محمد حمدى

العودة إلى تحت الأرض

السبت، 04 ديسمبر 2010 12:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما دعا الرئيس حسنى مبارك إلى تعديل الدستور وإجراء أول انتخابات رئاسية تعددية فى عام 2005 بدا أن مصر خطت خطوة مهمة إلى الأمام على طريق الديمقراطية، صحيح أن المادة 67 من الدستور بعد تعديلها حوت الكثير من القيود التى تجعل الترشيح صعبا أو مستحيلا على غير الأحزاب السياسية الممثلة فى مجلسى الشعب والشورى، لكنها كانت فى النهاية خطوة تنتظر خطوات أخرى للبناء عليها.

لكن العام التالى مباشرة شهد خطوة أخرى إلى الخلف عندما جاءت التعديلات الدستورية التالية لتلغى الإشراف القضائى على الانتخابات، وتضعها فى عهدة لجنتين الأولى للانتخابات الرئاسية يرأسها رئيس المحكمة الدستورية، والثانية للانتخابات البرلمانية يترأسها رئيس محكمة استئناف القاهرة، وبدا من خلال انتخابات مجلس الشعب التى جرت مرحلتها الأولى الأحد الماضى، فشل هذه اللجنة فى إدارة انتخابات حقيقية، فلا هى احترمت أحكام القضاء، ولا هى تصدت للعنف والبلطجة والتزوير.

هكذا تبدو الصورة العامة فى مصر خطوة إلى الأمام يعقبها خطوتين إلى الخلف، وبينما يتقدم العالم من حولنا ويرسى قواعد الديمقراطية وحكم الشعب لنفسه، ويحترم قواعد التغيير الديمقراطى السلمى، يغلق البعض فى مصر كل هذه الأبواب، وكأنما هناك من يصر على جر البلاد إلى الوراء دائما، وجعل أى تغيير غير ممكن، مما يفتح الباب لما هو غير معلوم وغير متوقع.

صحيح أن مجلس الشعب بتركيبته الغريبة والفريدة التى تعيدنا إلى عصر الحزب الواحد، لا يمكن تغييرها، لكن ثقة المواطنين فى الديمقراطية والتغيير عبر صناديق الاقتراع ذهبت إلى الأبد، ويبدو أن استعادتها أصبح أمرا أصعب من ذى قبل، لكن إغلاق باب الأمل لا يمنعنا من استخلاص بعض النتائج لعلها تجد صدى للقائمين على أمر هذه البلاد.

ولعل أهم ما يمكن الخروج به من هذه الانتخابات هو أن تجربة اللجنة العليا للانتخابات قد فشلت فشلا ذريعا، فلا هى أدارت فعلا الانتخابات، ولا هى استغلت صلاحياتها المحدودة فى الحد من التجاوزات أو الخروقات.. مما يستدعى تعديلا دستوريا جديدا إما لإطلاق يد اللجنة فى الانتخابات وزيادة الإشراف القضائى، أو إلغاء اللجنة والعودة مرة أخرى لما كان متبعا من قبل بوضع قاضٍٍ على كل صندوق انتخابى.

وباستثناء الحزب الوطنى الديمقراطى، لا يصدق أحد فى مصر أو العالم أن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب تمتعت بالحد الأدنى الواجب لاعتبارها شفافة وعادلة، وإذا ظلت الانتخابات فى مصر تدار بهذه العقلية الشمولية التى لا تؤمن بالتغيير والتنوع والتعددية.. فلا داعى لإجرائها بعد ذلك، والإعلان صراحة عن عودة الحزب الواحد.. ومن لا يعجبه فعليه بالعمل السرى والعودة إلى تحت الأرض.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة