يعتبر الطالب محور العملية التعليمية، إذ تسخر كل الإمكانات لتشكيله تربويا وعلميا وإعداده مواطنا صالحا قادرا على مواجهة تبعات الحياة وتعقيداتها، وهذا يخضع لمدى استجابة الطالب للعملية التعليمية التى ستشهد تغييرا ملحوظا بين الفينة والأخرى وهذا بدوره ينعكس على سلوكه.
ومنذ فترة غير بعيدة لم يكن سلوك الطالب وخصوصا فى مرحلة المراهقة يشكل عبئا على العملية التعليمية، على الرغم مما يواجهه الطالب فى هذه المرحلة من عقبات تؤثر فى سلوكه وتصرفاته وتكون سببا فى تغيير مجرى حياته، وقد تؤدى إلى الانحراف.
أما الآن فأصبح سلوك الطالب محيرا، وانعدم التواصل بين الطالب والمعلم، وأصبح شعار((قم للمعلم وفه التبجيلا...كاد المعلم أن يكون رسولا)) فى طى النسيان، إذ انعدم الاحترام ولم يعد الطالب يرى فى المدرس الأب والمدرس والقدوة.. ووصلت الأمور أحيانا إلى أقسام الشرطة.. فتارة نجد طالبا يشكو مدرسا بحجة الاعتداء عليه.. وتارة نجد طالبا يعتدى على مدرس بآلة حادة، وأصبحت هناك حلقة مفقودة فى العملية التعليمية.
فهل يرجع هذا إلى قرارات التعليم المستمرة وغياب العقل.. أم البيئة والظروف.. أم غياب الرعاية الأسرية.. أم غياب المثل الأعلى والقدوة.
ومما لاشك فيه أن للمدرس دوره الكبير وتأثيره فى نفوس التلاميذ، ولذا كان من الضرورى أن يكون فى مستوى المسئولية، وأن يلتزم فى تعامله معهم بروح المحبة والألفة، وأن يتحلى بالخلق الحسن.. فهو القدوة لهم، وعليه أن يتجنب أى قول أو فعل يتناقض وما يلقنه لهم به.. وإلا ضاعت توجيهاته وإرشاداته سدى، ففاقد الشىء لا يعطيه.
فغابت هذه القدوة والمثل الأعلى لهم، فلم يعد لدينا المعلم القدوة بين تلاميذه فى شخصيته وسلوكه وفى علمه وأخلاقه، فأصبح المدرس شخصية باهتة ليس له فكر واضح أو تأثير إيجابى فى طلابه.
وتتحمل الأسرة مسئولية تدنى سلوك أولادها.. أين الأم؟ أين الأب؟ لقد انشغلا تماما بماديات الحياة، وبذلك أصبح الطالب لا يجد من يقتدى به فى حياته.
كل ذلك أدى إلى شعور الطالب بالضياع وعدم الثقة فى نفسه وأصبح فريسة سهلة والانقياد لرفقاء السوء، فالطالب فى مرحلة المراهقة يميل إلى الثورة على الأوضاع والتخلص من سيطرة أولى الأمر والأبوين، فيكون فى هذه المرحلة أحوج ما يكون إلى من يفهمه ويتفهم ميوله ورغباته، بل إنه يكون فى أمس الحاجة إلى من يأنس إليه ويطمئنه، وإلى من يضع ثقته فيه فيفضى إليه بمشكلاته حيث لديه الصدر الرحب والقدر على الحل السليم، فإذا انعدم ولم يجد من يرعاه، فينجرف وراء تيارات تدفعه إلى سلوكيات خاطئة بسبب رفقاء السوء والذى يكتسب خبرات خاطئة.
وتكمن مسئولية الأسرة فى عدم تبصير الطلاب بأمور دينهم، فغاب عنهم الوعى الدينى تماما، كذلك المدرسة التى أصبحت فيها حصة التربية الدينية لا تجد اهتماما، فهذه الناحية لا تجد اهتماما من الأسرة بسبب انشغال الأب والأم فى العمل، فأين الوقت لشرح تعاليم الدين؟، أما المدرسة فأصبحت التربية الدينية مادة مهملة لا تدخل ضمن المجموع، وبذلك لا يهتم بها الطالب، فانعكس ذلك عليه وأصبح لا يعرف عن دينه إلا أشياء قليلة حتى وصل الأمر إلى عدم معرفة الطلاب بكيفية أداء الصلاة صحيحة، إنها مأساة، ونتساءل فى النهاية عن سبب تدهور السلوك الطلابى؟
والمصيبة الكبرى أصبح الطالب يركز أكثر على الدروس الخصوصية فاستغنى عن الشرح داخل الفصول.
وغاب العقاب فى المدارس فأثر بدوره على تدنى سلوك الطلاب لغياب الرادع، وعلى الرغم من القرارات التى تعاقب الطالب كفصله إذا تجاوز النسبة المقررة للغياب إلا أنه من الممكن التحايل على القرار بتقديم شهادة مرضية من التأمين الصحى، ومما يدعو للدهشة هو تغاضى المدرسين عن تصرفات الطلاب، خوفا من خروجه من مجموعة الدروس الخصوصة، وذهابه إلى مدرس آخر ومن هذه التصرفات التى يتم التغاضى عنها مثلا كتدخين السجائر، والذى أصبح ظاهرة خطيرة تهدد شبابنا فى هذه المرحلة السنية، وحمل بعض الأسلحة البيضاء وخصوصا بين طلاب المدارس الصناعية، فأين الرقابة لمثل هذه السلوكيات الشاذة؟
عطا درغام يكتب: لماذا انتشرت هذه السلوكيات الغريبة بين طلاب المدارس؟
الإثنين، 06 ديسمبر 2010 09:39 م
أحمد زكى بدر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة