جلست باكية حزينة وظنت أنه قد خاب أملها فى ابنها الوحيد فكتبت بانفعال تشكو لباب فى الجريدة اليومية يهتم بالمشاكل الأسرية والاجتماعية، لعلها تجد عنده ما يطفئ نارها بحل مثالى!؟ وبالتالى الخروج من الأزمة، وأخرى ظلت فى مقعدها مكتئبة تراقب ابنا يحنو على أم له، وتمنت فى نفسها أن يكون هذا ابنها ثم استرعت النظر إلى أم أخرى وقفت سعيدة بين ولديها وهم يرتدون الملابس الرياضية، ويبدو الجميع سعداء، ثم تمنت أن يكون ابنها أحدهما لكنها مهمومة ترثى حال ولدها المدلل لكنه للأسف حرامى؟!
أما المشكلة فى الحالتين شكوى من ابن توفر له قدرُ لا يستهان به من ترف العيش ولكنه لص بلغة القانون حرامى فى نظر المجتمع يعرض عنه هذا وذاك، كيف يحدث ذلك ولما؟ وعند سؤال الأولى أجابت بلغة لم يغب عنها الاضطراب أو التوتر:
أنا لم أقصر معه فى شىء لم أحرمه أو حتى أعنفه، أنا كل وقتى ضاع لأجله، أنا باشتغل ليل نهار!! وعند هذه الكلمة توقف الباحث وسجل ملاحظة على الفور، ووضع علامة مميزة واستطرد يسألها: والأب يا سيدتى؟ لم تجب ثم علم أنها مطلقة وكانت بداية الخيط للباحث وسجل الملاحظة الأهم ووضع علامة مميزة أكثر ثم حاول أن يطمئن الأم وربما تنفس الصعداء، فالملاحظتان جديرتان بالدراسة؟!
لقد عدد الباحثون أسبابا مختلفة للطفل السارق فقالوا بـ:
ـ الإحساس بالحرمان كسرقة الطعام الذى يشتهيه فلا يجد نظيره فى البيت
-سرقة لعب الأطفال الآخرين لأنه محروم منها
ـ تقليد زملائه فى المدرسة فى الشارع
ـ الغيرة وإثارة التميز بين الأبناء
ـ الخوف من الاعتماد على من يطمع بهم أو يأمل فيهم خيراً حتى يلبوا طلبه فلا يجد من يلبى مما يدفعه إلا سلوك شاذ ليلبى بنفسه حاجته
ـ أو أنه مرض نفسى غلب فيه الضعف العقلى مع انخفاض الذكاء
إضافة إلى كل ما سبق هناك سبب آخر خطير، ألا وهو ألعاب العنف، والتى أفردت خططاً سهلة أمام الأطفال والمراهقين لسرقة بنك أو خزينة أو بيت أو أى شىء يمكن تخيله إثارة خطيرة لعواطف غضة تتشكل وتستجيب بسهولة لأى مثير، خاصة إن كان مغلفا باللون والصوت والحركة والأداء.. إذن نحن أمام إيحاء غير مسبوق لشياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخارف القول والفعل وتهييج المشاعر والذكاء المحرم!
التربية ثم التربية فالتربية! إن خطة التربية تبدأ منا نحن أولا قبل أن نرثى حال الأبناء ونتأزم نحن معهم ونصاب قبلهم بالاكتئاب، فهل وجهنا لأنفسنا أولا أسئلة جد مهمة:
كيف علاقتنا بالخالق؟ ما تقييمها؟ كم من العلامات أو الدرجات تعطيها لنفسك بشفافية وصدق وبعد هل مارست رعايتك لأبنائك كما يجب، فإذا اطمأننت إلى علاقتك بربك ولو بدرجة القبول ودع جانبا وجه القصور مرتفعا كان أم منخفضا، الأهم ظاهريا أداؤك للصلاة للصيام للزكاة ثم تابع ألفاظك حوارك داخل بيتك إن كنت أبا أو أما مع أبنائك.
ما هى صورة غضبك وهل تتلفظ بالطلاق فى البيت؟ والأبناء يراقبون يشاهدون ثم ما مدى انشغالك خارج البيت، سواء كنت أبا أو أما، وبرنامجك اليومى أين نصيب ابنك وابنتك منه؟؟ ثم ما رؤيتك وألعاب النت المختلفة وأولادك وسن المراهقة شارك معهم اللعب ولو بطريق الفضول بخفة بكياسة بطلاقة وجه، كى تعرف موقف الأبناء وهذه الألعاب؟ وتأكد من الدوافع لديهم هل من باب التسلية فقط وتمضية الوقت؟ أم أنها مجرد فكرة نالت الإعجاب واستحوذت عليهم؟ سجل كل ما لاحظته بدقة كن قلقا وتعامل مع القلق برصانة دون رعونة أو حماقة، بعد هذا كله إن كنت معافىٍ مما ذكر أو غالبه، قف إذن على مشكلة السرقة عند الابن، فإن كان السبب فى ما ذكر آنفـا لا تتردد فى التصحيح، فابنك كبدك اسمك شرفك سمعتك واتبع نقاطا قد تبدو عامة لكنك فى هذه اللحظات كنت تغفل عنها لا عمدا، وإنما بسبب بلاء الغفلة، وهى تتمثل فى:
* الدفء العاطفى فاقترب إلى أبنائك أكثر مما سبق لعله يكون السبب
* توضيح مساوئ السرقة وتبعاتها فاتخذ فورا دور الواعظ وإن لم تجد كلمات الواعظين
* قم ووفر الضروريات التى جعلت ولدك يلجأ للسرقة لأجلها وصارحه بحقائق الأمر وميزانية البيت دون خجل ليتعلم بدايات المسئولية وبأسلوب لا يقلقه أكثر مما هو متوقع
الزم الدعاء لأولادك إنه الشق الجوهرى والمطلوب لأنه ببساطة دعاؤك مستجاب لأن نبينا صلى الله عليه وسلم قال بهذا ونصح وقطع به من الدعاء المستجاب دعاء الوالد لولده.
إن من الحكمة وضع كل شىء فى موضعه، فضبط الانفعال وتحكيم العقل أمر بدهى ولن يتأتى إلا بتعاون بينك وبين زوجتك أم أولادك وحاضنتهم وراعيتهم فى غيابك وحضورك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة