-- أحمد إبراهيم

الإمارات بشمعتها التاسعة والثلاثين

السبت، 04 ديسمبر 2010 08:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المصريّون يعرفون قبل الإماراتيين، أن 2 ديسمبر هو يومٌ سبع (بكسر الباء)، وُلد فيه السبعُ المسالم غير الضارى بسُباعية الاتحاد الإماراتى.. 2 ديسمبر هو يوم الاتحاد: (العيد الوطنى لدولة الإمارات العربية المتحدة) التى أشعلت شمعتها الأولى قبل 39 سنة باتحاد سُداسى أصبح بعد عام سُباعيا بانضمام إمارة رأس الخيمة إلى الاتحاد، دون أن يحقق الحلم التُساعى الأشمل بشمولية قطر والبحرين الذى كان يحلم به أبو الاتحاد فقيدنا الغالى حكيم العرب الشيخ زايد رحمه الله.

أطفأت الإمارات شمعتها 39، وهى غريقةٌ فى أضواء شموعها 38 السابقة منذ قيام الاتحاد فى 2 ديسمبر 1971، فترةُ الرياح والعواصف والإعصار بالمنطقة، والشمعة الإماراتية صامدة بأضوائها للعرب والمسلمين، إنها وقفةُ تأمّل مكثّف فيما حققتها الإمارات على مدى السنين التسعة والثلاثين الماضية.. وبشهادة الأعداء قبل الأصدقاء بأنها فترة وجيزة وقياسية مقارنة بمنجزاتها وبما عجزت عنها الأقاليم والقارات، ولك يا أخ العرب الإمارات اليوم واقفةٌ بشموعها القادمة أقرب من حبل الوريد، ولتحدّيات الزمن القادم بطموحات هل مزيد؟

واليوم، وفيما أريد أن أهديه لجريدة اليوم السابع الغرّاء ولقرائها الأعزاء، القول أن الكتابة فى العيد الوطنى تختلف كليّاً عن الكتابات الأخرى من التحليل الاقتصادى والسياسى والفُكاهى، وتختلف حتى عن الفنون والشعر والأدب وإن كنت بجوار الماء والخضرة والوجه الحسن، عندما تكتب عن وطن حبه من الإيمان، تشعر بأنها المرّة الأخيرة، وعليك تفريغ كل ما فيك على الورق، ولا تؤجل كلمة واحدة الى الغد، لأن المؤمن المقتنع بالفناء فى الوطن والبقاء للوطن (وهو المفترض)، لا يقتنع أن له غد غير يوم الوطن، فيصبّ كلّه فى صفحة واحدة لا يحذف كلمة ولا يضيف كلمة، لقناعته بالنص ويقينه بالفكر الذين يقيدانه كالنصوص القانونية والشرعية أمام قاضى لا يسمح بتجاوز النصوص ولا بمطاطية الكاتب الغزلى جنب الماء على الخضرة للوجه الحسن.

الخطأ فى النصوص القانونية قد يوصلك ولو خطأً إلى أعواد المشانق، وقد تُشنق إلى جوار من أسدلت الإعلام الستار على جثامينهم ثم التاريخ على مقابرهم، كذلك الخطأ فى الوطنيات قد "يوديك فى داهية"، ليس لأنك أخطأت، وإنما لأنك تستاهل إذا لا تعرف الوطن، أوقد يصنّف القارئ الكريم قلمك بقلم الارتزاق لبلد لم تطرق أبوابه إلا بعد أن شممت فيه رائحة النفط والغاز إن لم يكن يعرفك شخصيا أنك ابن بحره ورماله وبروره، ويعذرنى القارئ بحدسه العنكبوتى وفراسته الرقمية للحروف والأرقام، فإذا كتبتُ مثلاً "أعلن" للقارئ الكريم، وأخطأها الكمبيوتر بسيطاً ولو بتقديم حرف اللام، قد يصلك كلامي: "ألعن القارئ الكريم"، وهذا ما حصل معى اليوم بفيس بوك، تلقيت رسالة رقيقة من فتاة تونسية تقول لى (انا تعقّــلت بك)، وكدت أسألها "هل كنتى مجنونة وتعقّلتى بسببى".. لكن صدى الأغنية المعروفة "تعلّق قلبى بفتى عربية" أنقذتنى من الاتصال بها، أكيد أن مفاتيح حاسوبها أخطأت فى تقديم القاف على اللام.

وبما أنى وابن عمى فى بلاد العقل بمصر والإمارات، الخيمتين المفتوحتين على مصراعيهما لكل العرب ولمن دخلها آمنا، والعقل الأربعينى يخاطبنى اليوم وبصوت اليقين، أننا فى هذا الزمن التقنى للقرن الصاخب، خاصة وللعمر بقية أقلّ مما فات، علينا التأمل، أن الكرامة للشعوب ليست دائما فى الرفاهية والفخفخة، إن الأزمة الاقتصادية التى انفجرت ينابيعها البركانية عالميا وإقليميا تؤكد أن الإنسان هو العُملة الصعبة، لا الدولار واليورو هناك، فبالتالى لا الدرهم ولا الجنيه هنا، أيرلندا اليوم ويونان الأمس لم تنقذهما السوق الأوروبية المشتركة ولا العملة الأوروبية الموحدة، فبالتالى النفط وقناة السويس ليستا بأبدية السلاحين الواقيين أو الغطاءين الباقيين.

لكن مرسى السفن فى بلادى تلقت دائماً ومعا بفراسة الملاّح والنوخذة، التوجيهات الصائبة من القيادات العليا، كان الوالد الشيخ زايد رحمه الله يقف بمنظار إلى ما وراء البحر، ويؤكد على الرجال قبل المال وعلى نهجه اليوم خلفه الرشيد الشيخ خليفة حفظه الله، بالتركيز على صناعة الإنسان الإماراتى المتعلّم، والتشجيع لما ينتجه هذا الإنسان بعرق جبينه من الزراعة والصناعة والتجارة قبل بورصات اليورو والدرهم والدولار.

لازلت أتذكر قبل أربعة عقود، كنا نبحث عن حبيبات البلح والرّطب اللذيذ برشفات من حليب النوق فنجدها، وإذا أشتقنا للرغيف كان يفتح الجيل الذى قبلنا باب المصنع (المطحنة) داخل خيمته، ويطالب الأولاد الأم الحنون (قومى يا أمى دوّرى الرّحى، دوّرى الرّحى)، فتُدير لهم الأم الرّحى بيديها الى ان توجل دون مولدات كهربائية وغازية على حصوتين بالطاقة البديلة.. ولم يكن ذلك البديل هو البديل، وإنما كان هو الأصل الأصيل، وجاءت رائحة النفط، فلم تحرقنا بالفساد الاقتصادى، وإنما برائحته ازدانت البلاد بالبُنى والمرافق والجامعات والمبانى الشاهقة، وبوقوده أبتعث إلى ما وراء البحر أجيال تلو أجيال للتعليم العالى بمنح مجانية، وهذا ما قصده زايد الأب المرحوم أنه يهتمّ بالرجال لا المال.. وعساكم من عواده..

كاتب إماراتى






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة