنفيذ قواعد اللعبة والحياة السياسية السليمة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة