لم يتوقع أحد أبداً أن تصل حدة الصراع والتنافس السياسى بين رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو ووزير خارجيته المتطرف أفيجدور ليبرمان إلى درجة أن يأمر ليبرمان عبر لجنة مستخدمى الخارجية، سفارة تل أبيب بالقاهرة بعدم اتخاذ أية إجراءات من شأنها تسهيل زيارة نتانياهو المقبلة لشرم الشيخ للقاء الرئيس مبارك، والطلب من سفير إسرائيل بالقاهرة يتسحاق ليفانون والمتواجد حاليا فى تل أبيب لأسباب مبهمة عدم حضور لقاءات نتانياهو فى شرم الشيخ.
حكومة كهذه قامت على أنقاض ودماء الفلسطينيين وصل الحال بقادتها السياسيين إلى نقل خلافهم الداخلى حول عدد من القضايا إلى العواصم الخارجية، ماذا تنتظرون منها؟.. هل تنتظرون منها أن تقدم على سلام ينهى الصراع العربى الإسرائيلى، بما يؤمن وجود دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحل عادل للاجئين الفلسطينيين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للجولان السورى ولبقية الأراضى اللبنانية، أعتقد أن من يظن ذلك فهو واهم، لأننا أمام نوع من الحكومات لا تستطيع أن تسير أمورها الخاصة، فكيف لها أن تتحمل مسئولية قرار قد يؤدى فى النهاية إلى الإطاحة بها، لأنها فى الأساس حكومة ضعيفة، ولدت من رحم تفاهمات سياسية غير شرعية جمعت بين المتناقضات السياسية، التى أوصلت فى النهاية شخصية متطرفة مثل ليبرمان إلى سدنة الخارجية الإسرائيلية.
حكومة نتانياهو التى يرى الخبراء أن أيامها معدودة، لن تجرؤ على أن تتخذ قرار السلام، وهو ما يظهر من التصريحات المتضاربة الصادرة عن رئيسها نتانياهو الذى يتفنن يوميا فى إخراج أشكال جديدة للسلام يراها من وجه نظره القاصرة، أنها الحل لازمة المفاوضات المتعثرة، فأحياناً نراه يتحدث عن الحلول المؤقتة، وبعدها عن السلام المرحلى، وقبلها يصدم، وربما بناء على اتفاق، الراعى الأمريكى للسلام برفضه لشرط التوقف عن بناء المستوطنات غير الشرعية فى الأراضى الفلسطينية، فنتانياهو يريد أن يتلاعب بالجميع حتى لا يتحمل استحقاقات السلام ويتهرب منها.
المحصلة النهائية أننا أمام حكومة مفككة ومهلهلة لها أكثر من رأس أفعى تبث سمومها فى كافة الاتجاهات، تحتاج إلى نوع خاص من التعامل يقوم على اليقظة التامة، وتحديد أولوياتنا كعرب وتصدير هذه الأولويات للعالم حتى لا يكون الصوت الإسرائيلى هو فقط المسموع، لأنه حتى فى ظل التفكك الذى تعيش حكومة نتانياهو الآن، فأنها تظل هى الرابحة طالما أن مواقفنا هى الأخرى مهلهلة وموزعة بين العواصم العربية، وفقاً لرؤية كل عاصمة لمصالحها الخاصة، وأعتقد إن الحل الأجدى الآن ان يصطف العرب على الموقف الذى أعلنته مصر وهو نهاية الطريق، أى أنه لا يجب تضيع الوقت فى النظر إلى أمور جانبية، وإنما ينبغى التركيز من البداية على مراحل الاتفاق النهائية، من خلال وضع الحدود النهائية للدولة الفلسطينية وحل قضايا الأمن واللاجئين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة