درجة تلو الأخرى، صعدت قطر سلم العالمية الكروية، ودون ضجيج أو صخب، نجحت الدولة التى لا تتجاوز مساحتها الـ 12 ألف كيلومتر فى اكتساب ثقة أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولى لكرة القدم، لتحظى بشرف تنظيم مونديال 2022 متفوقة على الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، لأنها بحسبة بسيطة طرقت كل الأبواب.
يبقى السؤال: كيف نجحت شبه الجزيرة القطرية فى تحقيق تلك المفاجأة المدوية، وكيف عبرت حاجز «الطقس الحار» و«ضعف مستوى منتخب بلادها لكرة القدم» و«صغر المساحة» لتتفوق على عمالقة العالم اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا؟
مقدمات كثيرة، أدت إلى نتيجة واحدة.. قبل سنوات بدأت قطر تسحب البساط من تحت أقدام «كبار الشرق الأوسط» رياضيًا، وبإمكانات مادية هائلة، مع قدرة فريدة على توظيفها بالشكل المناسب، واتخذت خطوات لتقتحم عالمًا ظن العرب والعالم أن الدخول إليه مقصور على الكبار، وأن أبناء هذه المنطقة محرومون من التنعم به.
ومع الطفرة الإعلامية التى واكبت انطلاق قناة الجزيرة الإخبارية، ثم الاحتكار الإعلامى الرياضى لكبرى بطولات كرة القدم عبر باقة قنوات الجزيرة الرياضية التى انهار أمام إمكاناتها الخارقة كل المنافسين، بدأت قطر تقتسم جزءًا من كعكة «الريادة الإعلامية» المزعومة، ما لبث أن كبُر وزاد حتى استأثرت دون غيرها بـ«الريادة» وتركت للمنافسين الفُتات يتلذذون به.
الطفرة الإعلامية الرياضية، واكبتها طفرة أخرى حيثُ طوّرت قطر بنيتها التحتية على مستوى الملاعب والمراكز الإعلامية بصورة فريدة، ثم عمدت إلى سياسة «تلميع المسابقة المحلية الضعيفة» باستقطاب مجموعة من أبرز لاعبى العالم قُبيل اعتزالهم لإضفاء هالة إعلامية على الدورى القطرى.
ونجحت فى جذب مجموعة كبيرة من اللاعبين الأفذاذ، مثل الأرجنتينى جابريل باتيستوتا، والإسبانى جوزبى جوارديولا، والفرنسى مارسيل ديساييه، وغيرهم كثير.
كل هذه المقدمات الإيجابية اصطدمت بعقبتين بارزتين، الأولى صغر المساحة، والثانية ارتفاع درجة الحرارة، فكيف تغلبت عليهما قطر؟
نجحت قطر فى تحويل أبرز سلبيات ملف ترشحها للمونديال إلى نقطة إيجابية دعمت حظوظها فى التفوق على كل منافسيها لاستضافة كأس العالم.
«صغر المساحة فى صالحنا وليس ضدنا».. فاجأت هذه العبارة وفد الفيفا الذى زار قطر لتفقد منشآتها المرشحة لاستضافة مونديال 2022 فى سبتمبر الماضى.
استعدت قطر للمونديال بـ«12 ملعبًا» وجاء صغر المساحة ليمنح مشاهدى المونديال فرصة لمشاهدة أكثر من مباراة فى يوم واحد، حيثُ روعى أثناء تحديد أماكن إنشاء الملاعب أن يكون الفارق الزمنى بين الانتقال من كل ملعب إلى الملعب التالى نصف ساعة فقط، وهو ما يُمكّن الجماهير من التنقل بين الملاعب كيفما شاءت، وهذه الميزة لم تتهيأ فى أى بطولة سابقة، وستساعد على تنقل الجماهير بين الملاعب شبكة المترو التى ستربط بين الاثنى عشر ملعبًا أثناء إقامة المونديال بعد 12 عامًا.
أما أزمة ارتفاع درجة الحرارة فتغلبت عليها قطر بتكنولوجيا الملاعب المكيفة التى بدأت فى تنفيذها بالفعل أثناء تفقد مسؤولى الفيفا لمنشآتها، وكشفت قطر عن قدرتها على التحكم فى درجات حرارة الملاعب، بحيث تصبح 25 درجة مئوية داخل الملاعب, وخارج الملاعب قالت قطر «إن فى شواطئها منفذًا لكل من يرغب فى الهروب من ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف الذى تقام فيه البطولة».
كل هذه الاستعدادات كان من الممكن أن تضيع هباءً إذا فشلت قطر فى عرض ملفها على أعضاء اللجنة التنفيذية لكأس العالم، ولكن العرض القطرى كان مبهرًا للغاية، حيثُ ركزّ على جوانب وصفها جوزيف بلاتر، رئيس الفيفا، بأنها جوانب «عاطفية».
وركزّت قطر على «البعد الإنسانى» فى عرض ملفها على أعضاء الفيفا، حيثُ قالت إن قدوم المونديال إلى الشرق الأوسط سيوحد شعوب هذه المنطقة، وسيؤكد الدور الإيجابى الذى تقوم به كرة القدم فى دعم التواصل بين الشعوب.
كما قالت إنها ستقوم بتفكيك ملاعبها عقب المونديال، وإنشاء 22 ملعبًا للدول الفقيرة.
وهو الأمر الذى ركزت عليه أيضًا الشيخة موزة، حرم أمير قطر، حين خاطبت أعضاء الفيفا قائلة: «متى تمنحون الشرق الأوسط تنظيم كأس العالم؟».
وكان عرض الملف القطرى، قد تضمن فقرة «مؤثرة» ظهر بها شاب عراقى يتحدث عن آثار كرة القدم على إدخال البهجة على النفوس، وكيف فرحت العراق بفوز منتخب بلادها بكأس الأمم الآسيوية عام 2007 فى الوقت الذى كانت تعانى فيه من ويلات الغزو الأمريكى والخلافات والانقسامات الداخلية.
وكان من النقاط التى ركز عليها الملف، حاجة الشباب العربى إلى إقامة هذه البطولة على أرضه لأنه فى عام 2022 سيكون أكثر من 50% من سكان الوطن العربى تحت الـ25 من أعمارهم، كما قالت الشيخة موزة فى كلمتها أثناء عرض الملف القطرى.
الأسباب الخفية وراء تفوق قطر وخطف مونديال 2022
الخميس، 09 ديسمبر 2010 11:00 م
أمير قطر وسعادة غامرة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة